( 28 ) مدار الأفكار
تقاطع الموت
يقول الشاعر العربي :
لنا في كل منعـطفٍ مآسٍ = يشيبٌ لهولها رأسُ الصغير
فكم من أسرة نكبت وكانت = تعيـش بكد عائلها الكبير
إن الحياة هبة الله سبحانه وتعالى، وقد أمر - جلّ وعلا - بالمحافظة عليها وتجنب أسباب هلاكها، حيث قال
تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما» (النساء:29)، وقال تعالى: «ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة» (البقرة195( , فقد نهى تبارك وتعالى عن قتل النفس بغير الحق واعتبر ذلك من اكبر الكبائر
الموجبة لغضب الله وشديد عقابه، وأثنى سبحانه على الذين يجتنبون هذه الجريمة العظيمة، وتوعَّد من
يفعلها باللعنة والغضب والعذاب العظيم والخلود في نار جهنم، فقال عز من قائل: «ومن يقتل مؤمنا متعمدا
فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنة وأعد له عذابا عظيما» (النساء: 93)، فأي تهديد ووعيد
بعد هذا؟! وكل ذلك لأن المسلم له مكانة عند الله تعالى ودمه هو أغلى الدماء التي يجب أن تُصان وأن
يُغضب لإراقتها، ولقد بيّنت الشريعة الإسلامية حرمة المسلم ومكانته عندها، حيث صح عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - انه قال: والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا( ، وفي رواية أخرى:
«لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم»، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:«اكبر الكبائر
: الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور»، فهذه مكانة المسلم عند الله تعالى، كما أن
قوانين وأنظمة الدول وضعت للحفاظ على الأرواح والحد من الحوادث التي تسبب القتل والوفيات، ومنها
فتوى العلامة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله - والتي يقول فيها : (إن تجاوز السرعة المحددة، أو قطع
إشارة المرور لا يجوز، لأن فيها مخالفة لولي الأمر فيما فيه مصلحة للمسلمين، وإذا كانت السرعة محددة
من قبل الجهات المتخصصة، فيجب التقيد بذلك وفق الإمكان - أما بالنسبة إلى قطع الإشارة: فأرى انه لا
يجوز قطع الإشارة، لأن الله تعالى قال: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم»
(النساء: 59)، وولاة الأمر إذا وضعوا علامات تقول للإنسان «قف»، وعلامات تقول للإنسان «سر»، فهذه
الإشارات بمنزلة القول، يعني كأن ولي الأمر يقول لك: قف أو يقول: سر، وولي الأمر واجب الطاعة، ولا
فرق بين أن تكون الخطوط الأخرى خالية أو فيها من يحتاج إلى أن يفتح له الخط، لأن هذه الإشارات ليست
للتنظيم ولكنها للإيقاف والحجز، وإذا كان كذلك فهذا أمر بالإيقاف وليس المعنى قف أن كانت الأخرى
مشغولة، بل المعنى قف نهائيا، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يتجاوز، ثم انه قد يرى الإنسان أن الخطوط
الأخرى غير مشغولة، فإذا بإنسان أتى مسرعا ليتدارك الإشارة التي ترخص له بالسير، فيحصل الحادث كما
وقع هذا بالفعل، لذلك نرى أن الواجب الوقوف، والمسألة والحمد لله لا تعدو ثلاث دقائق ثم ينفتح الخط ) ,
ولكن في تقاطع شارع ( المهدي مع النجاشي) في منطقة تيماء بالجهراء أو ( تقاطع الموت) كما يسميه
الأهالي أصبح حصاد الأرواح وتكرار الحوادث فيه منظرا مألوفا ومعتادا، خاصة أمام مسجد الشعبي، لاسيما
في ليالي رمضان المبارك، حيث تقام صلاة التراويح والقيام، فقد تعرض الكثير من المصلين (من الشيوخ
والنساء والأطفال) لحوادث قاتلة خلال الأعوام الفائتة، منها ما هو ناجم عن السرعة الزائدة، وكذلك تجاوز
الإشارة الضوئية، نتمنى على جهات الاختصاص وضع مطبات اصطناعية على جهتي الطريق المقابلة
للمسجد حتى يضطر قائدو السيارات إلى تخفيف السرعة وعدم قطع الإشارة، وبالتالي تمكين رواد المسجد
من عبور الطريق بعيدا عن مخاطر الحوادث وترويع عباد الله .
في شـارع المهـدي طلبنـا مطبـات= (علّ وعسى) به مسلم يسمع الصـوت
كـم حـادثٍ شفنـا وسبـب وفيـات= وين أنت يا المسؤول عن شارع الموت
* عبد العزيز الفدغوش
الأربعاء, 15 - أكتوبر - 2008