«النقاب».. وافتراءات الكتَّاب
كتبت وضحة المحمد
هو عنوان حريتنا الذي ننعم بحميد آثاره
حرب خاسرة، أعلنتها بعض المقالات على ..«النقاب»، جعلتني بعد قراءتها أرى في كتاب الليبرالية ..ما لم أكن أراه، وأعلمتني عن بعض أحوالهم .. التي لم أكن أعلم، وكشفت لي شيئا من خصالهم.. كنت أجهل، مما يدفعني الى التفكير الجاد بشكرهم!! على ما قدمته لنا أقلامهم ووثقته مقالاتهم من ...«خرابيط»!! ما كنا لننجح في اثباتها عليهم أو نسبتها اليهم لولا أنهم قدموها لنا –طواعية- بأنفسهم.
أظهر لنا الكاتب في عموم ذلك المقال، الذي يهاجم فيه النقاب «مختارا» ونرد نحن عنه «اجبارا»، أظهر لنا- وبأريحية يحسد عليها- محدودية العقل الليبرالي الذي يدور عادة في فلك قضايا ثلاث لا يحسن مواجهتها ولا الخروج عنها، هي الاختلاط وتحرير النساء والنقاب، مما يجعلنا نتساءل عن مدى صلاحية هؤلاء «الدائرين الحائرين» لقيادة الفكر أوحتى.. أي أمر. أما تفصيل ذلك المقال، فقد حمل لنا مفاجآت من العيار الثقيل أولها جرأة الكاتب على صرف الآيات القرآنية عن معانيها، حين جعل المجتمعات الغربية هي الأسوة الحسنة التي أمرنا الله باتباعها في قوله تعالى {لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة} وهي الآية التي نزلت في حق الأنبياء والمرسلين!! أفجهل ذاك أم خطأ أم تراه عمداً؟ اسأل كاتبنا تنبيها لا استعلاما لأني في الحقيقة أخشى ان يجيب!
ثم أتحفنا الكاتب بعد ذلك بكبوة منطقية غير مقبولة، حين أيد وصف النقاب بأنه «سجن متنقل» مع ان هذا القول يمثل نظرة نسبية لا يصح الاستدلال بها، فلو ان الكاتب سألنا مثلا نحن المنقبات لأخبرناه ان النقاب هو عنوان حريتنا الذي ننعم بحميد آثاره، في مقابل سجن التبرج الذي وقعت وتقع فيه الكثيرات .فهل يملك الكاتب أو غيره ان يرد قولنا؟!
ثم وجدنا كاتبنا يقوم بالحركة الليبرالية المعهودة، في نقضهم لمبادئهم التي تنادي «بالحرية المطلقة» فاذا به يعلن عن أمنيته في منع النقاب قانونيا في بلادنا، ومصادرة حق المرأة في اختيارها للباسها الساتر، دون تعرضه- طبعا- لذوات اللباس الـ..«غير ساتر»، فما أقبح –سيدي الكاتب- عدالتكم وعدم صدق مبادئكم!!
أما المفاجأة غير المتوقعة في ذلك المقال فقد كانت فيما ظهر لنا من حس ليبرالي فكاهي كنا نجهل وجوده! وذاك حين ربط الكاتب النقاب بالارهاب والمخاطر الأمنية!! مستدلا على ذلك بالنادر من الأخبار الضعيفة..فيا سيدي الفاضل، ان كان النقاب تنكرا، فما أوضحه وأظهره من تنكر.. يسهل رصده والتحقق منه، في مقابل ما أبدعه العالم من أدوات التنكر العجيبة، التي تحيل الشاب «عجوزا»، والصحيح «مقعدا»، والرجل «امرأة» ..حاملا.
وللرد على بعض ادعاءاتك بعيدا عن محاولة اقناعك نسوق هذا الدليل، فقد قال تعالى في سورة الأحزاب «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن..» حيث جاء في هذه الآية الكريمة أمر واحد بالادناء لفئات مختلفة، مما يجعل صفة الادناء في حقهن واحدة وهي الصفة التي ثبتت لاحدى هذه الفئات في موضع آخر، وهو ما كان في حق أزواج النبي الطاهرات في آية الحجاب من ستر لجميع الجسد، ذهب الى ذلك كثير ممن فسر هذه الآية من الصحابة وأهل العلم نذكر منهم ابن عباس رضي الله عنه كما رواه ابن جرير في تفسيره(19، 181) كما ورد عن عبيدة السلماني ومحمد بن سيرين وابن عون والجصاص في أحكام القرآن(5، 245) وجاء عن الزمخشري في الكشاف(3، 274) وعن الامام النحوي أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط(7، 240) وذكره البغوي في تفسيره(3، 469) والقرطبي (4، 243) وابن تيميه في الفتاوى(22، 110) وشاهدنا هو كل هذه الأقوال في تفسير دليل نصي واحد..والتي أراها كافية لرد قولكم في نسبة النقاب الى عادة جاء بها العثمانيون، وهو ما قد نقبله منكم ان أثبتم لنا ان الدولة العثمانية قد سبقت هذه الأسماء الاسلامية! كما أني أراها- أي الأقوال- كاشفة لحجم العناء الذي يتكبده بعض الليبراليين في.. الافتراء. دون ان نعلم لماذا!!!