محسن الطباطبائي الحكيم (1889 - 1970) مرجع عام راحل للشيعة. ولد محسن الحكيم في عام 1306 هـ في عائلة معروفة بالعلم, كـان جده مهدي الحكيم من مدرسي علم الاخلاق المعروفين في زمانه, وأمه حفيدة الشيخ عبد النبي الكاظمي صاحب كتاب تكملة الرجال نسبه السيّد محسن بن السيّد مهدي بن السيّد صالح بن السيّد أحمد بن السيّد محمود بن السيّد إبراهيم بن الامير السيّد علي هو ابن السيّد مراد بن السيّد اسد الله بن جلال الدين بن حسن بن مجد الدين علي بن قوام الدين محمد بن إسماعيل بن عباد بن أبي المكارم بن عباد بن أبي المجد أحمد بن عباد بن علي بن حمزة بن طاهر بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن السيّد إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنّى بن الإمام الحسن السّبط بن علي بن أبي طالب عليهم السّلام.
المولد والنشأة
ولد محسن الطباطبائي الحكيم، في شوال1306 هـ بمدينة النجف. وكان أحد أجداده ـ وهو "السيّد علي" ـ طبيباً مشهوراً، ومنذ ذلك الزمان اكتسبت العائلة لقب (الحكيم) بمعنى الطبيب، وأصبح لقباً مشهوراً لها.
مسيرة تحصيله العلمي
انهى دراسته الابتدائية ودراسة المقدمات, ثم شرع بدراسة السطوح العالية عند اساتذة عصره، ولما بلغ عمره عشرين سنة؛ تتلمذ على المراجع الدينية التالية اسماؤهم:
أصبح "آية الله الإمام السيد" محسن الحكيم مرجعا عاما للشيعة بعد وفاة "السيد البروجردي". أخذ بوضع نظام إداري للحوزة, وشرع ببناء المدارس وارسال المبلغين إلى نقاط العراق المختلفة. بهذا العمل ازداد عدد الطلاب في جميع الحوزات بشكل منقطع النظير. ولغرض اغناء المواد الدراسية في الحوزة العلمية في النجف الاشرف, قام الحكيم بادخال دروس جديدة مثل: التفسير والاقتصاد والفلسفة والعقائد, لغرض توسيع آفاق الطلاب بالعلوم المختلفة, حتى يكونوا على اهبة الاستعداد للوقوف امام التيارات الفكرية والافكار الالحادية القادمة من الخارج. شجع كل من له قدرة واستعداد على الكتابة والتاليف, واشرف على كثير من المجلات الإسلامية التي كانت تصدر في ذلك الوقت, من امثال مجلة الاضواء ورسالة الإسلام والنجف وغيرها.
صفاته واخلاقه
تحدث الشهيد محمد علي القاضي الطباطبائي عنه وقال: لم يحدث الفقيد الحكيم نفسه بالرياسة يوما من الايام, لكني وجدت الزعامة والرياسة هي التي وجدته لائقا وجديرا بها, وقد نقل لي أحد مقربيه بانه لم ير السيد يوما يضحك بصوت عال, وفي اشد الأحوال التي تدعو إلى الضحك وجدته مبتسما لا أكثر, بالإضافة إلى ذلك كان رجلا فريدا من نوعه بالشجاعة في تلك الايام لا يهاب الرؤساء والسلاطين ولايتردد في اصدار الفتاوى. كان السيد رحمه اللّه سمحا عطوفا يعامل الاخرين بلطف, ولهذا أصبح محبوبا ومهابا من قبل الجميع. كان شديد التواضع, ولاعجب ان يجد التواضع إلى تلك الروح الواسعة سبيلا. من خصائصه الأخرى: عدم اعتماده في تامين اموره المعاشية على ما يحصل عليه من الاموال الشرعية، بل كان يعتمد على الهدايا الخاصة التي كان يرسلها اليه مقلدوه، إذ كانوا يعلمون ان السيد الحكيم لا يصرف على احتياجاته الشخصية من الاموال الشرعية. كان له أيضا برنامج دقيق جدا لحياته اليومية, فهو لايفرط بالوقت, ومن عاش معه من الطلبة في النجف الاشرف يعرف جيدا متى يذهب لمواجهته وفي اي ساعة. كان للسيد الحكيم اهتمام كبير باحياء مناسبات اهل البيت (عليهم السلام), وبالخصوص احياء مـجالس عزاء ابي عبد اللّه الحسين (عليه السلام), إضافة إلى قيامه بالعبادات المستحبة مثل النوافل اليومية والتهجد بالليل وغير ذلك.
مواقفه السياسية
كـان السيد الحكيم منذ ايام شبابه رافضا للظالمين واعداء الدين, وقد شارك بنفسه في التصدي للاحتلال البريطاني الغاشم للعراق, حيث كان مسؤولا عن المجموعة المجاهدة في منطقة الشعيبة في جنوب العراق, وكان يعلم بالنوايا الخبيثة للاستعمارعندما اخذ يتبع سياسة فرّق تسد في العراق. بذل السيد الحكيم قصارى جهوده في سبيل جمع شمل المسلمين من المذاهب المختلفة, عن طـريـق المشاركة في كثير من الفعاليات التي كان يقيمها اهل السنّة, مشجعا اياهم في الوقت نفسه على حضورهـم في المقابل بالمناسبات التي يقيمها الشيعة, وعندما اخذ الحكام المرتبطون بالاجنبي بترويج افكار القومية العربية في العراق؛ قام السيد بالتصدي لتلك الافكار, وقاوم كل اشكال التعصب والتمييز الطائفي والعرقي في العراق, وخير شاهد على ذلك اصداره الفتوى المعروفة بحرمة مقاتلة الاكراد في شمال العراق, لانهم مسلمون, تجمعهم مع العرب روابط الاخوة والدين. لهذا فقد فشل النظام العراقي في الحصول على فتوى شرعية من علماء الدين لمحاربة الاكراد في الشمال. ومـن مواقفه السياسية الأخرى دعمه لحركات التحرر في العالم الإسلامي, وعلى راسها حركة تحرير فلسطين, واصدر بهذا الخصوص العديد من البيانات التي تشجب العدوان الصهيوني, وتؤكد على ضـرورة الوحدة الإسلامية, لغرض تحقيق الهدف الاسمى, وهو تحرير القدس من ايدي الصهانية المعتدين.
محاربته الافكار الشيوعية في العراق
تغلغلت الافكار الشيوعية بين اوساط الجماهير في العراق ايام السيد الحكيم, وقد طبّل الحزب الشيوعي لتلك الافكار فاخذ كثير الناس يطالبون بتحقيق (العدالة الاجتماعية) في العراق, وعلى اثر ذلك احس السيد بمسؤوليته تجاه الأوضاع, فتصدى لتلك الافكار التي يعتبرها الدين الإسلامي إلحادية, وعمل على توجيه انتباه الناس إلى ان الإسلام وحده هو القادر على تحقيق العدالة الاجتماعية، وقد اصدر لذلك بيانات عديدة، الا انه وجد ان هذه الإنذارات المتكررة لا تجدي نفعا، وان النشاط الشيوعي آخذ بالتوسع والاستفحال وقد افتضح أمر الشيوعيين بعدما أقدموا بالتعاون مع أتباع الحزب الديمقراطي الكردستاني على تنفيذ مجزرة بشعة في مدينة كركوك الشمالية، فاصدر فتواه المشهورة (الـشيوعية كفر والحاد)، مما أدى إلى تقويض نفوذ ذلك الحزب الكافر واجبر عبد الكريم قاسم رئيس وزراء العراق آنذاك على ابعاد افراد هذا الحزب عن الساحة السياسية، وهرب نصير الشيوعيين آنذاك (ملا مصطفى البرزاني) من العراق ولم يعد إليه إلا بعد إعدام عبد الكريم قاسم.