(256) مدار الأفكار
أمير الحكمة
يقول الشاعر العربي :
يظلّ بالإصلاح مغرىً كلّما=وجدَ السبيلَ إلى صلاح ٍ سارا
حتى كأنَّ عليه عهداً للعلا =أن يُصْلحَ الأخلاقَ والأفكارا
إن الحكمة نور للقلوب,واستشراف للمستقبل ومعرفة مسالك الدروب,وتعني كما يقول أربابها اكتساب العلم من
التعلم أو من التجارب,وقيل هي خلاصة تجارب الماضي والحاضر,وعصارة خبرات حياتية,وإفراز للحوادث
والنوازل والهام بعد تفكير وتدبر,ونتيجة قناعة لا تتغير,قال الحق سبحانه وتعالى: (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء
وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) [البقرة:269]. وقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا
لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)[لقمان:12], وقال
سبحانه : (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[النحل:125] , وقال النبي
صلى الله عليه وسلم : (الحكمة ضالة المؤمن يأخذها ممن سمعها ولا يبالي من أي وعاء خرجت) ,وقال أيضا:
(خذوا الحكمة ولو من ألسنة المشركين ) ,وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إن الحكمة هي
ضالة المؤمن,فخذوا الحكمة ولو من أهل النفاق) ,وقال أرسطو: (الحكمة رأس العلوم والأدب والفن,وهي
تلقيح الأفهام ونتائج الأذهان) ,ويقول أفلاطون: (الفضائل الأربعة: هي الحكمة,العدالة,الشجاعة, الاعتدال) ,
ويقول هيجل: (الحكمة هي أعلى المراتب التي يمكن أن يتوصل إليها الإنسان فبعد أن تكتمل المعرفة ويصل
التاريخ إلى قمته تحصل الحكمة,وبالتالي فالحكيم أعلى شأنًا من الفيلسوف, والحكمة هي المرحلة التالية
والأخيرة بعد الفلسفة,إنها ذروة الذرى وغاية الغايات وهنيئًا لمن يتوصل إلى الحكمة والرزانة) ,ويقول أحد
الحكماء: (الرؤوس تكون أكثر حكمة إن كانت هادئة,والقلوب تكون أكثر قوة إن نبضت تعاطفاً مع القضايا
النبيلة) ,ويقول الشاعر العربي: ( فخذوا العلم على أربابه*واطلبوا الحكمة عند الحكماء) ,ويقول الشاعر
النابغة الجعدي : ( ولا خير في حلم إذا لم يكن له*.بوادر تحمي صفوه أن يتكدرا,ولا خير في جهل إذا لم يكن
له*حكيم إذا ما أورد الأمر أصدرا) ,وللحكمة في دين الله مكانة عظيمة,وتضفي على الأقوال والأفعال قدر
وقيمة,فالحكمة هي العقل والفقه وإتقان العلم والعمل,وهي النظر في المآل,والقراءة الموفقة لمستقبل الأحوال,
وهي سرعة الجواب بالصواب,ومثالية السلوك والقرار,وتشمل كما يقال جودة التفكير,ودقة التعبير,وسلامة
التدبير,فهي مفتاح كل الفضائل,وقد تجلت الحكمة في أبهى صورها وأسمى معانيها في النطق السامي الذي
تفضل به حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه,
حيث وجه سموه مساء يوم الأربعاء الماضي ( 15 يونيو 2011م ) كلمة إلى أبنائه المواطنين والمقيمين
مؤكدا من خلالها إيمانه الراسخ بالنهج الديمقراطي,وعدم قبول أي بديل عنه,وأن الحرية هي طريق البناء
والعمل والانجاز,وقال سموه: ( قد تجاوزت ممارسات البعض الحدود والضوابط التي وضعها الدستور لحماية
الديمقراطية وانزلق البعض إلى محاولات تكريس ثقافة غريبة على مجتمعنا قوامها الخروج عن القيم الكويتية
الفاضلة المعهودة وانحدار لغة الحوار والتخاطب وانتهاك الدستور والقانون وتجاوز ضوابط الحرية وحدودها
لتطال حرية الآخرين والمساس بكراماتهم والإساءة إلى دول شقيقة وصديقة,ونبه سموه حفظه الله ورعاه إلى
انه لم يعد المجال يسمح بالمزيد من الفوضى والانفلات والمشاحنات التي تهدد امن الوطن ومقدراته
ومكتسباته) ,وعن التوجيهات السامية التي حملها خطاب سمو أمير البلاد المفدى قال رئيس مجلس الأمة جاسم
الخرافي : (كنا في اشد الحاجة لهذه الكلمات خصوصا في مثل هذه الظروف التي نمر بها,وخطاب سمو
الأمير يؤكد قربه وتلمسه الأحداث الخطيرة التي نمر بها وحرص سموه على تعزيز الوحدة الوطنية وتنبيه
أبناء بلده بضرورة التعاضد والحرص على الكويت واستقرارها وأمنها) ,وقال نائب رئيس مجلس الوزراء
للشؤون القانونية وزير العدل وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتور محمد العفاسي: ( إن خطاب سمو
أمير البلاد,وضع النقاط على الحروف وبين كل شيء بشكل شفاف وواضح,واللبيب من اعتبر,وإن أي أنشطة
سواء مظاهرات أو رؤى أخرى يجب أن تكون ضمن الأطر الدستورية والقانونية) ,ومن مضامين كلمة سموه
تستلهم الدروس والعبر فهي خارطة طريق ونبراس ومنهج حياة,وفيها وضع للأمور في نصابها,وتجسيد
للحكمة والحنكة وتعزيز الوحدة الوطنية وحماية الدستور,وترسيخ مبدأ الديمقراطية والحرية المسؤولة,وبث
روح الأمل والتفاؤل وتوجيه الجهود نحو مصلحة الوطن,ونبذ الفرقة والفوضى ومظاهر الشحن والخروج
عن أطر القانون,نسأل الله أن يحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه وأن يضفي عليها نعيم الأمان والإيمان.
يا أمير يا رمز المكارم والأنفال = يا حبّ شعبك يا حفيد المشاكيل
يا قارن الأقوال في طيب الأفعال =ونظرة سموك ثاقبة للمقابيل
جسدت للآمال يا طيّب الفال = وفي نطقك السامي منارات للجيل
في كلمتك تجسيد منهج للأجيال = وفيها عبر ودروس عن ظلمة الميل
فيك الوطن يا طيّب الذات يختال = يا من لنا في داجي الليل قنديل