أرق بين حرف وورق
الأرق توجسا شغوف من تلك الأكوام من الكتب هنا وهناك ...بحث مضني عن المعنى ولطافة الحرف عن قدر من الالفة
الفكرة المحبوسة بين غلافين وحدنا من يفك اسرها ...يتأملها يناقضها ...او يعتنقها
والابطال مساجين السطور عندما نقرأهم نقترب منهم نحمل همومهم نكر...ونفر نعيش أمانيهم ونحلق مع أنعتاقاتهم
لماذا يقتل بعض المؤلفين أبطالهم ...ليبكونا أم ليتخلصوا من وزر وجودهم وكينونتهم ...بعض القدرة موجعة وبعض الإنتصارات حمق !
نفكر كم يشبهوننا أو يفرقوننا ...أونعاديهم فنغلق الكتاب ونعاود حبسهم ربما ليتلبسهم النسيان
اني أقرأ ...أني أغرق !
تتكتل الكتب أمامي كتحدي لذيذ وغريب بعوالمها الجميلة وتخيلاتها
وحكايا ت الهزائم والتفوق والغرائب وكثير من جنون البشر وتساميهم وانحداراتهم
اختار الكتب بعشوائية أكره الاراء المسبقة رغم أنشدادي إليها ليكون لي ارقي الخاص ويكون أن احتضن الكتاب أو القي به بعيدا .........مع كثير من الحنق !
-وقريبا سأبدأ في البعثرة !
عوالم الورق واالانامل التي تلطخها بالحبر والامنيات وشيء من الاكاذيب
...... وأرق الكاتب وهو يجمع خيوط الحب وعلامات الطريق
وتعبنا نحن ...عندما نقرأ!
نتشرب بياض الورق ...ونغرق ...
في (بيت الارواح ) حيث أزبيل اللندي أشغلتني الطاولة والشعر الاخضر ومعالم السيدة الهائمة والماريات الثلاث
والانحلال البشري كيف يمكن ان يوصف ويبرر ويؤطر بمبررات
تجعل الوقوع فيه مسار لابد منه وتؤلف لدى المتلقي قناعة غبية
التفاصيل صغيرة أخاذة
ربما رأيتها أهم من الحروب والمراحل الانتقاليه وهزائم الاجيال تذوق مختلف اظن أن كل قارئ عالمه وعلاقته الخاصة مع الكتاب !
تماما كما رائحة الشمبو بالليمون العالقة بشعر (كارمن) في رواية (الرهينة)...احيانا كنت اغمض عيناي وأشمها ...
بكل صلف قتلت المؤلفة أبطالها ربما لأنها لم تكن بقدر أحلامهم !
كنت اقرا وانا اصم أذناي عن صخب الموسيقى ...وصوت مغنية الاوبرا ...وييغظني كبر الزيف !
ياخذني هدوؤهم الحذر فا أحبس أنفاسي ... أبكتني أمانيهم الصغيرة أوقن أنهم لن يريقوا دما ...ومن قلب الرواية أمزق صفحة لم ترقني ...أتساءل ماذا لو علم المؤلف بتلك الاوراق التي أمزقها وفيها جزء من خطته ...حسنا أنه حقي في بقاء ما أريد
يحق لي بعض من الرفض!
عندما يمسك بنا جنون البوح ...ونغرق في غزل نسيج من الحروف أترانا نفكر بمن يقرأ لنا أم أن أغواء الحرف أكبر من التروي وجماله أكبر من أن يسيج بما يجب اولا يجب يرن في ذهني بيت المتنبي لولا المشقة ساد الناس كلهم ...المشقة في الاقدام تتماثل تماما مع المشقة في التروي ....الان الكل يريد أن يقدم وبات التروي تردد...شيئ يشبه المهزلة ونحن نقرأ لأننا نعشق الحرف وبين إقدام المؤلفين وترويهم بات لزاما تمزيق كثير من الأوراق من وسط كتبهم !
في (نساء واكثر ) راقت لي سيمون دي بفوار التي كنت أوأجل القراءة لها بسبب البعد الزمني وحمقها في مصاحبة سارتر !
الحق أن القراءة للكفار راحة ...لأننا لا نلومهم فليس بعد الكفر ذنب على رغم التباين في رقيهم ...ونصاعة أعترافتهم شيئ يغريك بأحترامهم ....حيث الضعف الانساني هو مايربطك بهم ايضا في هذا الكتاب لك أن تشفق على هذه العقول الضالة والمبدعة كيف أنهم رغم محاولاتهم الرائعة في الحياة الفكرية لم تنجهم من النهايات المؤلمة والتخبط في الحياة أنها معرفة الله تمنحك المسوغات الحقيقية للحياة وتبقي فكرك بعيدا عن التخبط .
الكتاب عبارة عن لقاءات مترجمة لمجموعة من الاديبات الغربيات
وكان لهن دور كبير في أثراء الرواية على مستوى العالم مثلا في حالة الكاتبة أيريس ميردوخ التي أرى أنها نحرت نفسها على أعتاب الفكر بالحرية المزعومة وماتناقل عنها من المحاولة الدائمة للهروب من الواقع سواء بالخمر او المجون ...الخ
اللقاء الذي سجله الكتاب كان مريعا تستشعر الموت حاضرا بين جنباته حيث الاجابات التائهة والمكان المهمل والقهوة بطعم التراب والتساءل المميت ....لماذا ؟
الناقد الكبير ريجارد تود الذي قال عن آيرس مردوك إنها تؤسس اللاعقلاني في مكان هادئ وتؤسس العقلاني في بقعة مشتعلة لا يمكن الذهاب إليها.
تماما هذا مايفعله الكثير من الكتاب عبارة رائعة أوجزت الكثير من الوصف تأسيس اللا عقلاني قي المكان الهادئ ولا أرى المكان الهادئ إلا ذلك الفراغ الذي نقبل به نحن القراء ونمنحهم إياه ...ليس سوى شهيتنا المفتوحة للتقبل والأخذ....
ثم الأكبر والأخطر تأسيس العقلاني في بقعة مشتعلة !
ليست وحدها مردوك التي تفعل ...بل الكل العبث بالجزئيات الثابته
وتثبيت المتحولة وسط إشعال للتساءلات والتيه في النفوس البشرية
هل ياترى هذا هو دور الكاتب ؟!
التساءل يثير الرفض لشمولية القبول ...لكن الواقع يكذب الأمنيات
لكم إحتـــرامي ..