تعبير الرؤى كالفتاوى.. لا تستقى من
بطون الكتب.. ولا يُسأل عن تعبيرها جاهل.. فتعبيرها حكر على من له علم ومتبحر في التأويل..
يختلف الناس في تعبيرهم للرؤى، فمنهم من لا يطمئن ولا يثق إلا إذا عبر رؤياه مفسر معين
ومنهم من يعتمد اعتماداً كلياً على كتب تفسير الأحلام.
لكن يجب التنبيه أن المسألة تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص،
وهذه قصة حدثت لابن سيرين توضح أن لا قاعدة يستند عليها في تأويل الأحلام:
حصل على عهد ابن سيرين رحمه الله وهو من مشاهير من كان يفسر
الأحلام في هذه الأمة، أنه أتاه
رجلان، كل واحد منها يذكر أنه رأى في المنام أنه يؤذن، فقال للأول: أنت تحج، وقال للآخر: أنت تسرق
فتقتطع يدك، فقيل له كيف ذلك؟ قال: رأيت على الأول علامات الصلاح فتأولت قول الله تعالى: وَأَذِّنْ فِي
النَّاسِ بِالْحَجِّ [الحج:27] ورأيت على الثاني علامات الخبث والفجور، فأولت قوله تعالى : ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ
أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ [يوسف:70] مع أن الرؤيا نفسها هنا وهنا، لكن قال للأول: أنت تحج وقال للآخر:
أنت تسرق فتقطع يدك. فإذاً -أيها الإخوة- ليس هناك قانون يضبط الرؤى، وليس هناك شيء موحد
لجميع الرؤى، وليس كل من رأى في المنام نهراً أو بحراً، معناه شيء معين، وليس كل من رأى في
المنام أنه يقلع منه ضرس، أنه سيفقد واحداً من أولاده، هذا قانون مضطرب وليست قاعدة في كل من
يرى هذا الشيء. والله عز وجل يلقي في قلوب الذين يعلمون تفسير هذه الرؤيا إلهاماً فلا نستطيع أن
نقول: إن لها قاعدة.
..