الناس للناس من حضر ٍ وبادية ٍ = بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
وكل عضو ٍ لأمر ٍ ما يمارسهُ = لا مشي للكفّ بل تمشي بك القدم
إن الواسطة ظاهرة اجتماعية موجودة في كثير من المجتمعات، و قد نشأت مع حاجة الإنسان إلى تأمين
متطلبات معيشته، وتحسين أوضاع حياته. حيث أن لجوء الناس إلى الواسطة وطلب شفاعة أصحاب
السلطة والنفوذ, والجاه و المال ,معروف منذ القدم وذلك بهدف تذليل الصعوبات وتحقيق المصالح والرغبات ,
والواسطة نوعان واسطة محمودة و أخرى مذمومة ,فالواسطة المحمودة تتمثل في مساعدة شخصاً ما
للحصول على مطلب يستحقه أو إعفائه من شرط لا يجب عليه الوفاء به أو أن تساعده في الحصول على
حق لا يلحق الضرر بالآخرين, أما الواسطة المذمومة فهي أن تقوم بهذا الدور لحصوله على حق لا يستحقه
أو إعفائه من حق يجب عليه دفعه مما يلحق الضرر بالآخرين، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قول
الحق سبحانه وتعالى : ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها)
( النساء : 85 ) , و يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (اشفعوا تؤجروا ) ويقول أيضا : (لأن أمشي مع
أخي في حاجة خير لي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً ) , ويقول الشاعر : (وأحسن الناس بين الورى
رجل ** تقضى على يده للناس حاجات ) , ويرى (عبد الله الممدوح ) وهو أحد مثقفي بلاد ( الواق واق )
بأن الواسطة عمل سيئ وفعل ممقوت، ومحرم شرعاً، وتعيق تقدم المجتمع , وتنسف مبدأ المساواة وتكافؤ
الفرص وتؤدي إلى ظلم الناس والإضرار بمصالحهم مهما أضفي عليها من مسميات لتجميل صورتها,وهي
ظاهرة سلبية يجب محاربتها بكل الوسائل والطرق,وعندما عاد إلى بلاده حاملا شهادته الجامعية وبتقدير
امتياز وبتخصص نادر يحلم أن يخدم من خلاله وطنه إلا أن ذلك لم يشفع له بالحصول على وظيفة تناسب
تخصصه المطلوب والمرغوب ولا حتى في مجال آخر, وأثناء مراجعاته الكثيرة للوزارات والدوائر كان
يصطدم بواقع الأنظمة واللوائح و البيروقراطية و الروتين الممل والإجراءات المعقدة التي ليس لها فائدة سوى
تأخير المعاملات وتعقيدها ,بينما زميله (عبد الحميد المادح ) قد حصل على وظيفة مرموقة بسهولة ويسر
وفي زمن قياسي بالرغم من أنه أقل منه تقديرا وأدنى تخصصا فتحرى عن السر فوجده يكمن في الواسطة
ودورها الفاعل في المجتمع والتي تنعت بـ ( فيتامين واو ) وقد جبل عليها كثير من الناس حتى صارت
جزءاً من حياتهم اليومية , وأصبح من المعتاد أن يمنح المسؤول من خلال موقعه امتيازات لأقاربه ومعارفه
وهم لا يستحقونها شرعاً وقانوناً، ويحرم منها صاحب الحق الأصلي والأولى بها رغم أن الوظيفة التي تستغل
من قبل البعض استغلالاً خاطئاً لتحقيق المآرب والمصالح الخاصة هي أمانة ومسؤولية و تكليف لا تشريف ،
وفقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه، ناصحاً له ومرشداً: ( يا أبا ذر إنها
أمانة، وإنها حسرة وندامة إلا من أخذها بحق الله فيها ) ,عند ذلك أدرك عبد الله بأن الواسطة أهم من الشهادة
والكفاءة وقد انتشرت انتشاراً واسعاً في كثير من مؤسسات بلاده حتى أنها أصبحت تعرف في المراجع
الأجنبية باسمها المتداول في محيطه Wasta)) ، لذا فقد نازعته بعض الأفكار وأحتار فيما يختار منها فأما
العودة إلى بلاد الغربة التي تدرس بها حيث أن الواسطة في المجتمعات المتقدمة تعد شبه نادرة، وأن الكفاءة
في العمل والإخلاص فيه هما المقياس الأساسي للنجاح والأفضلية ,أو أنه يخضع لسلطان الواسطة ويتخلى
عن نظرته لها باعتبارها من معوقات التنمية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية, وجاء قراره لصالح الاختيار
الأخير وركب موجة الواسطة وحقق من خلالها الوظيفة التي كان يحلم بها وغيرها من متطلبات الحياة
,فأصبح ينظر إلى الواسطة بأنها علاج المعضلات ,والسند في كل الأمور والملمات ,وكتب على مكتبه
( شكرا للواسطة ) فهي التي تخدم الأوطان وتحقق طموح الإنسان .
يا متبع بالجاه منهاج الأخيار=وشفاعتك دايم على نية الخير
تدفع بجاهك والوساطة للأضرار=حيث ٍ لك بالمجتمع قوّ تأثير
لك الثناء يا صاحب الجاه والكار = وآيات شكر ٍ بالمعاني وتقدير
الشعر في صقْل المواهب وتنمية القدُرات, وقد فطِن السلفُ لذلك فأَوْلَوْه الرعاية والتشجيع ,فجاء في
كتاب العمدة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب لأبي موسى الأشعري : ( مُرْ من قِبَلَك بتعلُّم
الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق ، وصواب الرأي ، ومعرفة الأنساب ) ,ويقول معاوية بن أبي سفيان
رضي الله عنه : ( يجب على الرجل تأديبُ ولده , والشعر أعلى مراتب الأدب) ,ويقول الزبير بن بكار :
سمعت العمريَّ يقول : ( رووا أولادكم الشعر , فإنه يحل عقدة اللسان ، ويشجِّع قلبَ الجبان ، ويُطلق يدَ
البخيل ، ويحضُّ على الخلق الجميل ), وفي الوقت الحاضر يحظى الشعر, والشعبي منه على وجه
الخصوص باهتمام كبير في مجلس التعاون لدول الخليج العربية, ومما يؤسف له أن الأضواء أصبحت في
الغالب الأعم تمنح للأدعياء ومحترفي فن تسويق الذات على حساب جودة وأصالة الشعر ولكن يكمن
العزاء في أن الإنسان الفاهم الواعي يدرك أن الشهرة وتسليط الأضواء لا تعني بحال من الأحوال الجودة
والتميز , والتمكن والاقتدار وذلك في كل مجالات الحياة ومنها الشعر والفن فأغنية ( صبوحة خطبها نصيب)
و ( أنا بأكره إسرائيل ) و( البامبو السوداني) من أكثر الأغاني شهرة في الوطن العربي إن لم تتجاوز
خارطته إلى المنفذ العالمي بالرغم من ضعف الكلمات ورداءة اللحن وسوء الأداء وعلى هذا القياس نجد إن
بعض أدعياء الشعر ركبوا الموجة ودخلوا ساحته قسرا ارتكازا على عوامل المحاباة والمجاملة وتبادل
المصالح بالرغم من فشل هذه الفئة بالتميز والعطاء إلا إنها تحظى بالأضواء وتتمتع بشهرة واسعة في طول
الخليج وعرضه وهذه الشهرة مستمدة من حركاتهم التمثيلية وتصنعهم الحماس أثناء الأداء وتعالي صراخ
البعض أو التغنج والابتعاد عن الرجولة والرزانة ومنهم من ينافس أشهر الراقصات بحركاته التمثيلية
المضحكة فتجدهم أضحوكة الجمهور مما يفقد الشعر جوه الحماسي أو العاطفي ويتحول الشعر مع هذه الفئة
المشهورة بالتمثيل من مرآة لآمال وآلام المجتمع إلى تهريج وخواء فكري .
يا كاتب التاريخ سجّل للأجيال =وأنظر لشعر (عوير) و(صوير) بالحيل
ما عاد به تجسيد عن واقع الحال= وقـيل ٍ بليا أهداف ماله محاصـيل
خالي من المضمون وآيات الأمثال= ما غير تهريج ٍ و صوت ٍ و تمثيل
التواضع والإشراق ,وبالرغم من غياب العيار بجسده إلا أنه بقي حيا في الذاكرة و الوجدان , وحاضرا في
المشاعر والأذهان,وذلك من خلال سيرة ومسيرة حياته العطرة والمضيئة والحافلة بالعطاء والولاء,والنبل
الإنساني والوفاء، وروحه المتسمة بصفاء السريرة والنقاء, وأعماله الخالدة في خدمة وطنه ومجتمعه
بدون منة أو ادعاء ، رحم الله أبا مبارك الذي رحل وودع دنيانا الفانية بعد أن سجّل في تاريخ الكويت
صفحات مضيئة ومشرقة ومشرّفة ,نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه
فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان .
يا الله يا منـزل تبـارك والأنفـال= يا موجب ٍ للموت جيل ٍ بثـر جيـل
يا ربّ عم ّ برحمتك عند الأهـوال= حال الذي حـاز الثنـاء والتنافيـل
مرحوم يا حلاّل صعبـات الإشكـال= يا صوتنا يا صار بالـدار تشكيـل
مرحوم يا رمز المواقف والأفعـال= يا اللي لنا في داجي اللـي قنديـل
يا أبو مبارك تكتسي قـدر وإجـلال= وتواضعك ما فيه زيـف ٍ وتضليـل
يا نادر ٍ تشهد لك الناس وأعمـال= ويشهد بزودك من رصد سيرة الجيل
مواقفك بالمرجلة مضـرب أمثـال= وأبلغ من المنظوم والوصف والقيل
بين الورى لك حب صـادق ولا زال=حب ٍ بعيد عن الريـاء والتهاويـل
فوق الثرى وتحت الثرى فيك نختال=ما دام به من يعرف العدل والميـل
لو بالتبصر تندفع بعـض الآجـال= دونك وقف من يوفي الكيل حلحيـل
سندك من يقعد صغا كل من عـال= مشعل اليا كلت عـزوم الرجاجيـل
حر ٍ عريب وكل مـا قـال فعّـال= وأقطع من البالود وأكرم من السيل
لاشك مابه حـي ّ للمـوت يحتـال= حيث الأجل محدود حسب التفاصيـل
ما به خلود ٍ في مسارات الأجيـال= حتى الذي نابـاه بالغـار جبريـل
دنيا الورى مابين حـل ٍ و ترحـال= تطحن رحاها والضحايـا مشاكيـل
بنور الشيم والقيم والأخلاق الفاضلة جاءت إشراقة الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح في الثاني عشر من
أغسطس عام 1963م لينشأ مجبولا على كريم الشمائل ومعالي الأخلاق , ويتعلم في مدرسة فهد الأحمد مناهج
الرجولة , ومسالك الشموخ والبطولة ,وكل خُلقٍ جميل, وطبع كريم أصيل ,وكما يقول عنه الزميل فيصل
المزين : ( أنه صاحب حكمة وروية في اتخاذ القرار متواضع وصبور، لم يكتف بنسبه الرفيع للأسرة
الحاكمة في الكويت بل أضاف إلى ذلك العديد من الأمور والانجازات، وكان النجاح دائما حليف المجتهد ولم
يكن ذلك محض مصادفة، بل نابع عن جد واجتهاد وحسن تدبير) ,ويقول الدكتور سعود مشعل الشمري :
(الشيخ أحمد الفهد هو قطب رئيسي ورجل دولة مسؤول تعوّل عليه الأسرة الحاكمة الكثير، فهو رجل
المستقبل وما أوكل إليه من مهمة غاية في الصعوبة في إطار إخراج البلاد من دوامة وأزمات سياسية
واقتصادية واجتماعية عاشتها لا تعرف كيفية الخروج منها، ليتولى هذه المهمة الصعبة ورسم وتخطيط
سياسة الدولة في التغيير نحو الأفضل في البناء والتنمية وتنفيذها على الوجه الأكمل التي توقفت طويلا حتى
أصبحت عاملا مزعجا للقيادة السياسية وللشعب الكويتي، وهي لها دلالتها ومعانيها على الثقة والكفاءة
السياسية، فهو السياسي الفاعل الذي يتميز بالرزانة والحكمة، كوّن شبكة علاقات ناجحة وطيبة مع جميع
شرائح المجتمع الكويتي، قريب جدا من مواطنيه والمقيمين بتواضع الكرام، يتواصل معهم، ويعرف جيداً ما
يحتاجون إليه، ويأتونه من جميع الأطياف والمستويات، يقدم لهم يد العون والمساعدة وينصفهم من مؤسسات
وجهات الدولة التي تهضم حقوقهم ) ، فالشيخ أحمد الفهد تشرب من والده روح الشجاعة والإقدام , وورث
عن عمه جابر الأحمد مبدأ التواضع وبعد النظر والالتزام , وأكتسب من عمه وأميره الشيخ صباح الأحمد
الحكمة والحنكة وسداد الرأي والإلهام,وأقتبس من عمه نواف الأحمد سمو الخلق والسماحة وكسب الاحترام ,
وأستمد من عمه مشعل الأحمد العزم والحزم وبسط العدالة واحترام النظام , وكأن الشاعر يعنيه حين قال :
خلائق فينـا مـن أبينـا وجدنـا= كذلك طيب الفرع ينمي على الأصل
و يحسب للشيخ أحمد الفهد حضوره الفاعل على الخارطة الوطنية ، وبنشاط مثير للإعجاب فحب الكويت
يجري في عروقه ويستوطن كيانه ووجدانه ,فهو مثال يحتذى به في التفاني والولاء , والطموح والعطاء , وقد
ساهم - ولا يزال – في خدمة وطنه من خلال المناصب السياسية التي أسندت إليه ففي 14 فبراير 2001
عين وزيراً للإعلام، وفي 10 فبراير 2003 عين وزيراً للنفط بالوكالة بالإضافة إلى وزارة الإعلام ,و في
14 يوليو 2003 عين وزيرا للطاقة ,و بتاريخ 15 سبتمبر2004 في المؤتمر الوزاري لمنظمة الأوبيك تم
تعيينه رئيساً للمنظمة ,وفي أبريل 2005 عين وزيرا للطاقة ووزيراً للصحة بالوكالة , وفي 9 فبراير 2006
أعيد تعيينه وزيرا للطاقة , وفي 12 يوليو 2006 عين رئيساً لجهاز الأمن الوطني ,و في 29 مايو 2009
عين نائباً لرئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون الإسكان ووزير دولة لشئون التنمية
،كما أنه حاضر في أوساط قطاع الشباب والرياضة من خلال المناصب التي تولاها ورعايته واهتمامه
وإنجازاته المميزة بصفته رئيسا للجنة الأولمبية الكويتية مما أهله وبجدارة للحصول على جائزة محمد بن
راشد المكتوم للإبداع الرياضي في دورتها الأولى كأفضل شخصية رياضية عربية وذلك تقديرا لمجهوداته
الكبيرة ودوره الرائد في خدمة الرياضة المحلية والعربية ولحنكته ودوره الكبير في المسيرة الرياضية
الناجحة التي تعدت الحدود ووصلت إلى العالمية .
لو يدرك الإخلاص معنى اقتدارك= نال المفاخـر بالتزامـه مقـرك
يا أبو فهد والطيب دايم شعـارك= ولله يـا نبـراس الأخـلاق درك
يزيد قـدرك بالمـلا واعتبـارك= يا فاهم ٍ ما فيـه فتـل ٍ يغـرك
شعلة نشاط بهيبتك مـع وقـارك= وعسى الحسود ونظرته ما تضرك
على التميز في مجالـك نبـارك= وأصدق شعور ٍ بالتهاني تحـرك