(252) مدار الأفكار
ربيب الأكاذيب
يقول الشاعر العربي :
إياك من كذب الكذوب وإفكه= فلرُبما مزَج اليقين بشكه
ولرُبما كذب امرؤٌ بكلامه= وبصمته وبكائه وبضحكه
إن الكذب صفة ذميمة,وعادة ممقوتة لئيمة,وفي تعريفها يقول ابن منظور في لسان العرب: ( الكذب نقيض
الصدق,كَذَبَ, يَكْذِبُ,كَذِبًا,ويقال رجلٌ كاذبٌ,وكَذَّابٌ,وكذوبٌ) ,وحقيقة الكذب هي الإخبار عن الشيء بخلاف
الواقع سواء كان عمدا أم خطأ,وليس الإخبار مقصورًا على القول,بل قد يكون بالفعل, كالإشارة باليد,أو هز
الرأس,وقد يكون بالسكوت,لقد ذم الله عز وجل الكذب في كثير من سور القرآن الكريم وبيّن مساوئه ومضاره
ولعن الكذابين قال سبحانه وتعالى: (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله,وأولئك هم الكاذبون ){النحل:
105} ,والكذب يدل على ضعف الإيمان ومن آيات النفاق,قال النبي صلى الله عليه وسلم : آية المنافق ثلاث:
إذا حدث كذب,وإذا وعد أخلف,وإذا اؤتمن خان) ,وقال أيضا: (إياكم والكذب,فإن الكذب يهدي إلى الفجور,وإن
الفجور يهدي إلى النار,وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) ,إلا أن الإسلام
رخص ثلاث حالات للكذب هي: (الإصلاح والحرب وإرضاء الزوجة ),وكانت العرب حتى في أيام الجاهلية
تذم الكذب وتنبذه وتعده من أسوأ الصفات,ولا يسود فيها من عرف به,و يقول الملك فيصل رحمه الله وطيب
ثراه : (الواسطة والكذب علة ومرض) ,ويقول سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز: (ما كل ما يقال لنا نأخذ
به) ,ويقول أرسطو: ( الموت مع الصدق,خير من الحياة مع الكذب ) ,ويقول ابراهام لنكولن: ( تستطيع أن
تخدع كل الناس بعض الوقت,أو بعض الناس كل الوقت,ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت )
,ويقول جورج برنارد شو: (ليست عقوبة الكاذب أن الناس لا يصدقونه,بل إنه هو لا يستطيع أن يصدق الناس
) ,ويقال: (الكذب أصله حرارة لئيمة سيئة تقذف بالحمم السوداء مخرجها ضيق الخلق ورداءة الأصل وقبح
الطوية,ولا يكذب في أصل الحقائق إلا المجنون لكنه لا يقصد الكذب),ويقول الشاعر العربي : (لي حيلةٌ فيمن
َنِمُّ *وليس للكذاب حيله,من كان يحذق مايقولُ*فحيلتي فيه قليله) ,ويقول غيره: (لي حيلة فيمن ينمُّ فإنن*أطوي
حديثي دونه وخطابي, لكنما الكذاب يخلق قوله*ما حيلتي في المفتري الكذابِ) ,ويقول أحد الشعراء : ( لا
يكذب المرء إلا من مهانته*أو فعله السوء أو من قلة الأدب) ,ويقول شاعر ثالث : (إذا عرف الإنسان بالكذب
لم يزل* لدى الناس كذاباً ولو كان صادقا ,فان قال لم تصغ له جلساؤه*ولم يسمعوا منه ولو كان ناطقا,وَمِنْ
آفَةِ الكذَّابِ نِسْيانُ كِذْبِهِ*وتَلْقَاهُ ذَا فِقْهٍ إذَا كانَ حَاذِقَا) ,وللكذب تأثير سلبي للغاية علي الصحة العامةكما تؤكد
على ذلك عالمة النفس الفرنسية كلودين بيلان مؤلفة كتاب "نفسية الكذاب" وترجع السبب إلى أن الشعور
بالذنب من جراء الكذب,أو الخوف من ظهور الحقيقة, ويؤدي إلي الإصابة بضغط عصبي مزمن,بما ينطوي
علي ذلك من آثار سلبية علي الصحة العامة,مثل اضطرابات النوم,وسرعة الانفعال,والقلق,وآلام الرأس,
وغيرها من الآثار السلبية الناجمة عن هذا الشعور, وللكذب أنواع عديدة يذكر منها الشيخ عثمان الخميس:
(الكذب الطبعي,والمرضي,والتهربي,والظني,والكذب للإصلاح بين متخاصمين والوشائي,والحسدي ,والطفولي
,والهزلي ,وكذب لإنقاذ مظلوم, والمصلحي, والتجبري, والحيفي,والطردي) ,فالكذب وسيلة هزيلة ومفتاح كل
شر ورذيلة, وسبب كل الأخطاء فإذا بدأ الإنسان بالكذب سهل عليه عمل بقية الموبقات لأنه فتح باب خزائن
السوء وولج فيها, والكذب في كل مراحل عمر الإنسان ينم عن خلل واضطراب لدى ممارسه وهو مذموما
وممقوتا على كل المستويات,ويكون أكثر قبحا وشناعة عندما يصدر عن علية القوم أو عن إعلام رسمي كما
يحصل ويروج في الإعلام الرسمي لبعض الدول العربية التي تشهد ثورات عارمة ويمارس إعلامها الكذب
المفضوح والمسرحيات الهزلية المكشوفة والتي تطبق المقولة المشهورة لوزير الدعاية الألماني في عهد هتلر
المشهورة بول غوبلز القائل : (اكذب ثم اكذب ثم اكذب فلا بد من أن يصدق الناس في النهاية) ,وأكبر كذبة
يروج لها إعلام النظام السوري بعد توهج ثورة الحرية وتقديم آلاف الشهداء والجرحى هي نظرية (المؤامرة
الخارجية) والتي لن تنطلي على أي عاقل,وستشرق بمشيئة الله شمس الحرية والنصر والمجد والكرامة, لتعم
كل مدن ومحافظات وقرى سوريا الشهامة .
يا مدعي بالكذب ما عندك إنصاف = وأضحيت بعد الزيف للشعب مكشوف
مالك عن اللي تكره النفس محراف = ولا ينفعك ماهر وشوكت ومخلوف
شعب الوفاء يقدم على الموت ما خاف = وش عاد لو حضرت قوات وصفوف
خل الدجل والكذب يا شين الأوصاف = وارحل ترى شمس الطواغيت بكسوف
ارحل ترى ما تنفعك بعض الأحلاف = ودم الشهيد يحرر الأرض وتشوف