(254) مدار الأفكار
تقدير القوارير
يقول الشاعر العربي :
الاُم اُستاذ الأستاذة الاُولى = شغلت مآثرها مدى الآفاق
الأم روض إن تعهّده الحيا = بالريّ أورق أيما ايراق
إن الإسلام كرم المرأة تكريماً عظيما ليس له نظيرا في شرائع الحضارات القديمة,ولا في القوانين الوضعية
الحديثة,فقد رفع من شأنها وحفظ كرامتها باعتبارها عضوا فاعلا ونافعا في المجتمع وإنسانا يحظى بالاحترام
والتفضيل والتكريم, قال المولى سبحانه وتعالى: ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من
الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )[ الإسراء : 70 ] , وقال عز وجل : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا
رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1] ,وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً
لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )[ الروم:21],وقد أوصى الإسلام
باحترام المرأة ورعايتها والحرص على مشاعرها فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( استوصوا بالنساء خيراً)
,وقال صلى الله عليه وسلم: ( خيركم خيركم لأهله,وأنا خيركم لأهلي ) ,وقال أيضا: ( إنما النساء شقائق الرجال
) ,وقال عليه الصلاة والسلام: ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) ,ولأن العرب تكني عن النساء
بالقوارير لتميزهن بالرقة والشفافية شكلا ومضمونا,فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( رفقا بالقوارير)
حيث شبه النساء بقوارير الزجاج لسهولة كسرهن, أي ضعف النفس وقلة الحيلة ورقة قلوبهن,وقيل أنه خشى
عليهن الفتنة عند سماع الحداء الحسن,وتحظى المرأة ( بنتاً وأختا وزوجة ًوأمَّا) في ظل الإسلام بمكانة رفيعة
ومنزلة عالية فقد أكرمها الله, وأعزها في كل المجالات, وحذر من الإساءة إليها,فالمسلمة لها في طفولتها كما
يقول الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد حق الرضاع والرعاية وإحسان التربية وهي في ذلك الوقت قرة العين
وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها,وإذا كبرت فهي المعززة المكرمة,التي يغار عليها وليها,ويحوطها برعايته,فلا
يرضى أن تمتد إليها أيد بسوء,ولا ألسنة بأذى,ولا أعين بخيانة,وإذا تزوجت كان ذلك بكلمة الله,وميثاقه الغليظ,
فتكون في بيت الزوج بأعز جوار,وأمنع ذمار,وواجب على زوجها إكرامها,والإحسان إليها,وكف الأذى عنها,
وإذا كانت أماً كان برُّها مقروناً بحق الله تعالى وعقوقها والإساءة إليها مقروناً بالشرك بالله والفساد في
الأرض , وإذا كانت أختاً فهي التي أمر المسلم بصلتها,وإكرامها,والغيرة عليها,وإذا كانت خالة كانت بمنزلة
الأم في البر والصلة, وإذا كانت جدة,أو كبيرة في السن زادت قيمتها لدى أولادها,وأحفادها,وجميع أقاربها, فلا
يكاد يرد لها طلب ,ولا يُسَفَّه لها رأي,وإذا كانت بعيدة عن الإنسان لا يدنيها قرابة أو جوار كان لها حق
الإسلام العام من كف الأذى,وغض البصر ونحو ذلك,وكذلك للمرأة في الإسلام حق التملك,والإجارة، والبيع,
والشراء, وسائر العقود, ولها حق التعلم,والتعليم, بما لا يخالف دينها,بل إن من العلم ما هو فرض عين يأثم
تاركه ذكراً أم أنثى,وما زالت مجتمعات المسلمين ترعى هذه الحقوق حق الرعاية,مما جعل للمرأة قيمة
واعتباراً لا يوجد لها عند المجتمعات غير المسلمة,ويقول الدكتور بدر عبد الحميد: ( إن دور المرأة المسلمة
في صنع مجد الإسلام وعزه ونصره لا يقل بحال من الأحوال عن دور الرجل ,إن لم يكن يفوقه ويسبقه )
,ويقول الدكتور عائض القرني : ( والبيت بلا امرأة محراب بلا إمام ,وطريق بلا أعلام,إذا اختفت المرأة من
الحياة,اختفت منها القبلات والبسمات,والنظرات والعبرات,هي في الدنيا متاع,والحسن والإبداع,وهي للرجال
لباس , وفي الحياة إيناس والمرأة هي بطلة الأمومة,ومنجبة الأمة المرحومة,فضائلها معلومة,وهي معدن
الحسب والكرم والأرومة ,وتعليمها الدين من أشرف خصال الموحدين ,لأنها تصبح لكتاب الله تالية,ذات
أخلاق عالية, تتفقه في الكتاب والسنة,لأنها أقرب طريق للجنة,ونحن الرجال أسندت إدارة الحياة لنا,وكتب
القتل والقتال علينا ,وأما النساء في الإسلام فمقصورات في الخيام ,محفوظات من اللئام ,مصونات عن الآثام)
, وكما يقول الشاعر العربي: ( إنَّ القواريرَ رياحينٌ مُكَرَّمَةٌ *فَرِفقاً أهلَ الكتابةِ بالقواريرِ) ويقول شاعر غيره
: ( إن النساء رياحين خلقن لنا*وكلكم يشتهي شم الرياحينا) ,ويقول شاعر آخر: ( فنحن بنو الدنيا وهن بناتها
*وعيش بني الدنيا لقاء بناتها) ,وقال أحد الشعراء : ( أحب البنات وحب البنات *فرض على كل نفس كريمة
,فان شعيبا من أجل ابنتيه*اخدمه الله موسى كليمه) ,ويقول شاعر النيل حافظ إبراهيم: ( من لى بتربية النساء
فإنها* فى الشرق علة ذلك الإخفاق,ألام مدرسة إذا أعددتها*أعددت شعباً طيب الأعراق),ويقول شاعر غيره:
( أخلاق الوليد تقاس حسنا*بأخلاق النساء الوالدات,فكيف تظن بالأبناء خيراً*إذا نشأوا بحصن الجاهلات )
,وقد يقول أحد علماء الغرب: ( إن اليد التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بيسارها) ,فالنساء شقائق الرجال,
ومدبرات المنازل ومربيات الأجيال,وقد سجل التاريخ لبعض النساء صفحات ناصعة البياض ومواقف في
الحروب تفيض بالبطولة الفذة والشجاعة النادرة .
يا صاحبي لا تستمع زيف الإعلام =ولا تنخدع في صوت تحرير مزعوم
الله رفع قدر النساء عند الإسلام = وفي محكم التنزيل مثبت ومعلوم
ترى النساء جواهر ٍ عند الأكرام = حراير ٍ مصيونة ٍ دايم الدوم
ما هن سلع بيدين بايع وسوام = حسب أقدم التشريع للفرس والروم
أوصى بهن خير الورى طول الأيام =في منهج ٍ يرفع من الشأن مفهوم