( 22 ) مدار الأفكار
سجال البنغال
يقول الشاعر العربي :
يزين الغريبَ إذا ما اغتربْ = ثلاث فمنهن حُسنُ الأدب
وثانيـه حُســن أخــلاقه =وثـالثه اجـتناب الريب
في محيط مستقر ترفرف فوقه أجنحة الأمن والرخاء والطمأنينة، ويسوده العدل والسلام والوئام في وسط
خليجي غير معتاد على رؤية حشود التظاهرات، وما يصاحبها من أعمال شغب وعنف وتدمير، خرجت جالية
عربية اثر نكسة العرب في حرب يونيو 1967، وهي تجوب الشوارع وتشعل الحرائق وتطالب بتحرير
فلسطين ودحر الأعداء، وتردد في مسيرتها الغاضبة الشعارات المعتادة في ستينات القرن الماضي مثل (رمي
إسرائيل في البحر، وتحرير فلسطين من البر إلى البحر، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وبلاد العرب
أوطاني، ومن المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، ووحدة لا يغلبها غلاب)، وغيرها من الخطب والعبارات
والشعارات الرنانة التي اثبت الزمن عدم فاعليتها وجدواها، وفي أثناء اندفاع التظاهرات وانتشارها في كثير
من المدن والقرى الخليجية جاءت التعليمات العليا بضرورة الحزم، وحفظ الأمن وتفعيل روح القانون وفرض
هيبة الدولة، ونتيجة لذلك جاء الأمر بتأمين وسائل النقل الكافية. فكانت (القلابات) أحدث وأسهل وسيلة
لترحيل جميع المشاركين بالتظاهرة وإبعادهم إلى منفذ بلادهم الحدودي، ليكون باستطاعتهم الانطلاق من
وطنهم وتحقيق مرادهم،حيث أن أراضي بلادهم قريبة من حدود الكيان الإسرائيلي العدو اللدود الذي
سُيرت التظاهرة للقضاء عليه، وقد يساهم وجودهم وحماسهم وتلاحمهم مع أبناء شعبهم في تحقيق النصر
وطرد العدو وفقا للشعارات التي تم ترديدها، وقد كانت تظاهرتهم الموسومة بـ «لا للنكبة» أول وآخر تظاهرة
تشهدها تلك الدولة الخليجية التي مازالت تنعم بالأمن والاستقرار، بفضل الله سبحانه
وتعالى، ثم حكمة وحنكة ولاة الأمر فيها.
لقد تذكرت هذه الحادثة، التي رواها لي أحد الأصدقاء بصفته أحد المشاركين في عملية النقل إلى المراكز
الحدودية، وذلك عندما تناقلت وكالات الأنباء والفضائيات والصحف ووسائل الإعلام الأخرى أحداث التظاهرة
التي قامت بها العمالة البنغالية في البلاد والتي شارك فيها أكثر من 10 آلاف عامل بنغالي، حيث قاموا
بأعمال شغب واعتداءات بالضرب، وإتلاف الكثير من المباني والمحال التجارية، وتحطيم سيارات الدوريات
والمركبات المدنية المتوقفة، وكل ذلك بحجة المطالبة بتعديل رواتبهم ونبذ استغلال الشركات التي لم تلتزم –
وفق قولهم - بالعقود الموقعة معهم.
وجاءت التظاهرات على الرغم من اجتماع السفير البنغالي بممثلي عمال النظافة في المستشفيات والوزارات،
بعد ورود أنباء عن قيام تلك العمالة بالإضراب الذي سبب شللا تاما في كل الوزارات والدواوين الحكومية،
وكذلك قطاعات البلدية المختلفة. ومهما تكن الدوافع والحجج فإن التخريب والمساس بأمن البلاد أمر
مرفوض وغير مقبول من جميع شرائح وأطياف المواطنين والوافدين، وكما يقول الدكتور محمد العوضي:
«إن المواطن المخلص والسوي يثور ويسخط على ما حصل من تخريب قامت به العمالة الوافدة»، وكل
المطالب والحقوق تتم وفق القنوات القانونية، وبعيدا عن الإساءة إلى سمعة الكويت في الخارج، وأي خضوع
وتنفيذ لمطالب العمالة التي قامت بالإضراب سيؤدي حتما إلى تكرار العمل من قبلها ويشجع جاليات أخرى
للسير على نفس المنوال.
مهما حصل يا دار تبقيـن نبـراس=وفيك الأمان وعز الإنسان مغروس
لك الوفـاء والحـب مبني على ساس = واليا ذكرتي بالدول نـرفع الرووس
عبد العزيز الفدغوش
الأحد, 10 - أغسطس - 2008