لهفي وهل يجدي التلهفُ والأسى
نفعـا، وحاضـرة الرشيـــد تُضـامُ
والرافـدان من الدمـاء تخضـبا
وطفتْ جمـاجـمُ فيـهـما ورِمـامُ
ذاك الجمـال الغضُّ غيـره البـِلى
تلك المحـاسـن عمَّهــا الإدهـام
تلك القصـور الشـمّ أين بهـاؤها
أم أيـن منهـا مـرمـرٌ ورخــام
وزوابع الدخـان من أحيـائـهـا
تعلـو وفيهـا للأنــوف زكــامُ
وحـدائق من حـولهـا ومـزارعٌ
عـاثـت بهــا الغــزلانُ والآرامُ
وكـأنّهـا بالأمـس لم تـكُ جنَّـةً
فيـهـا فـواكـهُ جمـةٌ وطعــامُ
وبـلابـلٌ تشـدو تُسبَّـح ربـهـا
وحمـائــمٌ صــدّاحـةٌ ويمــامُ
والمسـلمات الماجدات بحـرقـةٍ
يـصـرخـن واربــاه وإســلامُ
فعلى الحـواجـز كـم يجدنً مهانةً
بــل في المنـازلِ فُضّـتِ الأختامُ
كـمْ مـنْ فتاةٍ حـرّةٍ وعفيـفـةٍ
لـمْ يبـدُ منـْهـا للشقيـقِ خِـدامُ
ويقـودهـا العـلجُ الصفيق كأنّها
شـاةٌ ، وعنهـا قـد أُزيـل حِـرَامُ
يـا أمَّـة القــرآن أتباع أحمـدٍ
حتــّـامَ هــذا الواقـعُ المِظـلامُ
هنا وهانتْ في الحيـاة دماؤنـا
وكـأنّنــا وسـط الفـلاةِ سـوامُ
ولخلْع ثوب الذلّ قـومي انْهضي
قـد حـان وقـتٌ أن يكـون قيـامُ
كيف الرقاد وفي الحضيض كرامةٌ
مثـل السـجـار تـدوسهُ الأقـدامُ
دار الخـلافـة أصبـحت محتـلةً
فيها العلـوج الغـاصبيـن أقامـوا
والأخت ليلى في العـراقِ أسـيرة
ويُـهيْـنهـا الأوغـادُ والأزنــامُ
قـومٌ تـرعرع جلّهـم بمـلاجىء
حـمـرٌ وخضـرٌ بعضهـمْ وفِحـامُ
قـوم حديثٌ عهـدهــــم بمـدينـةٍ
ومـن الحضـارة مفلسـون عِقـامُ
ومن العجـائـب أن يُقـال بإنَّهـم
رسُـلٌ لتحـريـر العــراق فِهـامُ
أيصـدّر التـحرير منهـمُ مثـلما
منْهــمْ تصــدّر نحـونا الأفـلامُ
هـل التحـّررِ أنْ تـُـدمَّر دولـةٌ
ويُبـاد بالقصـف العنـيـف أنـامُ
هـل العراقيـون شعـبٌ قاصـرٌ
مـازال في نظـرِ الغــزاة غـلامُ
حتى يـولـى أمـرهُ أبـْـريـمــرٌ
ويصـيـغ دستـورا لـهُ حـاخـامُ
والعـيب فيـنا ، لا يُعـاب عدونا
كــلاّ ولا الأقـــدارُ والأيــامُ
بغــداد بعـد القدسِ وبعـد مليلةٍ
قـد باعـهـا ولاتُـنــا القُـيـامٌ
بـل قـدمتـهـا قِربةً لبقـائهـا
نظـمٌ تمـادت فـي الفسـادِ قِحـامُ
وإنّهـا فعــلا لأعظـم ضــربةٍ
مـن هــولهـا تـداعـت الأعلامُ
هي صعـقـةٌ كبـرى اهتـزت لها
رضــوى ومـادت أطـلسٌ ولكامُ
وانهـار عيبان الأشـم ويـافـعٌ
ومنــاخـةٌ وسمــارةٌ وشـبـامُ
وأصـاب نجدٌ والحجـاز تصـدعًا
واهتــزت الظهــران والـدمـامُ
والبـدر فوق الشـام أمسى مكسفاً
وتنـاثرت مـن جـوهـا الأنجـامُ
ومقطمٌ في أرض مصر تهشـمت
من الأسـى وانشـقـت الأهــرامُ
وهوى شهابٌ ثـاقـبٌ في ليبـيا
وعلى الربـاط تسـاقطـت أجـرامٌ
وجلّلت السـودان سحبٌ كثـيفـةٌ
سـوداء فيهـا صـرصـرُ وقتـامُ
وكـذا أمـارات الخليـج ومسقـطٍ
نـزلت بـهـا نــوازلٌ ولمــامُ
بل ليـس ثمّة مـن بـلادٍ مسـلمٍ
إلاّ وغـطـى أفقـــهُ الإعـتـامُ
إنّ العـراق عـزيزة ومقـامهـا
عـالٍ ولا يعـلــو عليـه مقــامُ
هي مصنـع التاريخ والمجد والإبا
هي للحضـارة مـركـزٌ وضـمـامُ
هي تـاج عـز العرب فيها مجدهم
طـرا وفيهـا العـلـمُ والأعــلامُ
فيهـا سمتْ للمسلميـن خـلافـةٌ
وسمـا بـهــا خليـفـةٌ وإمـامُ
وشـذا جدودٍ أبـدعوا في ظلهـا
فهـمُ شمـوسٌ في الورى ونِجـامٌ
وبـرغم قسوة أوفـداحـة ماجرى
فلكل شــيء غــايةٌ وتمـــامُ
وسيخـطئ المحتَّـلُ تسعيـن مرةً
إنْ قــال يــومـا إنّـهُ غـنّـّام
إذ أنّـهـا أصـلاً بـدايـةُ جـولةٍ
حاشـا تكـون نهـايــةُ وختـامُ
ولعلّ ذلك مـن دواعـي صحـوةٍ
وخـلافــةٍ منشـودةٍ ستـقـُـامُ
وعـلامةٌ للمؤمنيـن وعـبــرةٌ
أنّ السـلام مـع العِـدى أوهــامُ
وبأنَّ عـزَّ المسلمين ومجـدهـمْ
فـي دينـهـمْ ، وما عـداهُ غَـرَامُ
إنْ لم يكـن هذا الطـريق طـريقنا
يا هــذه الدنيـا عليــك ســلامُ
منقووول للامانه الادبية