( 248 ) مدار الأفكار
كونفدرالية خليجية
يقول الشاعر العربي :
بفَضْلِ التَّعَاوُنِ أَرسَت أُمَمْ =صُرُوحاً مِنَ الْمَجْدِ فوْقَ الْقِمَمْ
فلَمْ يُبْنَ مَجْدٌ عَلَى فرْقةٍ = وَلَنْ يَرتفِعْ باختِلافٍ عَلَمْ
تحل اليوم الذكرى الـ( 30 ) لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية ففي 25 مايو عام 1981م وبعد
دراسة متأنية وبحث وتشاور بين دول مجلس التعاون لفكرة إنشاء المجلس التي طرحها سمو الأمير الراحل
الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله وطيب ثراه,توصل أصحاب الجلالة والسمو قادة كل من المملكةالعربية
السعودية,ومملكة البحرين,ودولة الإمارات العربية المتحدة,وسلطنة عمان,ودولة قطر,ودولة الكويت في اجتماع
عقد بمدينة أبو ظبي إلى صيغة تعاونية تضم الدول الست وتهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين
دولهم في جميع الميادين,وصولا إلى وحدتها وفق ما نص عليه النظام الأساسي للمجلس في مادته الرابعة,
التي أكدت أيضا تعميق وتوثيق الروابط الصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس وقد حققت دول
المجلس خلال الثلاثين عاما الماضية العديد من الانجازات وفي كافة المجالات فعلى الصعيد الاقتصادي تم
توحيد الأنظمة المالية والتجارية والجمارك والمواصلات,والشؤون التعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية
والإعلامية والسياحية والتشريعية والإدارية,ومجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والتقدم
العلمي والتقني,إضافة إلى إطلاق الاتحاد الجمركي والنقدي والعملة الخليجية الموحدة والسوق المشتركة
والربط الكهربائي والسكك الحديدية,وتسهيل تنقل المواطنين بين الدول الأعضاء بالبطاقة الشخصية وكذلك
انسياب السلع والبضائع دون عوائق,أما على الصعيد السياسي فقد استطاع المجلس الحفاظ على أمن دوله
واستقرارها من خلال التصدي للتحديات والأخطار بشكل جماعي,وقد أسهم التجانس بين دول المجلس
في تمكين المجلس من تبني مواقف موحدة تجاه القضايا السياسية في المحافل الدولية,وفي مجال التعاون
العسكري والأمني أسهم مجلس التعاون في بناء وتطوير القوى العسكرية الدفاعية بدول المجلس وتشكلت
قوات درع الجزيرة التي تضم وحدات عسكرية من دول المجلس الست تجسيدا عمليا لمبدأ الأمن الجماعي
وأن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ وأن أي اعتداء على أية دولة مسؤولية جماعية يقع عبؤها على جميع
الدول الأعضاء,وعلى الصعيد الإقليمي والدولي تجسد الموقف الموحد الذي تتخذه الدول الأعضاء في قضايا
فلسطين والعراق والعلاقات مع إيران التي تحتل الجزر الإماراتية منذ عام 1971م,إضافة إلى موقف المجلس
القوي أبان احتلال النظام العراقي السابق لدولة الكويت عام 1990م وحتى تحريرها ثم دوره المحوري في
عودة استتباب الأمن والاستقرار لمملكة البحرين الشقيقة أثر الأحداث التي عصفت بها في الفترة الأخيرة,
وتمثل انجازات المجلس مؤشرا على صلابة الإرادة والعزم الصادق نحو تحقيق الأهداف والتطلعات
ويصدق فيه قول الشاعر: (مَعاً لِلمَعَالِي يَداً بِاليَدِ*نشِيدُ البناءَ بكُلِّ الهِمَم,فمَبدَأ التَّعَاوُنِ مِنْ دِينِنا*بهِ الْلَهُ فِيْ
مُحْكَمَاتٍ حَكَمْ,فمُدُّوْا أَيَادِيْكُمُ إِخْوَتِي*نعيدُ بنا مجدنا في شممْ,فهَذا الْمُعَلِّمُ جِيلاً يُرَبِّي*وَهَذَا طَبِيبٌ يُزِيلُ الأَلَمْ
,وَهَذَا المُهَندِسُ يُنشِي صُرُوحاً *وَجُهْدُ الْمُزَارِعِ بالخَيْرِ عَمْ,وَكُلُّ الأَيَادِيْ إِذا اجتمَعَتْ*دَنا المََجدُ حتماً لَنا وَابتسَم
,بغيْرِ التَّعَاوُنِ لَنْ نرتقِيْ*وَلَيسَ لَنا ذِكر بَيْنَ الأُمَمْ) ,وبالرغم من استمرارية نجاح مسيرة مجلس التعاون
الخليجي الذي يعد النموذج الأبرز على صعيد الوطن العربي إلا أن آمال وتطلعات أبنائه تتجه نحو قيام
الكونفدرالية التي تمثل الاتحاد الدائم للدول ذات السيادة للعمل المشترك فيما يتعلق بالدول الأخرى,وكما يقول
الزميل محمد العثمان: (إن قيام كونفدرالية الخليج العربي أضحت مطلباً لشعوب الخليج من الكويت إلى عُمان
بل هي أساساً مطلب تاريخي بين هذه الشعوب فهي مسؤولية تحتمها الضرورة المصيرية والكيانية للدول
الست القائمة) ,وتحقيقا لرغبة شعوب المنطقة فإن دوائر عليا في عواصم دول مجلس التعاون الست تدرس
حاليا مشروعا لتحويل دول المجلس إلى كونفدرالية خليجية تكفل توحيد السياسات الخارجية والدفاعية والأمنية
مع احتفاظ كل دولة منها باستقلالها وسيادتها وذلك في مواجهة الأطماع الإيرانية المتزايدة والتصدي
للتهديدات السافرة, فمجلس التعاون هو المظلة الحقيقية لأبناء المنطقة وعلى جبال وحدته وتضامنه تتحطم كل
محاولات الشر والغدر والعدوان وكما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: (إن التعاون قوة علوية*تبني الرجال
وتبدع الأشياء) ,ويقول شاعر آخر: (كونوا جميعاً يا بَنِيَّ إذا اعترى*خطبٌ ولا تتفرقوا آحادا,تأبَى الرماحُ إذا
اجتمعن تكسراً*فإذا افترَقْنَ تَكَسَّرَتْ أفرادا) ,وفي ذكرى تأسيس منظومة مجلس التعاون الخليجي الذي يمثل
أفضل تجارب الوحدة العربية,نسال الله العلي العظيم أن ينعم على الخليج وسائر بلاد المسلمين بالأمان
والاستقرار,والرخاء والازدهار .
يا نور ست أقطارنا يا زعمانا =يا قدوة أهل الرأي والمخلصينا
ترى اتحاد أوطاننا هو منانا = وحنّا لثمار جهودكم محترينا
بان الصديق ومن تخفى معانا = وبيّن ربيب إيران والحاقدينا
العز بالوحدة عيان ٍ بيانا= وحدة هدف وآمال في كل حينا
دون الوطن نرخص بغالي دمانا= والله على كيد المعادي يعينا