(255) مدار الأفكار
هلال الاستقلال
يقول الشاعر العربي :
وَطَني الكُوَيْتَ بِذِكْرِهِ أَشْدوا =وَلِحُبِّهِ يَتَجَدَّدُ العَهْدُ
وَطَن ٌ سَما فَالمَجْدُ رايَتُهُ =والخَيْرُ في أَرْجائه مَدُّ
في تاريخ الأمم وسجل الأزمان,أيام خالدة تشهد على مواقف الشموخ ومجد الأوطان,فهي حاضرة في
ذاكرة الشعوب والأذهان,وتستوطن قلوب الأجيال والوجدان,ومن تلك الأيام يوم التاسع عشر من يونيو الذي
يعد علامة مضيئة في تاريخ الكويت ويرمز إلى تحقيق الإرادة,واكتمال الاستقلال والسيادة,ففي 19 من شهر
يونيو عام 1961م,وفي عهد حاكم الكويت الـ ( 11 ) المغفور له الشيخ عبد الله السالم الصباح الذي امتدت
فترة حكمه من عام (1950م إلى عام 1965م ) ,تم إلغاء معاهدة 23 يناير1899م المعقودة بين الكويت
وبريطانيا,وأعلن استقلال الكويت استقلالا تاما لتصبح "دولة مستقلة ذات سيادة كاملة "وفي تلك المناسبة قال
سموه رحمه الله وطيب ثراه: ( في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة أخرى من مراحل التاريخ,
ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله,وما انطوت عليه لنفتح صفحة جديدة تتمثل في
هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة,وإننا نرجو و نحن على أبواب عهد
جديد أن تبدأ الكويت انطلاقتها بتقوية أواصر الصداقة والأخوة مع شقيقاتها الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة
وغيرها من المنظمات التي تعمل لخير العالم وأمنه و سلامه كلما كان ذلك في الإمكان ) ,وقال الشاعر: (إن
الكويت استكمل استقلاله وأقرَّه ,وغدا يشيِّد فوق هام الفرقدين مقره),وفي 20 يوليو من عام 1961م انضمت
الكويت إلى الجامعة العربية لتساهم بالتضامن مع الدول العربية الشقيقة في كل ما يعود بالخير والتقدم للأمة
العربية,ونفس العام صدر القانون رقم 26 لسنة 1961م بشأن العلم الوطني لدولة الكويت والذي استوحيت
ألوانه من بيت شعر عربي للشاعر صفي الدين الحلي وهو: ( بيض صنائعنا خضر مرابعنا*سود وقائعنا حمر
مواضينا),وفي 26 أغسطس عام 1961م صدر مرسوما أميريا يدعو إلى إجراء انتخابات عامة لمجلس
تأسيسي يتولى عند تأليفه إعداد دستور للبلاد,وبعد إجراء انتخابات أعضاء المجلس التأسيسي الذي عقدت
أولى جلساته في 20 يناير 1962م وخلال تسعة أشهر أنجز المجلس مشروع دستور دولة الكويت الذي يتكون
من 183 مادة وقدمه إلى سمو الشيخ عبد الله السالم الذي صادق عليه وأصدره في 11 نوفمبر 1962م ,وبه
تحدد بأن نظام الحكم في الكويت ديمقراطي,والسيادة فيه للأمة وهي مصدر السلطات جميعًا,وأن الكويت إمارة
وراثية في ذرية المغفور له الشيخ مبارك الصباح) ,وعن الدستور قال أحد الشعراء: ( فأنت دستورنا بل أنت
رائدنا*صاغتك نورا عقول القوم والفكر ) ,وفي14 من شهر مايو عام 1963م وبإجماع الأصوات تم قبول
دولة الكويت عضوا عاملا وفاعلا في منظمة الأمم المتحدة لتكون العضو الـ (111) في أسرة المجتمع
الدولي,ليتم رفع علم الكويت خفاقا بين أعلام الدول الأعضاء وفي تلك المناسبة صعد سمو أمير البلاد المفدى
الشيخ صباح الأحمد الصباح والذي كان حينها يشغل منصب وزير الخارجية وقال في خطابه أمام الجمعية
العامة للأمم المتحدة: (إن شعب الكويت فخور بانضمامه إلى هيئة الأمم المتحدة وواثق من تجاوبها في النهاية
مع أماني الشعوب ومؤمن بحتمية انتصار الحق إيمانه بالله ) ,وفي ذات المناسبة قال الشاعر عبد الله سنان :
(حزت نصرا يا كويت العرب*وتسامى شعبك الحر الأبي,وسمت أعلامنا خفاقة*فوق هامات النجوم الشهب,
صافحي العلياء بالكف اليمين*وارفعي اليسرى لآساد العرين,واهتفي للعز والنصر المبين*وافعلي للمجد كل
العجب) ,وتعبيراًََ عن الشعور بالمسؤولية في المجال الدولي فقد حرصت الكويت على أن تكون مشاركتها
فاعلة في المنظمات الدولية والوكالات واللجان المتخصصة و كانت دائماًَ مثلاًَ للإيفاء بكل الالتزامات المترتبة
على تلك الفاعلية,ومنذ عام 1963م والكويت تسعى لمساندة كل ما يدعم هذه الهيئة الدولية وتساهم مساهمة
فعالة في غالبية منظماتها ووكالاتها المتخصصة واستطاعت خلال مسيرتها الدولية أن تكسب ثقة وتأييد
الأغلبية الساحقة من أعضاء المنظمة العالمية,ويعد تاريخ الاستقلال بداية مرحلة جديدة لدخول الكويت ضمن
بلدان المجتمع الدولي وفق سياسة كويتية خاصة أركانها السعي إلى السلام وتحقيق التعاون مع مختلف دول
العالم ضمن إطار علاقات الأخوة والصداقة بين الدول والشعوب,ومنذ فجر الاستقلال وشمس حزيران تسمو
بنا لفضاء العصرية والعطاء,والحرية والبناء,وفي الذكرى الـ ( 50 ) ليوم الاستقلال نسأل الله العلي العظيم
أن يحفظ الكويت وشعبها من كل مكروه,وأن يضفي على بلادنا وسائر دول مجلس التعاون الخليجي وبلاد
المسلمين نعيم الأمان والاستقرار والرخاء والازدهار.
تسعة عشر من شهر ستة حزيران= يوم ٍ لنا مشهود بين البلادين
في موجبه تمت مواثيق وإعلان=لعهد ٍ جديد ٍ بالوطن يبهج العين
رفرف علمنا بالأمم بين الأوطان = وعانق سماء الأمجاد رغم المعادين
حازت كويت العز للنصر وكدان = وعم الرخاء فيها جميع الميادين
دار الفخر والعز وآيات الإحسان = ويرجح لها في كل مجد ٍ موازين