(16 ) مدار الأفكار
ذكرى الاستقلال
يقول الشاعر العربي :
حزت نصرا يا كويت العرب=وتسامى شعبك الحر الابي
وسمت اعلامنا خفاقة=فوق هامات النجوم الشهب
في حياة الأمم والشعوب والأوطان أيام خالدة تمثل منعطفات فاصلة في تاريخها،
وتحيا في وجدان وذاكرة أبنائها، وتتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل، ومن هذه الأيام يوم 19 يونيو الذي
يعد التاريخ الحقيقي لاستقلال الكويت عن بريطانيا، ودخولها مرحلة جديدة من تاريخها لتطل من
خلاله على أفق العالم المستقل، ولتساهم في صنع السلام وحضارة الإنسان.
ففي ذلك اليوم من عام 1961 وقع الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح الحاكم الـ 11 للكويت
وثيقة الاستقلال مع السير جورج ميدلتن المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي نيابة عن
حكومته، وإلغاء الاتفاقية التي وقعها الشيخ مبارك الصباح الحاكم السابع للكويت مع بريطانيا في 23
يناير، عام 1899 لحمايتها من الأطماع الخارجية، واستقلال الكويت ليس وليد الاتفاق الذي جرى
بتبادل مذكرات التفاهم مع الحكومة البريطانية، بل هو حقيقة تكونت على مر السنين وتوالي
الأحداث، وصنعتها التصرفات الحكيمة التي رسمها حكام الكويت، وعمل الشيخ عبدالله السالم -
رحمه الله - لإلغاء معاهدة الحماية، وإعلان الاستقلال، وجاهد في سبيل تحقيق هذا الهدف حتى
تحقق على يديه، وألقى سموه كلمة بالمناسبة قال فيها: «شعبي العزيز .. إخواني وأولادي في
هذا اليوم الأغر من أيام وطننا المحبوب، في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة إلى مرحلة أخرى
من مراحل التاريخ، ونطوي مع انبلاج صُبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله، وما انطوت عليه،
لنفتح صفحة جديدة تتمثل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها
الكاملة، ونحن على أبواب عهد جديد نرجو أن تبدأ الكويت انطلاقها بتقوية أواصر الصداقة والأخوة مع
شقيقاتها من الدول العربية للعمل بتكاتف وتآزر على مافيه خير العرب , وتحقيق أماني الأمة
العربية، كما أن الوضع الجديد يتطلب منا العمل على الانتماء للجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة،
وغيرها من المنظمات التي تعمل لخير العالم وأمنه وسلامه، كلما كان ذلك في الإمكان». وأعلن
سموه عزمه على استكمال قيام المؤسسات الدستورية والحكومية في أقرب فرصة، وبالفعل لم
يمض شهران على توقيع معاهدة الاستقلال، حتى كانت الخطوة الأولى التي جاءت في 26
أغسطس عام 1961 بصدور مرسوم أميري يدعو إلى إجراء انتخابات عامة لمجلس تأسيسي
يتولى عند تأليفه إعداد دستور للبلاد، وبعد إجراء انتخابات أعضاء المجلس التأسيسي عقدت أولى
جلساته في 20 يناير 1962، وخلال تسعة أشهر أنجز المجلس مشروع دستور دولة الكويت الذي
يتكون من 183 مادة، وقدمه إلى سمو الشيخ عبدالله السالم، الذي صادق عليه، وأصدره في 11
نوفمبر 1962، وكان استقلال الكويت بداية مرحلة جديدة لدخولها ضمن بلدان المجتمع الدولي، وفق
سياسة كويتية خاصة، أركانها السعي إلى السلام وتحقيق التعاون مع مختلف دول العالم ضمن
إطار علاقات الأخوة والصداقة بين الدول والشعوب. وقد انضمت الكويت إلى جامعة الدول العربية
بتاريخ 16 يوليو عام 1961، وفي 30 نوفمبر عام 1961 بدأ مجلس الأمن الدولي النظر في طلب
الكويت الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة، وفي 14 مايو 1963 تمت الموافقة على انضمامها إلى
هذه المنظمة الدولية لتصبح العضو الـ111. ومنذ فجر الاستقلال، والكويت تؤكد المبدأ الديموقراطي
الذي انتهجته كدولة آمنت بالمشاركة الشعبية، وعلى مدى 47 عاما أنجزت دولة الكويت الكثير
على طريق النهضة الشاملة لينعم الأبناء بثمار الاستقلال وعطاء الأجداد والآباء، وها هي صفحات
الحاضر المشرقة تعانق راية الكويت، لترتفع خفاقة في سماء المجد، وتمتد كل الأيادي الشريفة
للمساهمة في رفعها في ظل أسرة الخير والقيادة الحكيمة لسمو أمير البلاد المفدى، وولي عهده
الأمين، حفظهما الله.
تسعة عشر من شهر ستة حزيران=يوم ٍ لنا مشهـود بيـن البلاديـن
أشرق سنا الأنوار بالدار وكدان= ورفرف علمنا في جميع الميادين