(267) مدار الأفكار
شهر الخير
يقول الشاعر :
رمضان أقبل يا أولي الألباب = فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة = فتنبهوا فالعمر ظل سحاب
لاشك أن شهر رمضان موسم عظيم جعله الله ميدانا للتنافس في الطاعات والتسابق إلى فعل الخيرات وزيادة
الأجر والحسنات ,فهو شهر الصيام والقيام,والاجتهاد في أعمال الخير وتلاوة القرآن,قال تعالى : ( شهر
رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان
مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) ( البقرة : 185 ) ومن فضائله إنه تفتح فيه أبواب الجنان ,وتغلق
فيه أبواب النيران ,وتصفد فيه الشياطين ومردة الجان ,ومن صامه وقامه محتسبا الأجر والثواب من عند
الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه ,فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه , ومن قام رمضان إيمانا
واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه , ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر )
ويقول الشيخ الشيخ محمد عبد الله الخطيب : ( رمضان جامعة الإسلام الكبرى ,يقبل رمضان من كل عام
فينساب في قلوب المؤمنين نور,وتتجدد في نفوسهم مشاعر وتحيى آمال,إنه يذكرهم برسالته الخالدة ويبين لهم
حاجة البشرية إليهم,ما هي أهم وأولى من حاجتهم إلى الهواء والغذاء والكساء والدواء ,ولن تتقدم البشرية أو
يروى ظمأها اكتشاف المناجم أو آبار البترول أو قوى الذرة ووسائل الحضارة,فوائد الصوم ( ,ويقول أمير
الشعراء أحمد شوقي: (الصوم حرمان مشروع,وتأديب بالجوع ,وخشوع لله وخضوع, لكل فريضة حكمة,
وهذا الحكم ظاهره العذاب وباطنه الرحمة ،يستثير الشفقة ويحض على الصدقة,ويكسر الكبر ,ويعلم الصبر ,
ويسن خلال البر, حتى إذا جاع من ألف الشبع,وحرم المترف أسباب المتع عرف الحرمان كيف يقع , وألم
الجوع إذا لذع) ,فهو شهر الخير والعمل والإحسان ,شهر التقوى والفضائل والإيمان , شهر التهجد والتراويح
والغفران , شهر العبادات وتلاوة القرآن, وصوم رمضان من فرائض دين الله الواجبة , وأمانته التي ائتمن
عباده عليها , وأمرهم برعايتها,وهو سرّ بين العبد وربه لا يطلع عليه الإ هو سبحانه,وقد اختار الله تعالى
من الشهور رمضان وجعل صيامه أفضل الصيام ,وهو أحد أركان الإسلام , وبلوغ هذا الشهر وصيامه نعمة
عظيمة ومنّة كبيرة,ومن خلال الصيام يتم كسر شهوات النفس من الشبع والري ومعاشرة النساء,كما أن
الصوم سبيل لإزالة قساوة القلب وغلظه وطريق لترقيقه,وليونته فتزكو تبعا لذلك النفوس وتشعر بحلاوة
العبادة ,إضافة إلى انه ينمي الشعور بحال الفقراء والعطف والحنو عليهم,ويساعد كذلك على تقوى الله
تعالى التي هي اسم جامع لكل ما يتقى به النار من فعل المأثورات,واجتناب المنهيات,ونسأل الله العلي
العظيم في هذا الشهر الكريم أن يضيء بصيرتنا ويحرك إلى فعل الخير نفوسنا ويبعدها عن الشر ويطلقها من
أسر سيء العادات,ويحررها من رق الشهوات,وأن يهدينا إلى سبل السداد,وطرق الخير والرشاد,وأن يجعله
شفيعا لنا ومكفرا لذنوبنا وأن نكون من عتقاء هذا الشهر الفضيل,وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا
كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب
وصفدت الشياطين وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل,ويا باغي الشر أقصر,ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة)
فينبغي على المؤمن أن ينتهز هذه الفرصة وهي ما منّ الله به عليه من إدراك شهر رمضان فيسارع إلى
الطاعات,والاجتهاد في الصلوات وعمل الخيرات.
حييت يا شهر التسابيح والصوم= يا حافل ٍ بأمجاد في عز ّ الإسلام
شهر النصر والعز والفتح معلوم= وأمجاد تذكر في منارات الأيام
شهر ٍ بروح الخير والنور مأسوم= شهر الفضايل والتراويح وقيام
شهر التجارة والتوافيق بالسوم = ويزيد به بين الورى وصل الأرحام
يا الله عسى ما بيننا حي ّ محروم=من أجر القيام وبرّ الأيتام وصيام