(26 ) مدار الأفكار
شهر الخير
يقول الشاعر:
رمضان أقبل يا أولي الألباب = فاستقبلوه بعد طول غياب
عام مضى من عمرنا في غفلة = فتنبهوا فالعمر ظل سحاب
لا شك في إن شهر رمضان موسم عظيم جعله الله ميدانا للتنافس في الطاعات
والتسابق إلى فعل الخيرات وزيادة الأجر والحسنات، فهو شهر الصيام والقيام، والاجتهاد في أعمال
الخير وتلاوة القرآن، قال تعالى: «شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى
والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر» (البقرة:
185) ومن فضائله انه تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، وتصفد فيه الشياطين ومردة
الجان، ومن صامه وأقامه محتسبا الأجر والثواب من عند الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه فقد ثبت
في الصحيحين عن أبي هريرة- رضي الله عنه- إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام
رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم
من ذنبه وما تأخر» فهو شهر الخير والعمل والإحسان، شهر التقوى والفضائل والإيمان، شهر التهجد
والتراويح والغفران، شهر العبادات وتلاوة القرآن، وصوم رمضان من فرائض دين الله الواجبة، وأمانته
التي ائتمن عباده عليها، وأمرهم برعايتها، وهو سر بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا هو سبحانه،
وقد اختار الله تعالى من الشهور رمضان، وجعل صيامه أفضل الصيام، وهو أحد أركان الإسلام، وبلوغ
هذا الشهر وصيامه نعمة عظيمة ومنة كبيرة، ومن خلال الصيام يتم كسر شهوات النفس من
الشبع والري ومعاشرة النساء، كما إن الصوم سبيل لإزالة قساوة القلب وغلظته وطريق لترقيقه
وليونته فتزكو تبعا لذلك النفوس، وتشعر بحلاوة العبادة، إضافة إلى انه ينمي الشعور بحال الفقراء
والعطف والحنو عليهم، وساعد كذلك على تقوى الله تعالى التي هي اسم جامع لكل ما يتقي به
النار من فعل المأثورات، واجتناب المنهيات، ونسأل الله العلي العظيم في هذا الشهر الكريم إن
يضيء بصيرتنا، ويحرك إلى فعل الخير نفوسنا ويبعدها عن الشر ويطلقها من اسر سيئ العادات،
ويحررها من رق الشهوات، وأن يهدينا إلى سبل السداد، وطرق الخير والرشاد، وان يجعله شفيعا
لنا ومفكرا لذنوبنا، وان نكون من عتقاء هذا الشهر الفضيل، وكما يقول النبي صلى الله عليه
وسلم: «إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وغلقت أبواب جهنم
فلم يفتح منها باب وصفدت الشياطين وينادي مناد: يا باغي الخير اقبل، ويا باغي الشر اقصر ولله
عتقاء من النار، وذلك كل ليلة» فينبغي على المؤمن أن ينتهز هذه الفرصة، وهي مأمن الله به عليه
من إدراك شهر رمضان فيسارع إلى الطاعات، والاجتهاد في الصلوات وعمل الخيرات.
حييت يا شهر التسابيح والصوم= يا حافل ٍ بأمجاد في عزّ الإسلام
شهرٍ بروح الخير والنور مأسوم= شهر الفضايل والتراويح وقيـام
عبدالعزيز الفدغوش
الأحد, 31 - أغسطس - 2008