( 12) مدار الافكار
حصاد الاتحاد
يقول الدكتور غازي القصيبي:
خليجُ يا موجـةً بيضـاءَ تنقلهـا= أصابعُ الشوقِ من قلبي إلى بصري
أعيذُ وجهَـك أن تغـزو ملامحَـه= رغمَ العواصفِ إلا بسمـةُ الظفـرِ
ان مجلس التعاون لدول الخليج العربية منظمة سياسية اقتصادية اجتماعية
وفق المبادئ والاهداف التي حددها نظامه الاساسي، فهو يمثل تنظيما
تعاونيا اقليميا بين دول الخليج العربية في مواجهة التحديات التي فرضتها
الظروف ويواكب مسيرة العصر حيث تتجه دول العالم نحو الاتحاد في ما بينها
ولا مجال للكيانات الصغيرة.
وقبل يومين مرت بنا الذكرى السابعة والعشرون لقيام مجلس التعاون لدول
الخليج العربية، ففي 25 مايو 1981م توصل أصحاب الجلالة والسمو قادة كل
من المملكة العربية السعودية، ومملكة البحرين، والامارات العربية المتحدة،
وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت في اجتماع عقد بمدينة ابوظبي
الى صيغة تعاونية تضم الدول الست تهدف الى تحقيق التنسيق والتكامل
والترابط بين دولهم في جميع الميادين، وصولا الى وحدتها وفق ما نص عليه
النظام الاساسي للمجلس في مادته الرابعة، التي اكدت ايضا تعميق وتوثيق
الروابط الصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس.
وجاءت المنطلقات واضحة في ديباجة النظام الاساسي التي شددت على ما
يربط بين الدول الست من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وانظمة متشابهة
اساسها العقيدة الاسلامية، وإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف، وان
التعاون في ما بينها إنما يخدم الاهداف السامية للامة العربية.
ولم يكن قرار قيام مجلس التعاون وليد اللحظة او المصادفة، بل كان تجسيدا
مؤسسيا لواقع تاريخي واجتماعي وثقافي، حيث تتميز دول مجلس التعاون
بعمق الروابط الدينية والثقافية، والتمازج الاسري بين مواطنيها، وهي في
مجملها عوامل تقارب وتوحد، عززتها الرقعة الجغرافية المنبسطة عبر البيئة
الصحراوية الساحلية التي تحتضن سكان هذه المنطقة ويسرت الاتصال
والتواصل بينهم، وخلقت ترابطا بين سكان هذه المنطقة وتجانسا في الهوية
والقيم، واذا كان المجلس لهذه الاعتبارات استمرارا وتطويرا وتنظيما لتفاعلات
قديمة وقائمة، فإنه من زاوية اخرى يمثل ردا عمليا على تحديات الامن
والتنمية، كما يمثل استجابة لتطلعات ابناء المنطقة في العقود الاخيرة لنوع
من الوحدة العربية الاقليمية، بعد ان تعذر تحقيقها على المستوى العربي
الشامل. وقد حدد النظام الاساسي لمجلس التعاون اهداف المجلس في
تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الاعضاء في جميع الميادين،
وصولا الى وحدتها وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع انظمة متماثلة في
مختلف الميادين الاقتصادية والمالية والتجارية والجمارك والمواصلات وفي
الشؤون التعليمية والثقافية، والاجتماعية والصحية والاعلامية والسياحية
والتشريعية والادارية ودفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات
الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية، وانشاء مراكز بحوث
علمية واقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص، وكما يقول
رائد فكرة انشاء المجلس سمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح -
رحمه الله وطيب ثراه : «إن قيام مجلس التعاون الخليجي كفيل بأن يضع قوة
الدول الاعضاء سياسيا واقتصاديا على مسار العمل الجدي لتوطيد الاستقرار
في المنطقة وإبعاد خطر التدخل الخارجي عنها وتكريس هذه القوة لخدمة
قضايانا القومية»، وقد تجلت روح التعاون والتضامن بين دول المجلس في
كثير من المواقف والازمات التي عصفت بالمنطقة فهو النموذج الامثل
والافضل للوحدة على المستوى العربي والاقليمي والدولي.
مجلس تعاون للفخر صار نبـراس= فيه الأمل وأسس على نهج مدروس
صرح ٍ جلى عن المنطقة شبح الأتعاس= واليا ذكر بين الدول نرفع الرؤوس