( 247) مدار الأفكار
أخطاء الزعماء
يقول الشاعر العربي :
إذا الإيمان ضاع فلا أمانا= ولا دنيا لمن لم يحيي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين= فقد جعل الفناء لها قرينا
إن الخطأ جزء من الطبيعة البشريّة,وصفة ملازمة لبني آدم إلا من عصمه الله,ويعني التعثر والعدول عن
الجهة ومجانبة القصد والمراد,ويعرّفه أهل اللغة بأنه نقيض الصواب,وفي لسان العرب يقول ابن منظور:
(الخطأ والخطاء: ضد الصواب,وخطأه تخطئةً وتخطيئاً:نسبه إلى الخطأ) ,وجاء في الوسيط: (أَخْطأ يُخْطئ إخطاءً
وخاطئةً: خَطِئَ,غَلِطَ أي حاد عن الصواب وسلك سبيل الخطأ,فهو مُخْطِئ) .ويعرّف الخطأ شرعا بأنه: (ما كان
مخالفاً للكتاب,أوالسنة,أو إجماع الأئمة والعلماء) وفي الاصطلاح هو: (كل ما يصدر عن المكلف من قول أو
فعل خال عن إرادته وغير مقترن بقصد منه) ,قال تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ )[الأحزاب:5] ,
وقال عز وجل: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا )[النساء:92] ,وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع
عن أمتي الخطأ والنسيان) ,وقال أيضا: (من اجتهد فأخطأ فله أجر) ,وقد يرد الخطأ بمعنى الذنب والإثم كما
قول الحق سبحانه و تعالى: (إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا )[ الإسراء:31] وتقول العرب أخطأ الطريق أي عدل
عنه,وأخطأ الرامي الغرض: لم يصبه ,وقال الأموي:المخطئ:من أراد الصواب فصار إلى غيره,والخاطئ:من
تعمد ما لا ينبغي,والخطيئة الذنب على عمد,وقال الجرجاني: ( هو فعل يصدر من الإنسان بلا قصد إليه عند
مباشرة أمر مقصود سواه) ,فالخطأ هو ما ليس للإنسان فيه قصد,أوأن يقصد أمراً فيقع في غير ما يريد,أما
الخطء:فهو الإثم أو الذنب المتعمد,ويعتقد كثير من الزعماء الطغاة بأن الجرائم والمجازر والإبادات الجماعية
التي ترتكب بحق الشعوب من قبل الأجهزة الأمنية القمعية وبتوجيه وأوامر مباشرة من رموز الأنظمة هي من
قبيل الأخطاء التي يمكن إصلاحها,وقد تجلى ذلك بوضوح في تصريحات رئيس النظام السوري الدكتور بشار
الأسد والتي نشرت في صحيفة الوطن السورية بتاريخ 18 مايو 2011م,حيث عدل عن إدعاءات ودسائس
وتدليس النظام السابقة بأن (من يقوم بالإجرام هم عصابات مسلحة وسلفية وإرهابية) واعترف صراحة بأن
عناصر الأمن والجيش هي التي ارتكبت ما أسماه بـ( أخطاء في حق المدنيين),وقال: (إن قوات الأمن ارتكبت
"بعض الأخطاء" في تعاملها مع الاحتجاجات على مدى الشهرين الماضيين في مختلف أنحاء سورية,وإن
القصور في تعامل قوى الأمن مع الأحداث مرده ضعف التدريب,وان الآلاف من رجال الشرطة يخضعون
الآن للتدريب) ,فالرئيس السوري يرى أن سقوط أكثر من 2000 شهيد,واعتقال أكثر من 15 ألف معتقل منذ
بدء ثورة الحرية في سورية منتصف شهر مارس الماضي هي فقط من قبيل الأخطاء التي يمكن معالجتها من
خلال دورات تدريبية لقوات الأمن,فأسرة الأسد التي حكمت وتجبرت وطغت وتحكمت في مصير الشعب
السوري لأكثر من أربعة عقود لم تنتبه ولم تدرك أهمية تلك الدورات الواجبة في سمو الأخلاق وفن التعامل
مع المظاهرات إلا أثر رفض الشعب للذل والقمع والكبت والإرهاب وبدء شرارة ثورة الشعب العارمة التي
عمت مدن وقرى سوريا مطالبة بالكرامة والحرية,وقد قوبلت مطالبات الشعب العادلة من قبل النظام المجرم
بشتى أنواع القمع الهمجي والقتل الوحشي وبالرصاص الحي وقذائف الدبابات والمدرعات التي لم يسمع لها
صوتا في مرتفعات الجولان أوفي حمى القنيطرة,ولله در القائل: (وفي محرابِ درعةَ ما يُرينا* شواهدَ من
جرائمها تُقامُ,أيا أكنافَ بيت القدسِ إنّي*أرى غيثاً يجود به الغمامُ*لقد آن الآوان لكسر قيدٍ*فهبّي من قيودك يا
شآمُ,لقد كان اختطافك باب ذلٍّ *ومثلك بالمذلةِ لا يُسامُ) وقيل أيضا : (بكت عيني على أبناء درعا*فقد شاهدتهم
بالأمس صرعى,وشاهدت الذي يدمي فؤادي*ويقرع قلبي المحزون قرعا) ,وتؤكد كثير من المنظمات
الحقوقية (إنه ليس هناك دلائل تشير إلى أن حدة قمع الاحتجاجات قد خفت في سوريا) ,ولكن وبالرغم من
المجازر المروعة التي يرتكبها النظام وممارسة أبشع أنواع التنكيل والقتل والاعتقال لأفراد الشعب السوري
المسلم الأعزل( رجالاً ونساء وأطفالاً) فإن إرادة الشعب السوري الأبي قاهرة للظلم والطغيان وستشرق شمس
الحرية والعزة والكرامة في ربوع سوريا الحبيبة وفي الشام المبارك الذي دعا لأهله خير الورى محمد صلى
الله عليه وسلم فقال : (اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في يمننا) ,وفي فضل الشام قال صلى الله عليه وسلم
: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة, قال:
وهم بالشام) ,وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أخبر : (أن ملائكة الرحمن
مظلة أجنحتها بالشام) ,فالشام حاضرة الإسلام,ومنارة المعرفة والسلام ونسال الله أن ينقذها من جور الظلّام
وطغاة الأنام,وأن يعم ربوعها الخير والرخاء والوئام .
إلى متى والشام مسرح للإجرام = وفيها يفز الطفل من لذة النوم
يفز مرعوب ٍ على صوت ظلّام =ويمسي بذل وخوف والصبح مهموم
لاشك شعب الشام للضد لطام = وفي ثورته جدد أمل كل محروم
شعبٍ تحدى بثورته بطش وإعدام =حيثه بنار الغبن والجور موسوم
يا الله تفك الشام وتعز الإسلام = وتنصر لواء التوحيد يا فارض الصوم