في وطن خاص وتاريخ مفقود تقطن مدينة بحرية
مهجورة الشطان مفتوحة المدى
لا تعرف لها بداية من نهاية
دائمة الشتاء وخريفية بعض الشيئ
كما الحب في ازقتها لا يعرف ابجدية ولا يعرف قوانين
لا يعرف سوى انشودة خريفية ولحن ممطر دائم الشتاء
كـ ذاك الرجل الخريفي الذي جاء من سفر مسافات
ليهز عرش خارطتي
عشقته واتخذته حد الجنون
عشقته رغم علمي بأن ارشيفه حافل بالغراميات
عشقته رغم علمي بأنه كـ ورق الخريف
( يرحل ليعود ويعود ليرحل )
ما اصعب ذاك الحب
ان تشعر في كل لحظة انك تملك الشيئ ولا تملكه
ان تبني احلامك على عرش المستحيل
لكن
لا ادري ماذا حل بي
فـ لست انا من انحني لابحث عن بقايا رجل عابث
لست انا من تغريني تلك الأقاويل القديمة
اعذرني ايها العنيد
لن اسمح لك ان تعبث بتفاصيلي اكثر
سأتحرر منك
رغم علمي بأني لا استطيع
فـ كلما حاولت التحررمنك اتعمق بك اكثر
حاولت وحاولت
عبثت بصورك حاولت تشويهها
بل مزقتها
فـ مزقني الحنين وشُلَت يدي على وتر الاشتياق
وقفت امام مرآتي ناظرتها لـ دقائق
علني اجد نفسي منك
علني اتحرر من ادماني بك
لكني لم اجد كلمة واحدة اواجه بها نفسي
فـ حاولت النظر
لـ هناك حيث ذاك النفق البعيد
فثارت خفافيش الليل في وجهي
بتهمة انتهاك حريتها
حاولت ارتداء معطف النسيان فوجدته مبلل بمطر الذكريات
حد الغرق فـلم اشعر بنفسي الا وانا غارقه معه حد الهذيان
فقررت الهروب من نفسي
ورغم هذا لم اجد الا طيفك يحوم حولي ليصارعني في كل الثواني
لعنت الحب ولعنت ليلة ذات لقاء جمعتني بحلم مقيد
فصدمت بقلبي يسقيني كؤوس الملامة
بأكواب من الحنين
يا ايها الرجل الشرقي
هل تدرك كم تحملت منك عذاب ومشقة
هل تدرك كم انتظرتك في ذاك المقهى هناك حيث
شاخ الغبار وتهدلت ارجل الطاولات من قسوة الانتظار
هل تدرك كم انتظرتك وحدي امام مدفأة الحنين الملتهبة شوقا
وفي كل مرة كنت احترق بلهيبها اكثر فأكثر
هل تدرك بأشواقي المصلوبة هناك على طرقات الانتظار
هل تدرك ارتجاف اصابعي
المتوارية بقلق استدارة فنجان قهوتي الباردة كقلبك
هل تدرك رعشة يدي حين تداري
ارتباكها وخوفها من القادم دونك
دون رجولتك الرقيقة
دون كبرياءك المتواضع
دون اكاذيبك الشفافة
هل تدرك ذاك العالم المشوش الذي انشدتني اليه
لاعيش مشاعر متناقضة لا اعرف لها بداية من نهاية
هل تدرك معنى ان تقرر اخراج شخص من حياتك
ثم تكتشف انه حياتك كلها
وهو غير مبالي كقطعة جليد امام لهيب بركان
لم اكن اعلم
ان ذالك العشق الذي اوهمتني به ليس
سوى طقوس مارستها لانك ذاك الرجل
العابث المتنكر بأقنعة العذوبة
كم كنت تنتظر في امسيات الشتاء الباردة
على ابواب قلبي منتظرا ان ادعوك للدخول
واحتساء كوب قهوة على شرف موت آخر
وضحية اخرى في مملكة العشق الخريفي
قل لي
كم امرأة كانت ضحية عيناك كم قلب دمره هواك
اتعلم كم كنت بارعا حتى انك تستحق جائزة النوبل وبجدارة
كم كنت تسلط اضواءك نحوي حتى بت قابعة
لك كـ دمية تعبث بـ خيوطها كما شئت
اعلنت لك الحب معتلية اشواقي التي باتت مجنونة بك
فوضعتني على دروب الاحلام ومن ثم
تركتني في ظلمة الوحدة اسلك الطريق وحدي
بصحبة دمعة لا تأبى الانهيار
ما زالت تحتل موقع الصمود
لكن قلبي قد اعلن الهزيمة
نعم ..
فقد كسرني حبك ودمرني حتى
اني بت كما الذي يقف على حافة الهاوية
ليس لديه اي سبيل للنجاة سوى
ان يحيا من جديد بقلب اخر وزمن اخر
ويعاود ترجمة تفاصيله على منطق اخر
لن اعاتبك سيدي بعد الآن
بل سأعاتب
الثواني التي جمعتني بك
والقدر الذي حطني بدربك
وقلبي الذي ارتدى توب الاحلام المستحيلة
وجنون هواك لك الذي يتلبسني الى الآن
رغم علمي بأنك رجل يهوى الطيران
و بأنك ضمن المستحيلات
لكني ما زلت انتظر على ابواب الحنين
معتلية اشواقي على ناصية الوصال
اجلس على مقعد الذكريات
وحدي اصارع وجع غربتي
نعم فأنا دونك احيا في غربة كبيرة
وبك احيا في غربة اكبر
انت يا ايها الرجل الخريفي
انت يامن استبقيت الحب على هامش الذكريات
(أَنتَ يامَن آثمتَ الرَّحيل قل لي هَل حَجزتَ تَذكَرة أُخرى لِرَحيلٍ آخر)
أَم إن مركبتك لم تعد قادرة على الطيران !!