مدار الأفكار ؟

(197 ) مدار الأفكار

أصنام الإعلام

يقول الشاعر العربي :

لا تنصروا اللات إن الله يهلكها=وكيف نصرُكُمُ من ليس ينتصرُ؟
إن التي حُرّقت بالنار واشتعلَتْ=ولم يُقاتل لدى أحجارها هـدَرُ

إن الأصنام تعني ما اتُخذ آلهة من دون الله ومفردها «صنم»، وتؤكد المصادر التاريخية أن أول من جلبها إلى

جزيرة العرب هو عمر بن لحي الخزاعي، يقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل وقوله الحق: «وَإِذْ قَالَ

إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ» (إبراهيم: 35)، وفي الجاهلية عبد العرب

هذه النصب والتماثيل التي كانت تتفاوت في هيئتها بين الرجال والإناث، وكانوا يتقربون إليها بنحر الذبائح

وتقديم القرابين، قال الله عزّ وجلّ: «إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيداً» (النساء:

117)، وقد اتخذت أحياء العرب أصناما خاصة بها وبالغوا في تكريمها وعبادتها والاعتناء بها، ومن هذه

الأصنام «أساف» و«نائلة»، وكانا قائمين عند الصفا والمروة، و«سعد» بساحل جدة وعبده ملكان من كنانة،

و«سواع» عبدته هذيل، و«العزى» أعظم أصنام قريش و«اللات» بالطائف، وكانت تعبدها ثقيف، و«مناة»

على الساحل بين مكة والمدينة وعبدتها الأوس والخزرج وغسان، و«نسر» عبدته حميّر و«هبل» أعظم

الأصنام وأشهرها وكان قائما في الكعبة و«ود» عبدته قبيلة كلب و«يعوق» عبدته همدان و«يغوث» بدومة

الجندل وعبدته مذحج قال تعالى: «أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى *وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى *أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى *ِتلك

إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ

وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى) (النجم:19- 23)، وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه

وسلم قال: «إن أول من سيّب السوائب وعبد الأصنام عمرو بن عامر الخزاعي، وإني رأيته يجر أمعاءه

في النار» ويوم فتح مكة نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله فلا يتركن في بيته

صنما إلا كسره أو حرقه وثمنه حرام»، وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله موضوع أصنام

العرب فقال: «ثم اتخذوا العزى، وهي أحدث من اللات، وكانت بوادي نخلة، فوق ذات عرق، وبنوا عليها

بيتا، وكانوا يسمعون من الصوت، وكانت قريش تعظمها، فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، بعث

خالد بن الوليد فأتاها فعضدها، وكانت ثلاث سمرات، فلما عضد الثالثة: فإذا هو بحبشية نافشة شعرها،

واضعة يدها على عاتقها، تضرب بأنيابها، وخلفها سادنها، فقال الوليد: «يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت

الله قد أهانك»، ثم ضربها ففلق رأسها، فإذا هي حممة، ثم قتل السادن»، ويقول العلاَّمة عبد الرحمن بن ناصر

السعدي: «إن الوثن اسم جامع لكل ما عُبد من دون الله، لا فرق بين الأشجار والأحجار والأبنية، ولا بين

الأنبياء والصالحين والطالحين في هذا الموضع وهو العبادة فإنها حق الله وحده، فمن دعا غير الله أو عبده

فقد اتخذه وثنا وخرج بذلك عن الدين، ولم ينفعه انتسابه إلى الإسلام، فكم انتسب إلى الإسلام من مشرك

وملحد وكافر ومنافق، والعبرة بروح الدين وحقيقته لا بمجرّد الأسامي والألفاظ التي لا حقيقة لها»، ومن

المشروع كما يقول الحافظ ابن حجر: «إِزَالَة مَا فُتن بِهِ النَّاس مِنْ بِنَاء وَغَيْره سَوَاء كَانَ إِنْسَانًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ

جَمَادًا» أما أصنام العصر فهي الأسماء التي صنعها الإعلام وأوجدتها المطبوعات الشعبية، والقنوات الفضائية

لبعض الشعراء والشاعرات، والأدعياء من مستشعرين ومستشعرات، وبالغت في تمجيدها وتعظيمها ونعتها

بنعوت الكمال والتنزيه، ولكل مطبوعة وقناة توابعها من هذه الأسماء التي تسعى إلى تفخيمها و«تصنيمها»

ومنحها نوادر الألقاب، وهالات التبجيل والإعجاب! وإن كان حب المدح كما يقول عبد الله بن المقفع: «مثلبة

للرجل»، إلا أن الإنسان بطبيعة حاله مجبول على حب المديح والثناء، وميال للتمجيد والإطراء، فتجده يكره

النقد وإن كان صدقا، ويطرب للإشادات وإن كان مبالغا فيها، لذا فقد اتبع البعض تعليمات وتوجيهات مسؤولي

النوافذ الإعلامية حبا في الأضواء، وتشبثا بخيوط الشهرة الزائفة، وطمعا في المزيد من الألقاب التي تجاوزت

الحدود المقبولة والمعقولة، وكما يقال في المثل الشعبي «ما زاد عن حده انقلب ضده»، وبالرغم من التفنن

بأساليب الغش والخداع، وتضليل الدهماء والرعاع، فقد انكشفت أوراق مزيد من الأدعياء، وبانت حقائق كثير

من الدخلاء، ولا يصح إلا الصحيح على الرغم من تدليس وتفاني محترفي النفاق في الثناء والمديح.

لو زاد للأصنام تمجيد الإعـلام=ما ينطلي تكرار قلب المفاهيـم
زيف الثناء وأحلام الأقلام مادام=رغم التفنن باتبـاع التعاليـم

عبد العزيز الفدغوش
الأربعاء , 20 أكتوبر2010
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Dynamic.as...d8%b4&st=exact

(198) مدار الأفكار
فهد المجد
يقول الشاعر العربي :

وسما على الأقران دون تكلفاً = وله إلى العليا العليّ مركب
وعلى الجـوزاء في عليائها = وكأنه بين الكـواكب كوكب

إن التعاون والتضامن ,والتآزر والتكاتف بين المسلمين من الفضائل التي جاء بها الإسلام وعلى ذلك

تحث كثير من الآيات والأحاديث الشريفة قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى

الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( المائدة : 2 ) ، وقال النبي صلى الله عليه

وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له

سائر الجسد بالسهر والحمى ) ,و يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( حياة بني آدم وعيشهم

في الدنيا لا يتم إلا بمعاونة بعضهم لبعض في الأقوال ، وفي الأعمال , وأما في مسائل الدين والشرع :

فالأمر كذلك ، فلم يقم نبي من الأنبياء بالدعوة إلا واحتاج من يعينه على تحقيق التوحيد ، ودحر الشرك

، وفي الجهاد يظهر أثر ذلك جليّاً ، وقل مثل ذلك في التعليم ، ورعاية المساكين ، والقيام على الأرامل

والأيتام ) , ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ( ومن المعلوم أنه لا يتم أمر العباد فيما

بينهم , ولا تنتظم مصالحهم ، ولا تجتمع كلمتهم ,ولا يهابهم عدوهم , إلا بالتضامن الإسلامي ،الذي

حقيقته التعاون على البر والتقوى , والتكافل ، والتعاطف ، والتناصح , والتواصي بالحق , والصبر

عليه , ولا شك أن هذا من أهم الواجبات الإسلامية , والفرائض اللازمة , وقد نصت الآيات القرآنية

, والأحاديث النبوية ,على أن التضامن الإسلامي بين المسلمين - أفراداً وجماعات , حكوماتٍ

وشعوباً - من أهم المهمات , ومن الواجبات التي لا بد منها لصلاح الجميع , وإقامة دينهم وحل

مشاكلهم , وتوحيد صفوفهم , وجمع كلمتهم ضد عدوهم المشترك ) , ومن فضل الله ونعمه علينا في

الخليج أن جعل روح الألفة والمحبة والإخاء , وقيم التراحم والتلاحم والنقاء تسود المجتمعات في دول

مجلس التعاون وقد تجلى ذلك في أعظم صور الحب والعطاء والتواصل والوفاء خلال حفل الاستقبال

الذي أقامه بقصر قرطبة في الأسبوع الماضي سمو الشيخ سالم العلي رئيس الحرس الوطني عميد

أسرة الصباح الكرام ابتهاجا بعودة نجله الشيخ فهد سالم العلي سالما معافى أثر الاعتداء الغادر الذي

تعرض له في باريس فقد تقدم جموع المهنئين سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ورئيس

مجلس الأمة جاسم الخرافي وعدد من الشيوخ والمسؤولين وحشد كبير من المواطنين وأبناء الخليج ,

وفي المناسبة قال الخرافي : ( هذه هي الكويت.. وهذه المحبة والألفة التي تجمعنا.. وان شاء الله

دائمة) ،وفي ذات الاحتفال قال الشيخ صباح الخالد : ( نحمد الله على وصول الشيخ فهد بالسلامة إلى

أرض الوطن، ونشكر كل من شارك في استقباله والسؤال عنه، ونقول للجميع لا أراكم الله مكروها،

وان شاء الله دائما نراكم في خير وسلامة) , وقال الشيخ ضاري فهد الأحمد: ( كم نحن سعداء

بوصول ابن العم سالماً معافى من هذه المحنة) ,و قال الشيخ أحمد اليوسف: (نسجد لله شكراً على

فضله ونعمته بعد عودة الشيخ فهد سالماً معافى من فرنسا بعد حادثة الاعتداء الأليمة، وليس بغريب

على أهل الكويت وقفتهم واصطفافهم في وقت المحن والشدائد ولطالما أثبتوا ذلك) , وعن شعوره بعد

عودته إلى أرض الوطن قال الشيخ فهد سالم العلي : (لله الحمد، لله الحمد، لله الحمد أنني عدت إلى

أرض الكويت الحبيبة بعد الحادث الأليم الذي تعرضت له في فرنسا، هذا الحادث الغادر والجبان لكنه

كشف لي بوضوح مميزات الشعب الكويتي ومواقفه الأصيلة، عرفت من خلاله أصالة معدن الشعب

الكويتي الذي دائما يقف وقفة رجل واحد عندما يتعرض أي من أبنائه لحادث أو اعتداء، رأيت فزعة

أهلي أهل الكويت من المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة، أحسست بإحساس لا يوصف

عندما غمروني بكل هذا الحب منذ علمهم بهذا الحادث الغادر، وأقولها بكل فخر واعتزاز إن محبة أهلي

أهل الكويت جميعا وعلى رأسهم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ

نواف الأحمد وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد كان لسؤالهم عني دور كبير في سرعة

تماثلي للشفاء بفضل من الله سبحانه) , وبعيدا عن الربط بين الحادثتين إلا أن هذه الحادثة الأليمة قد

أعادتني إلى محاولة الاغتيال التي تعرض لها بتاريخ 27 أغسطس 2009 م جبل الأمن والاقتدار

ونبراس العطاء والاستقرار في المملكة العربية السعودية الشقيقة صاحب السمو الملكي الأمير محمد

بن نايف بن عبد العزيز آل سعود مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية حيث ندرك من خلال هذه

الحوادث وغيرها بأن أيادي الغدر تسعى لاغتيال الرجال من رموز المواقف والأفعال ,ولكن مشيئة الله

تأبى أن تحقق مقاصد خفافيش الظلام والضلال في اغتيال شموخ الرجال وإزالة شواهق الجبال .

خطاك سوّ الوقت يا قاهر إعداك = يا نادر ٍ بالطيب بانت مواريك
نجم السعد والمجد عانق إمحياك = ومن طيب ذاتك نفتخر بك ونغليك
عسى الولي من كل مكروه ياقاك =يا من ابعاد ٍ بالمواقف مراميك
نادر حرار ووافيات ٍ مزاياك = وشلت يدين ٍ يا أبو سالم تعاديك

عبد العزيز الفدغوش
الأحـــــد , 24 أكتوبر2010
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Dynamic.as...d8%b4&st=exact

( 199 ) مدار الأفكار

يقول الشاعر العربي :

لا تسألن بني آدم حاجة = وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله= وبني آدم حين يُسأل يغضب

إنّ الدعاء من أفضل العبادات,ومن أعظم ما يرفع الله به البلاء والعقوبات ,فهو مخ العبادة وركنها الركين

وأساسها المتين,والدعاء يعني الاستغاثة والعبادة والرغبة والصلاة والطلب، ولغة هو مصدر من قولك:

(دعوتُ الشيء أدعوه دعاءً، أي أن تُميله إليك بصوت منك وكلام ),وفي لسان العرب مادة ( د ع

و ) يقول ابن منظور: ( دعا الرجلَ دعوًا ودعاءً: ناداه, والاسم: الدعوة, ودعوت فلانًا: أي صِحت

به واستدعيته ,أما الدعاء شرعا فقد جاء بعدة تعريفات, قال الخطابي: (معنى الدعاء استدعاءُ العبدِ

ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منه المعونةَ,وحقيقته:إظهار الافتقار إلى الله تعالى ,والتبرُّؤ من

الحول والقوّة،وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ،

وإضافة الجود والكرم إليه) ,وقال ابن منظور: (هو الرغبة إلى الله عز وجل) ,وقد ورد الدعاء في

القرآن الكريم على وجوه عديدة ، منها: (العبادة، والطلب والسؤال من الله سبحانه، و الاستغاثة

والنداء ،و توحيد الله وتمجيده والثناء عليه ) , قال تعالى: (وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم

بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) (الكهف :28)،وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ

أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (البقرة:186) وقال عز ّوجل ّ: ( قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَـكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ

أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ * بَلْ إِيَّـٰهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء

وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ) (الأنعام:40 ، 41) ، والدعاء الذي حثَّ الله عليه في كتابه، ووعد

المخلصين فيه بجزيل ثوابه، نوعان: ( دعاء المسألة وهو طلب ما ينفع الداعي وكشف ما يضره

ودفعه ، ودعاء العبادة وهو التقرب إلى الله بجميع أنواع العبادة، الظاهرة والباطنة، من الأقوال

والأعمال ) ، قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي: ( كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء,

والنهي عن دعاء غير الله, والثناء على الداعين، يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة, وهذه قاعدة

نافعة؛ فإن أكثر الناس إنما يتبادر لهم من لفظ الدعاء والدعوة دعاءُ المسألة فقط, ولا يظنون دخول

جميع العبادات في الدعاء, وهذا خطأ جرهم إلى ما هو شر منه) , وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

(وكل سائل راغب وراهب، فهو عابد للمسؤول، وكل عابد له فهو أيضا راغب وراهب، يرجو رحمته

ويخاف عذابه، فكل عابد سائل، وكل سائل عابد، فأحد الاسمين يتناول الآخر عند تجرده عنه، ولكن إذا

جمع بينهما فإنه يراد بالسائل الذي يطلب جلب المنفعة ودفع المضرة بصيغ السؤال والطلب، ويراد

بالعابد من يطلب ذلك بامتثال الأمر، وإن لم يكن في ذلك صيغ سؤال, والعابد الذي يريد وجه الله والنظر

إليه، هو أيضا راج خائف راغب راهب، يرغب في حصول مراده، ويرهب من فواته، قال تعالى: (إِنَّهُمْ

كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى ٱلْخَيْرٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَبا) ( الأنبياء:90) ، وقال تعالى: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ

عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) (السجدة:16)، ولا يتصور أن يخلو داع لله دعاء عبادة أو

دعاء مسألة من الرغب والرهب، من الخوف والطمع) , ومن فضائل الدعاء وثمراته أنه طاعة لله

وامتثال لأمره ,و دليل على الكياسة و الإيمان بالله والاعتراف له بالربوبية والألوهية والأسماء

والصفات, وتأكيد على حقيقة التوكل عليه, وسبب لدفع غضب الله ورفع العقوبة والبلاء,وفيه انشراح

للصدر وسلامة من العجز و الكبر , ووسيلة لعلو الهمة ,فالدعاء عبادة وهو أكرم شيء على الله ,

قال رسول الله صلى الله عليه : ( أن الدعاء هو العبادة) ,وقال أيضا : ( ليس شيء أكرم على الله

عز وجل من الدعاء) ,وقال عليه السلام : (سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يُسأل) , فثمرة

الدعاء مضمونة بإذن الله قال صلى الله عليه وسلم : (ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل أو

كف عنه سوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم) ,وقال أيضا ( لا يرد القضاء إلا الدعاء) , ويقول

أهل السنَّة والجماعة: ( إن الدعاء واجبٌ، ولا يستجاب منه إلاّ ما وافق القضاء, فقد أمر الله تعالى

به، وحضَّ عليه، فقال سبحانه: (ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر:60)، وقال: (ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا

وَخُفْيَةً) (الأعراف:55) ، وقال: (قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ) (الفرقان:77) ، قال

الخطابي: ( فأما من ذهب إلى إبطال الدعاء، فمذهبه فاسد, ومن أبطل الدعاء فقد أنكر القرآن ورده،

وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين : (إنه سبحانه وتعالى أمر عباده أن يدعوه، فأفاد ذلك أن الدعاء

عبادة, وأن ترك دعاء الرب سبحانه استكبار) ,و قال المناوي في فيض القدير : (لأن تارك السؤال

إما قانط وإما متكبر، وكل واحد من الأمرين موجب الغضب) ، ويقول الشاعر :

واني لأدعو الله والأمر ضيّق = علي فما ينفك أن يتفرجا
ورب فتى ضاقت عليه وجوهه= أصاب له في دعوة الله مخرجا

ويقول الإمام الشافعي :

أتهزأ بالدعاء وتزدريه= وما تدري بما صنع الدعاء
سهام الليل لا تخطي ولكن= له أمد وللأمد انقضاء

فالدعاء مفتاح الرحمة، ومصباح الظلمة ,ومفزع المظلومين وملجأ المستضعفين, وهو دواء نافع ,

وعلاج ناجع ,قال صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء سلاح المؤمن ) وقال أيضا : (إن الله يحب

الملحّين في الدعاء) , وعندما يمر الإنسان بظروف صعبة وقاهرة كالتي تمر بها الأمة الإسلامية

اليوم فانه بأشد الحاجة إلى الدعاء والتوسل والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى, ولقد كان النبي عليه

الصلاة والسلام أفزعُ الناس إلى الدعاء إذا ألمت مصيبة أو نزلت نازلة, نسال الله أن يعز الإسلام و

المسلمين ، وأن ينصر عباده الموحدين, وأن يرفع راية العدل والدين , وصلى الله على المبعوث

رحمة للعالمين .

يا مشتكي بدنياك من زود الأكدار = ترى الفرج في كف وال المقادير
أرفع كفوفك بالدعاء وقت الأسحار =حيث التضرع للولي مصدر الخير
بين الورى لا ترتجي دفع الأضرار= إلا من اللي يرزق السبع الطير

عبد العزيز الفدغوش
الأحـــــد , 31 أكتوبر2010
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Dynamic.as...d8%b4&st=exact

(200 ) مدار الأفكار

يقول الشاعر العربي :

يا صانع المجد في أرجاء دولة = خضراء كالواحة الخضراء بالنعم
أشغلت فكرك بالتفكير في غدها =ويومها وسهرت الليل لم تنـم

في الثالث من نوفمبر عام 2004 م أي في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام أنتخب

المجلس الأعلى للاتحاد وهو أرفع سلطة دستورية وأعلى هيئة تشريعية وتنفيذية في الإمارات العربية

المتحدة,صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حاكم إمارة أبو ظبي رئيسا لدولة الإمارات

العربية المتحدة , خلفا لوالده المغفور له فقيد الإمارات والوطن العربي الشيخ زايد بن سلطان آل

نهيان – رحمه الله وطيب ثراه - والشيخ خليفة يعد من القادة الخمسة والعشرين الأكثر تأثيرا في

العالم وفقا لما جاء في مجلة ( تايم ) الأمريكية واسعة الإنتشار,و هو أكبر أنجال الشيخ زايد آل

نهيان,ومن مواليد مدينة العين عام 1948م , عاش وترعرع في كنف والده وكان ملازما دائما

له ,وبدأت تربيته عبر حفظ القرآن الكريم , ثم تلقى تعليمه الأساسي بمدينة العين في المدرسة

النهيانية التي أنشأها الشيخ زايد في العين التي تعد ثانية كبرى المدن في إمارة أبو ظبي وتشكل قاعدة

لكثير من القبائل المحلية ما وفر له فرصة واسعة للاحتكاك الميداني بمشاكل المواطنين وجعله إثر

ذلك مع الطفرة التنموية الناجمة عن اكتشاف النفط يقوم بمبادرات عديدة لتحسين مستوى عيشهم ,

وقد تقلد الشيخ خليفة بن زايد العديد من المناصب قبل توليه الحكم , ففي 18 سبتمبر عام 1966م

شغل منصب ممثل حاكم أبو ظبي في المنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها, وفي مطلع فبراير عام

1969م عين وليا لعهد إمارة أبو ظبي كبرى الإمارات السبع في دولة الإمارات العربية المتحدة وكان

عمره حينها 21 عاما , وفي 2 فبراير عام 1969م تولى رئاسة دائرة الدفاع مع نشأة قوة دفاع

إمارة أبو ظبي التي أصبحت نواة لجيش الإمارات , وفي الأول من يوليو عام 1971م شغل منصب

رئيس مجلس وزراء إمارة أبو ظبي، كما تولى وزارة الدفاع والمالية, وفي ديسمبر عام 1971م

وبعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وتشكيل مجلس وزراء اتحادي أسند إليه منصب نائب رئيس

مجلس الوزراء, وفي 20 فبراير تولى رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي , و في مايو 1976

م عين نائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات في أعقاب قرار المجلس الأعلى للاتحاد

بدمج القوات المسلحة تحت قيادة واحدة وعلم واحد, وترأس الشيخ خليفة المجلس الأعلى للبترول

الذي يملك صلاحيات واسعة في مجال النفط والطاقة , وتولى لفترات رئاسة مجلس إدارة صندوق النقد

العربي ورئاسة مجلس إدارة جهاز أبو ظبي للاستثمار، كما شغل منصب ممثل دولة الإمارات في

الهيئة العربية للتصنيع الحربي, وكان وراء إنشاء دائرة الخدمات الاجتماعية والمباني التجارية التي

تتولى مساعدة مواطني أبو ظبي في هذا المجال, و في 2 نوفمبر 2004م تولى سدة الحكم في إمارة

أبو ظبي بعد الإعلان عن وفاة والده, وفي 3 نوفمبر من ذات العام أنتخبه المجلس الأعلى للإتحاد

رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة , وتمتاز شخصية سمو الشيخ خليفة بالهدوء والبعد عن

التوتر، بالرغم من المهام الحكومية والرسمية الكثيرة , وهو قارئ للتاريخ والشعر، ويجمع مجلسه

الكثير من المفكرين والأدباء والشعراء , ويحب رياضة الصيد بالصقور، وهي ميول اكتسبها عن والده

الذي يعد واحداً من الخبراء الدوليين في هذا المجال , وللشيخ خليفة إسهامات مهمة في دعم أنشطة

الدعوة الإسلامية فهو يسهم مادياً ومعنوياً في إنشاء ودعم المراكز الإسلامية، ويقدم مساعدات فعالة

لكل من يعمل في حقل الدعوة إلى الله,وهناك عدد من المدارس باسمة في العديد من الدول الإسلامية

وله تبرعات لمساجد ومراكز إسلامية في أوروبا , كما إن هذا الجهد لم يؤثر في مستوى اهتمامه

بالقضايا الأخرى في حياة الإماراتيين، وأهمها بناء واقع اجتماعي جديد يتحلى بمستوى جيد من

الخدمات والمرافق, ومن أبرز ما يذكر في هذا المجال المشروع الذي ارتبط باسمه وهو مشروع

خليفة للإسكان، أو ما يعرف على نطاق شعبي باسم ( لجنة الشيخ خليفة ) حيث تقدم قروضاً

للمواطنين لبناء مساكن أو مشروعات سكنية بفوائد رمزية , ومن أبرز قنوات الاتصال الخارجي التي

أشرف عليها الشيخ خليفة صندوق أبو ظبي للتنمية، الذي تأسس قبل أكثر من 25 سنة، ويتولى تقديم

قروض ميسرة للدول العربية والدول النامية الأخرى , ومنذ إنشاء هذا الصندوق وحتى الآن قدم

مليارات الدولارات كقروض أو منح، أو قام بإدارة مساعدات إماراتية لكثير من الدول , وساهم دور

الشيخ خليفة على رأس هذه المؤسسة الاقتصادية والتنموية في تعزيز علاقات دولة الإمارات

الخارجية بكثير من الدول النامية , وفي الثناء على سموه يقول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب

رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: ( إن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل

نهيان رئيس الدولة حفظه الله هو رائد العمل الإنساني بلا منافس، وإن دولة الإمارات تؤمن بأهمية

التعاضد والتآزر بين دول العالم كافة ) , وفي عهد الشيخ خليفة بن زايد صنفت دولة الإمارات العربية

المتحدة بين أكثر دول العالم عطاء ومساهمة في تخفيف معاناة وآلام العديد من شعوب العالم , وفي

الذكرى السادسة لتولي سمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم في دولة الإمارات العربية

المتحدة نسأل الله العلي القدير أن يضفي على الإمارات نعيم الأمن والأمان وأن يعين سموه على

مواصلة العمل بنهج زايد الخير الوالد القائد ,والسير على خطاه بالتعاون والتضامن مع إخوانه أصحاب

السمو أعضاء المجلس الأعلى للإتحاد وذلك لتعزيز المسيرة الاتحادية ولكل ما فيه خير واستقرار

وازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة ومجلس التعاون الخليجي .

سلام يا نبراس دار الثقافة = يا زايد الأمجاد وأسمك خليفة
قلبك حوى للشعب حب ومرافة = يا سور دارك بالليال الكليفة
تعيدنا لأمجاد عصر الخلافة =بآيات جود ٍ والمرامي شريفة

عبد العزيز الفدغوش
الأربعاء , 3 نوفمبر2010
[email protected]
http://www.alwasat.com.kw/Dynamic.as...d8%b4&st=exact