(244) مدار الأفكار
قرار المستشار
يقول الشاعر العربي :
إذا بلغ الأمر المشورة فاستعن = برأي لبيب أو مشورة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة = فإنّ الخوافي قوة للقوادم
إن أصل المشاورة هو الاستخراج والإظهار,والشورى والمشورة والمشاورة هي مصادر للفعل شاور, فيقال
: شاورته في الآمر,أي طلبت رأيه, واستخرجت ما عنده وأظهرته,ويقول أهل اللغة : (والاستشارة مأخوذة
من قول العرب: شار العسل إذا استخرجه من موضعه واجتباه,والشورى والشارة :الهيئة والمظهر الحسن,
ويقال فلان خير شير أي يصلح للمشاورة ,ومن حكم العرب قولهم: ( ما خاب من استشار) ,مما يدل على
عظيم مكانة الاستشارة,وفي تعريف الشورى اصطلاحًا,يقول الأصفهاني بأنها: (استخراج الرأي لمراجعة
البعض للبعض) ,ويقول ابن العربي بأنها: (هي الاجتماع على الرأي ليستشير كل واحد صاحبه ويستخرج ما
عنده,فالمشاورة أصل الدين وسنة الله في العالمين, وهي حق على الخليقة من الرسول إلى أقل خلق بعده في
درجاتهم ) ,وقال الطبري في تفسيره: (هي المفاوضة في الكلام ليظهر الحق) ,ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
(لا غنى لولي الأمر عن المشاورة,فإن الله تعالى أمر نبيه, فقال:{فاعف عنهم وشاورهم في الأمر}, وقال ابن
عطية: (والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام,ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب) , ويقول
عدي بن زيد: (في سماع بإذن الشيخ له*وحديث مثل ما ذي مشار) ,ويقول أحد المعاصرين هي استطلاع
الرأي من ذوي الخبرة فيه للتواصل إلى أقرب الأمور للحق,ويقول مرزوق علاوة: ( تشكل الشورى العمود
الفقري لنظام الحكم في دولة الخلافة الإسلامية بناء ووظيفة) ,ولعظم شأن الشورى في الإسلام فقد قرنها الله
سبحانه وتعالى بكلمة التوحيد وإقامِ الصلاة وقدَّمها على الإنفاق من المال الذي يشتمل على الزكاة وهي ركن
من أركان الإسلام قال تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنفِقُونَ) ( الشورى :38 ) ,وقال تبارك وتعالى: ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ) ( آل عمران : 159),وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (المستشير معان والمستشار مؤتمن ),
وقال أيضا : (ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم) ,وتزخر السيرة النبوية الشريفة قولا وعملا بالأحاديث
والمواقف الخالدة المجسدة لمبدأ الشورى فعن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: (لم يكن أحد أكثر مشورة
لأصحابه من رسول الله) ,وقد جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحرص على استشارة الشيخين أبو
بكر وعمر رضي الله عنهما,عن الإمام أحمد رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهما: (لو
اجتمعتما على رأي ما خالفتكما),والشورى تعني النظر في الأمور من أرباب الاختصاص,ومعالجة آراء
الرجال في شأن من الشؤون للخروج بأحسنها وأنسبها,وقد أمر الله بها ومدحها,وقد شرعت لجمع الشمل
وتوحيد الصفوف,والاستقرار على الرأي الصحيح,وتحقيق النفع والمصلحة العامة للأمة وجعلها فوق كل
مصلحة أخرى,وقد تم تطبيق مبدأ الشورى في عهد المصطفى الأمين وفي عهد خلفائه الراشدين,فالشورى
منهاج مرتبط بالعقيدة والشريعة,وأصل عام شامل لكل شؤون المجتمع,وهي وسيلة للألفة والمحبة والوحدة,
ومن ثمار الشورى التي ننعم بها في الخليج العربي,وتحقيقا لرغبة أصحاب الجلالة السمو قادة دول المجلس
حفظهم الله ورعاهم فقد أقرت المواطنة الخليجية التي تعني تحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني
دول المجلس في كافة المجالات في جميع الدول الأعضاء,إلا أن قرارات المجلس الأعلى تصطدم بعناد بعض
المستشارين من غير الخليجين ممن لهم النفوذ في كثير من الوزارات, ولتوضيح ذلك فقد أقر المجلس الأعلى
في دورته السادسة (مسقط ديسمبر1985م) : (معاملة كل طلاب دول المجلس في مراحل التعليم الابتدائي
والمتوسط والثانوي معاملة طلاب الدولة مكان الدراسة,ومعاملة الشهادات والوثائق الدراسية الخاصة بمواطني
دول المجلس والصادرة من أية مؤسسة تعليمية رسمية بدول المجلس معاملة تلك الشهادات والوثائق الصادرة
من الدولة نفسها,ولا تتطلب التصديق من السفارات والملحقيات الثقافية ووزارات الخارجية),ولكن المستشار
غير الكويتي يقول لا أعترف إلا بتصنيف ( طالب كويتي وغير كويتي ووثيقة كويتية وأخرى أجنبية ),وبشان
تلقي الخدمات الصحية ينص قرار المجلس الأعلى في دورته التاسعة (المنامة ديسمبر 1988م) على أن"يعامل
مواطنو دول مجلس التعاون المقيمون والزائرون لأي دولة عضو معاملة مواطني الدولة نفسها في الاستفادة
من المراكزالصحية والمستوصفات والمستشفيات العامة وذلك اعتباراً من أول مارس 1989م",ولكن المستشار
المغوار يصنف أبناء دول مجلس التعاون ( الزائر منهم والمقيم ) ضمن الوافدين من العرب والأجانب,ولا
نصيب لهم في خدمات العيادات المسائية الخاصة بالمواطنين,وما تم ذكره والتطرق له هو غيض من فيض
من القرارات التي لا تجد سبيلها إلى التطبيق والتنفيذ على أرض الواقع بفضل رؤية ونفوذ بعض المستشارين غير الخليجيين.
يا ولاة الأمر وأصحاب القرار=يا منار العرف والفكر المنير
للخليجي من يرد الاعتبار = وينصفه من كيد محمود وزهير
بالوزارة ما أخذ ٍ وضع اقتدار=مستشار ٍ له نفوذ ومستطير
مستند في ظل غيره بالمسار = ولا يقدر لا كبير ولا صغير
من غروره زاد شره واستطار= ولا يرده لا مدير ولا وزير