(241) مدار الأفكار
طيحة الشبّيحة
يقول الشاعر العربي :
جزاكم ذو الجلال بني دمشق= وعز الشرق أوله دمشق
نصرتم يوم محـنته أخاكم = وكل أخ بنصـر أخيه حق
إن الشبح كما جاء في قواميس اللغة يعني الشخص,والجمع أشباح وشبوح ,ويقال شبح لنا أي مثل ,وقال
الشاعر: ( رمقت بعيني كل شبح وحائل ) ,والشّبُح يقصد به مدك الشيء بين أوتاد,أو الرجل بين شيئين
,والمضروب يشبح إذا مد للجلد,وشبحه يشبحه أي مده ليجلده,وشبحه:مده كالمصلوب,وفي حديث أبي بكر
الصديق رضي الله عنه: مر ببلال وقد شبح في الرمضاء,أي مد في الشمس على الرمضاء ليعذب, فالشبيح
هو من يقوم بمد الأشخاص ويتفنن بأعمال الجلد والضرب والصلب,ومن المعنى وصفة العمل اشتق
مصطلح( الشبّيحة ) في سوريا والذي يطلق على من يستخدم القوة للقيام بالأعمال غير المشروعة,وقد
تحولت تلك العصابات الإجرامية وبدعم من أصحاب المصالح والنفوذ والقرار إلى قوة غير نظامية تضطلع
بالمهمات غير القانونية والعمليات التخريبية والتي قد تعرض الأنظمة والحكومات للمسائلة الدولية,ومنذ تولي
حزب البعث السوري زمام الأمور في سوريا عام 1963م وهي ترزح تحت جبروت الظلم والقهر والطغيان
,ويعاني شعبها من القتل والتشريد والهوان ,وقد قامت اللجنة السورية لحقوق الإنسان بكشف بعض الجرائم
التي ارتكبها حزب البعث والمتمثلة في الانتهاكات الواسعة والممارسات الوحشية والاعتداءات على الأرواح
والممتلكات ,و الإبادات الجماعية والتمثيل بالجثث ,والتخريب الشامل للأبنية والمنشآت بما فيها المساجد
والكنائس والمناطق الأثرية والتي قيل أن سوريا لم تشهد مثيلا لها حتى أثناء مقاومتها للاستعمار الفرنسي في
النصف الأول من القرن العشرين, ومن تلك المجازر: (مجزرة جسر الشغور, وقرية كنصفرة, وسرمدا وذلك
في شهر مارس عام 1980م,وفي 27 يونيو عام 1980م تمت تصفية ألف معتقل في سجن تدمر,وكذلك
المجازر التي وقعت في أحياء: ( سوق الأحد والطويل,والشجرة,والرقة,والبياض,والدباغة,والباشورة, والعصيدة
,والشمالية ,والشرقية,والبارودية,ومقبرة سريحين,ومسجد الخانكان,والجامع الجديد,والمستشفى الوطني,والثانوية
الشرعية, وفي حي المشارقة قتل 83 مواطنا صبيحة عيد الأضحى,وقد تعرضت حماة لحملات متكررة
راح ضحيتها المئات من الشيوخ والأعيان والنساء والأطفال خلال العامين (1980-1981م ), إلا أن ما
تناقلته تقارير المراسلين وشهود العيان عن المجزرة التي وقعت في 4 فبراير1982م يدخل ضمن مسمى
الإبادة الجماعية فقد لقي ما يزيد على 25 ألف حتفهم على أيدي السلطات التي قصفت المدينة بنيران المدفعية
وراجمات الصواريخ وبشكل عشوائي ولمدة أربعة أسابيع متواصلة في الوقت الذي أغلقت فيه المنافذ أمام
الفارين من وابل النيران, وتعد مجزرة معمل البورسلان من أبشع المجازر الجماعية حيث تلقى الجثث في
الأفران ذات الحرارة المرتفعة جداً في داخل المعمل, وكذلك مجزرة الأطفال والفتيات,والعميان,والعلماء ومن
ضمنهم مفتي حماة الشيخ بشير المراد الذي قتل حرقا والشيخ عبد الرحمن الخليل وهو عالم ضرير وقد ناهز
الثمانين من العمر,وتقدر بعض المصادر بأن عدد الضحايا الذين سقطوا في تلك الأحداث ما بين( 30-40)
ألفاً من بينهم نساء وأطفال ومسنين,إضافة إلى 15 ألف مفقود لم يتم العثور على أثارهم منذ ذلك الحين,ويقول
توماس فريدمان: (قام رفعت الأسد بالتباهي بأنه قتل 38 ألفاً في حماة) ,وتذكر جريدة الإندبندنت بأن عدد
الضحايا يصل إلى 20 ألفاً, وبتاريخ 17أكتوبر 1980م قالت صحيفة لوسرنر نويستة السويسرية وفي ذلك
أبلغ الكلام : ( إن عملية الاعتداء على المحجبات في سورية هي إحدى الطرق التي يحارب بها حافظ أسد
الإسلام) ,وبالرغم من قسوة النظام البعثي وبطشه ووحشيته فقد انطلقت من درعا شرارة الانتفاضة الشعبية
يوم الثلاثاء 15 مارس 2011م لتعم ثورة الحرية جميع المحافظات والمدن والقرى السورية ويصدق في
وصف أبطال سوريا قول أمير الشعراء أحمد شوقي: ( وقفتم بين موت أو حياة * فإن رمتم نعيم الدهر
فاشقوا,وللأوطان في دم كل حر* يد سلفت ودين مستحق ,ومن يسقى ويشرب بالمنايا *إذا الأحرار لم يسقوا
ويسقوا,ولا يبني الممالك كالضحايا*ولا يدني الحقوق ولا يحق,ففي القتلى لأجيال حياة *وفي الأسرى فدى لهم
وعتق ,وللحرية الحمراء باب * بكل يد مضرجة يدق ) ,ومهما بلغ العسر والكرب من الصعوبة فإن آخره
الفرج والتيسير الملازم له,قال تعالى: (فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا ) ( الشرح : 5-6 ), وقال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن الفرج مع الكرب) , ويقول الإمام الشافعي رحمه الله : ( صبراُ جميلاً ما
أقرب الفرجا*من راقب الله في الأمور نجا,من صدق الله لم ينله أذى *ومن رجاه يكون حيث رجا ) ,ويقول
أحد الشعراء: (يا صاحب الهم إن الهم منفرج*أبشر بخير فإن الفارج الله ,اليأس يقطع أحيانا بصاحبه*لا تيأسن
فإن الكافي الله) ,وعلى جبال إيمان وصبر الشعب السوري وتضحياته العظيمة ستتحطم قوى الظلم والطغيان
و,سنشهد بمشيئة الله انتصار ثورة الحرية في سورية وسقوط معاقل الدكتاتورية مقرونا بطيحة الشبيحة,وعودة
دمشق كما كانت قبلة للعروبة والإسلام , ومنارة للشموخ والحضارة والسلام.
يا الله تعز ّ بعزتك جند الإسلام = وتقهر قوى الطغيان والكبت والظلم
يا ربّ زلزل زمرة البعث بالشام = وأنصر هل التوحيد والذكر والعلم
شعب ٍ رفض تهديد وإجرام ظلّام = وحان الحصاد المرتجى وانتهى الفيلم
عبد العزيز الفدغوش