( 242 ) مدار الأفكار
تهاون بالتعاون
يقول الشاعر العربي :
شعب الخليج حماك الواحدُ الأحدُ =فانهض كما نهضت أجدادُك الأُسدُ
وقُمْ إلى وحــدةٍ شمَّاءَ رادعةٍ = تحميكْ من عاصـفٍ يدنو ويبتعدُ
إن مفهوم المواطنة الخليجية يعني تحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في كافة
المجالات في جميع الدول الأعضاء, وقد مرّت بعدة تطورات في تاريخ العمل المشترك لمجلس التعاون,فالمادة
(8) من الاتفاقية الموحدة لعام 1981م تنص على أربعة مجالات فقط, يتعين تحقيق المواطنة أو المساواة في
المعاملة فيها ,وهي: (حرية الانتقال والعمل والإقامة,وحق التملك والإرث والإيصاء,وحرية ممارسة النشاط
الاقتصادي,وحرية انتقال رؤوس الأموال) ,وخلال المسيرة المباركة لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي تم
تطبيق المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في العديد من المجالات المنصوص عليها في الاتفاقية,
حيث تبنّت دول المجلس قرارات مهمة في هذا الشأن تنص على فتح المجال لمواطني الدول الأعضاء
لممارسة النشاط الاقتصادي في أي من دول المجلس على قدم المساواة مع مواطنيها ضمن ضوابط معينة لكل
مجال اقتصادي,وذلك من خلال المنهج التدريجي الذي تبنته الاتفاقية واقتضته ظروف بداية العمل المشترك
والذي اتضح عند بدء العمل الفعلي صعوبة تطبيق بعض الضوابط التي تم وضعت مما أدى إلى إحجام
مواطنو دول المجلس عن الاستفادة من القرارات التي تمنحهم حق المساواة في المعاملة في تلك المجالات
الاقتصادية,وقد جاءت الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001م لتحقق الرغبة في نقل العمل المشترك من مرحلة
التنسيق والتعاون إلى التكامل حيث تنص المادة(3) على التطبيق المباشر لمبدأ المساواة الكاملة في المعاملة
لجميع مواطني دول المجلس ,وذلك عن طريق ضمان مبدأ معاملة مواطني دول المجلس المقيمين في أي من
الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها"دون تفريق أو تمييز"في كافة المجالات,ويشمل ذلك المواطنين الطبيعيين
والاعتباريين ,وتأكيداً لهذا المبدأ وإزالة لأي لبس تذكر المادة عشرة مجالات اقتصادية عامة,توردها كأمثلة
لا على سبيل الحصر, يتعين فيها تحقيق المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس,وتشمل هذه المجالات
العشرة: (التنقل والإقامة, العمل في القطاعات الحكومية والأهلية, التأمين الاجتماعي والتقاعد, ممارسة المهن
والحرف,مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية,تملّك العقار, تنقل رؤوس الأموال,المعاملة
الضريبية,تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات,والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية,وفي قمة الدوحة
التي عقدت في ديسمبر 2002م وضع برنامجاً زمنياً (حددت نهايته بنهاية عام 2005م) لإزالة جميع القيود
التي تمنع أو تعيق تطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس, وفي مجال التعليم أقرّ
المجلس الأعلى في دورته السادسة ( مسقط , ديسمبر1985م ) معاملة كل طلاب دول المجلس في مراحل
التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي معاملة طلاب الدولة مكان الدراسة,ومعاملة الشهادات والوثائق الدراسية
الخاصة بمواطني دول المجلس والصادرة من أية مؤسسة تعليمية رسمية بدول المجلس معاملة تلك الشهادات
والوثائق الصادرة من الدولة نفسها,ولا تتطلب التصديق من السفارات والملحقيات الثقافية ووزارات الخارجية
) . وفي الدورة الثامنة ( الرياض, ديسمبر1987م ) قرّر المجلس الأعلى الموافقة على مساواة طلاب دول
المجلس في مؤسسات التعليم العالي في القبول والمعاملة مع طلاب الدولة مقر الدراسة,وفي الدورة الثلاثين
(الكويت, ديسمبر 2009) صدر قرار المجلس الأعلى بشأن مساواة أبناء دول المجلس للقبول والمعاملة في
مجال التعليم الفني والتدريب المهني,أما بشان تلقي الخدمات الصحية فقد نصّ قرار المجلس الأعلى في دورته
التاسعة (المنامة, ديسمبر1988م) على أن (يعامل مواطنو دول مجلس التعاون المقيمون والزائرون لأي دولة
عضو معاملة مواطني الدولة نفسها في الاستفادة من المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفيات العامة
وذلك اعتباراً من أول مارس 1989م),وقد صدرت قرارات تنفيذية كثيرة على مستوى دول المجلس لتطبيق
المساواة في معاملة مواطني دول مجلس التعاون في القطاعين الأهلي والحكومي معاملة مواطني الدولة مقر
العمل واحتسابها ضمن النسب المطلوبة في توطين الوظائف, وقد حدد النظام الأساسي لمجلس التعاون منذ
تأسيسه في 25 مايو عام 1981م أهداف المجلس في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء
في جميع الميادين وصولا إلى وحدتها,وتوثيق الروابط بين شعوبها,وبالرغم من أن تطبيق المساواة والمواطنة
الخليجية يمثل مرتكزاً مهماً ومحوراً أساسياً في مسيرة مجلس التعاون ويحظى باهتمام القادة ويلبي طموحات
وتطلعات أبناء الخليج العربي,إلا أن بعض الإدارات في الكويت,وخاصة في وزارتي التربية والصحة لم تقنع
بمبدأ المساواة وترفض ترجمة تلك القرارات إلى إجراءات تطبيقية ولا زالت تصنف مواطني مجلس التعاون
ضمن فئات الأجانب وتعتبر الرابط معها فقط في أغنية ( أنا الخليجي ) ولوحات المنافذ التي تحمل عبارة
( مواطنو دول مجلس التعاون ) .
وراك تزهد في مسار التعاون = ولك منطق ٍ ما هو بالأوساط موزون
يوم الذيابة في بلدنا تعاون = صار الخليج لدارنا درع وحصون
باسم الخليج وجمعته لا تهاون = خليجنا سيف ٍ على الضد مسنون