( 54 ) مدار الأفكار
هلا فبراير
يقول الشاعر العربي :
بلادي هواها في لساني وفي دمي=يمجدها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خير فيمن لا يحب بلاده= ولا في حليف الحب إن لم يتيّم
إن الاحتفالات الثقافية والاجتماعية والسياحية أصبحت ظاهرة عالمية،
ويطلق عليها عادة لفظ «مهرجان»، فنجد المهرجان الخطابي والمسرحي والسينمائي والسياحي
والفني والموسيقى وغيرها كثير، وقد عمت هذه الظاهرة جميع الأقطار العربية، ومنها دول الخليج التي
أصبح لكل منها مهرجان تستقطب فيه الفعاليات الثقافية أو السياحية، وأبرزها: مهرجان الجنادرية،
وعسير وأبها وحائل وجدة والقصيم، ومسقط وصلالة، والدوحة وأبوظبي ودبي وهلا فبراير وغيرها.
ومن المعروف أن لفظة مهرجان ليست عربية ولكن لكثرة استعمالاتها يبدو أنها أضحت من المفردات
التي توضع تحت اسم «معرّبة»، وقد حاولت بعض الفعاليات الثقافية استخدام مفردات أخرى لكنها ما
لبثت أن عادت إلى مفردة «مهرجان»، وإذا عدنا إلى الموسوعات اللغوية العربية - كما يقول محمد
قاسم الخليل - مثل الصحاح ولسان العرب لا نجد ذكرا لمفردة مهرجان مع أنها كانت معروفة عند
العرب قديما. ويذكر كثير من الباحثين أن مهرجان لفظة فارسية الأصل، وأول ما ظهرت في عهد الملك
العادل أفريدون الذي قتل الضحاك، بعد أن عاش ألف سنة في جور وعتو وطغيان وفق ما جاء تفصيل
ذلك في تاريخ الطبري وغيره، وكما يقول الشاعر:
كأنه الضحاك في فتاكته= بالعالمين وأنت أفريدون
وقد سمي اليوم الذي ظفر فيه أفريدون «المهرجان»، وهي لفظة مؤلفة من مقطعين: المهر : ويعني
الوفاء، وجان : ويعني سلطان، فيكون معناها (الوفاء للسلطان)، وقيل إنها تعني الاحتفال العظيم
وترمز إلى كل ما أقيم ابتهاجاً بحادث سعيد، أو إحياء لذكرى عزيزة، وكان سبيل الملك في ذلك سبيله
في النيروز الذي يعني اليوم الجديد وهو أول أيام السنة الفارسية، ويُعد أعْظم أعياد الفرس. ويفصل
المسعودي في موسوعته التاريخية «مروج الذهب ومعادن الجوهر» سر تسمية المهرجان فيقول
في الجزء الثاني: «وتشرين الأول واحد وثلاثون يوما وفيه يكون المهرجان، وبين النيروز
والمهرجان مائة وتسعون يوما، وعند الفرس معنى المهرجان أنه كان عندهم في قديم الزمان ملك عم
ظلمه خواص الناس وعوامهم وكان يسمى مهر، وكانت الشهور تسمى بأسماء الملوك فقيل مهر ماه،
ومعناه هو الشهر، وإن ذلك الملك طال عمره واشتدت وطأته، فمات في النصف من هذا الشهر، فسمي
ذلك اليوم الذي مات فيه مهرجان وتفسيره مهر ذهبت، لأن الفرس تقدم في لغتها ما تؤخره العرب».
وقد اتسع في هذه الأيام معنى المهرجان والفعاليات المتعددة التي تنضوي تحت اسمه، وتخطى الحيز
الثقافي ليرتبط باحتفالات الأوطان، ويعد مهرجان الكويت الوطني «هلا فبراير» الذي يقام سنويا في
شهر فبراير منذ انطلاقته الأولى عام 1999 أبرز مهرجان شامل في البلاد، ويعود اختيار
اسم «هلا فبراير» وشهر فبراير تحديداً للاحتفال بالمهرجان إلى وقوع يومي الاستقلال والتحرير في
هذا الشهر «25 و26 فبراير»، وبذلك يكون المهرجان مكملاً للأفراح والبهجة بالأيام الوطنية.
بالإضافة إلى اعتدال وجمال حالة الطقس في شهر فبراير، مما يجعله شهراً مناسباً للكرنفالات
والاحتفالات والأنشطة الخارجية المصاحبة للمهرجان، وبالرغم من إخفاقات أمسيات فبراير الشعرية
المتكررة في كل عام إلا أن للمهرجان دورا مشهودا في تأكيد التواصل الثقافي والاجتماعي وربط
الأواصر بين أبناء الخليج.
يا كويت يا رمز الوفاء دار الأحرار= يا درة الأوطان يـا منبـع الخيـر
يا حل فبرايـر لنـا معـه تذكـار=يوم الوطن ويعانقه يـوم تحريـر
عسى بدار العـزّ تـزداد الأنـوار= نور ٍ على نور وسرور وتباشيـر