(246) مدار الأفكار
خوف مخلوف
يقول الشاعر العربي :
قالوا يموت بحبِّ الشعب بل كذبوا= بل قاتلُ الشعبِ ملعونٌ وما ولدا
بوقٌ عمــيلٌ ختولٌ في مذاهبه = يا ثعـلباً صـار في أوطانه أسدا
في عام 1985م وقبيل إقلاع طائرة متجهة من مطار(جون إف كينيدي) الدولي بنيويورك إلى مطار (هيثرو)
بلندن وقفت المضيفة الشابة أمام الركاب باقتدار وشموخ واتزان لتقوم بشرح تمثيلي عن قواعد السلامة العامة
للركاب(Safety Demonstration) مثل ربط حزام الأمان,واستعمال أقنعة الأوكسجين في حالة فقدان ضغط
الطائرة,والإشارة إلى مخارج الطوارئ لاستخدامها عند الضرورة وغيرها مما يجب فعله عند حدوث الحالات
الطارئة,وبعد إقلاع الطائرة بدقائق أعلن الطيار عن وجود خلل بمثبتات الدفة( RUDDER) والذي يعد من
الأمور الخطرة على حياة الركاب وطاقم الطائرة,ومن قوة الصدمة وهول الموقف أصيبت المضيفة بالهلع
والخوف الشديد وبدأت تهذي وتصرخ وتصرح وتكشف خفايا ومكنون صدرها,ونسيت كل المعلومات وقواعد
السلامة التي تعلمتها وفقا لكتاب نظام السلامة العامة (Safety Manual),والذي كانت تشرح للمسافرين قبل
الإقلاع جزءا من مضمونه لضمان السلامة وتجنب المخاطر خلال الرحلة,لقد تذكرت تلك الحادثة عندما
قرأت في بعض المواقع العربية نص المقابلة التي أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز" مع رجل الأعمال السوري
خازن أموال العائلة الحاكمة في سوريا ابن خال الرئيس السوري المهندس رامي مخلوف والتي نشرت يوم
الثلاثاء 10 مايو 2011م,ومن خلالها قال: ( سنواجه الاحتجاجات حتى النهاية,وأنه لا استقرار في إسرائيل إذا
لم يكن هناك استقرار في سورية,وأن البديل للنظام الحالي هو سيطرة التيار السلفي في سورية وأن ذلك يعني
حرباً في الداخل,وربما في الخارج ) ,وفي تصريح مخلوف تناقض واضح وصريح مع ادعاءات أركان النظام
السوري وأبواقه التي تزعم وتدعي بأن انتفاضة الشعب السوري جاءت نتيجة مؤامرات خارجية تحاك ضد
النظام الممانع في سورية عقوبة له على احتضانه للمقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين,ورفض النظام
للتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني,وقد كشفت تصريحات مخلوف كما جاء في بيان ائتلاف الثورة السورية
محاولات النظام البائسة للعب بطريقته الذرائعية المعهودة على أوتار المصالح الدولية للأطراف الفاعلة علي
الساحة الدولية و خاصة الأمريكية و الإسرائيلية منها,وأساسها تقديم النظام لنفسه بأنه الركيزة الأهم لضمان
أمن إسرائيل في حدودها الشمالية التي لم تشهد إطلاق رصاصة واحدة منذ حرب أكتوبر في العام1973م
,كما تؤكد تلك التصريحات بأن كل المزاعم والشعارات التي يسوق النظام السوري نفسه بها ابتداءً من قلعة
الصمود والتصدي إلى حصن الممانعة الأخير مروراً بحاضنة وراعية المقاومة ما هي إلا ألاعيب لكسب
أوراق تفاوضية تستند إلى استغلال دماء الشهداء في لبنان وفلسطين لمصلحة النظام السوري والذي يصدق
فيه قول الشاعر: (بطولةٌ زيَّفوها من جنونهم* شهادةُ الزورِ تُخزي كلَّ مَنْ شهدا!,سلاحه أبداً في نحر أمته*
يا خائنَ الجارِ غدراً بعدما رقدا,هل سلَّ في وجه إسرائيل خنجرَه* وهي التي دمَّرت في أرضه العمدا ؟هل
هبَّ نحو اليتامى يصرخون به* ليمون يافا ذَوَى حزناً على الشُّهَدا ؟!,هل كان يوماً نصير الحقِّ أو فرحت
*بجيشه أمةُ الإسلامِ إذْ حسدا ؟!,كلا فما كان إلا دميةً نُصِبت* من العمالة والتضليل مُذْ وَفَدا,والناس في حُكمه
ما بين متَّجرٍ* أو خائفٍ قلقٍ أو ميِّتٍ كَمَدا ,صار الجواسيسُ نصفَ الشعب همهُمُ * نقلُ الوشاية عن إخوانهم
رَصَدا !,فالابن يكتب تقريرًا بوالده*والجارُ عن جاره يوشي إذا هَجَدا !,والآن يسقط ملعوناً بخيبته* ملطَّماً
بحذاء الشعبِ مُضْطَهَدا !,تهوي التماثيلُ للأقدامُ ترفسها*اخسأْ فزارعُ ظلمٍ فعله حَصَدا!,ذُقْ أيها النذل!فالتاريخ
مؤتَمَنٌ*ولن ترى مقلةً تبكي لكم أبدا ) ,وبالرغم من محاولات أركان النظام السوري التنصل من تصريحات
مخلوف السياسية بعد الضجة التي أثارتها عربيا وإسلاميا إلا إنها تعبر وبحق عن واقع حال النظام السوري
الذي وجد لحماية إسرائيل وتأمين استقرارها,وفقا لاتفاقية فك الاشتباك عند الكيلو (54 )مع العدو الصهيوني
والتي تضمنت بنوداً سرية كان من أهمها: (التخلي عن الجولان,وتأمين سلامة الحدود الشمالية لإسرائيل,في
مقابل تأمين بقاء النظام,من خلال دعم اللوبي الصهيوني القوي الذي يتحكم بالكونغرس الأمريكي الذي بيده
كل المفاتيح في الشرق الأوسط) ,ولكن يبقى الأمل بالله ثم بثورة الأحرار التي تحدت جبروت وظلم النظام
القمعي وواجهت رصاصه بصدور شبابها العارية ودفعت الثمن غالياً ولا تزال تدفع لانتزاع الحرية التي
صادرها والكرامة التي داسها لأكثر من أربعة عقود ,وبمشيئة الله سيتحقق النصر للشعب السوري الأبي
وستشرق شمس الحرية والعزة والحياة .
الله كشف للشعب خافي خفاياك = وبيّنت بالتصريح جملة مراميك
بيّنت يا رامي مع الضد ممشاك= وكشفت للمستور من غير تشكيك
على خيانة دين الإسلام مبداك= وحاضرك يشهد لك على سوّ ماضيك
حزبك على ما يثلم الدين رباك= يا تابع ٍ صهيون بانت خوافيك
لاشك يوردك الشعب حوض الإدراك= بثورة غضب تجتث حزبك وتقصيك