الدور .. الدور .. يللي عليك الدور كمان و كمان ميرفت فوزي
الكاتبة ميرفت فوزي
كنت قد تناولت في مقال سابق لي بعنوان الدور ..الدور...يالي عليك الدور أحداث ثورة الياسمين التونسية و ما قام به شباب قرطاج الأبطال و الذي أصبح مثالاونموذجا يحتذي به وتستلهمه الشعوب العربية وغيرها من الشعوب الرازحة تحت نيرالحكم الديكتاتوري في أرجاء المعمورة الواسعة التي أصبحت ألان قرية كونية صغيرة لتلاشي الحدود والمسافات نتيجة لما أحدثته الثورة المعلوماتية الجبارة وعالمالانترنت من تواصل سهل وسلس وكأننا جميعا نعيش في بناية واحدة بنفس الشارع .
وللأمانة فلم أكن أتصور بان الدور سيصل إلى نظام بلدي الغالية مصر الحبيبة بهذه السرعة وسيتجاوز كثيرا ممن كنت اعتقد إنهم يتصدرون (و ما زالوا )الطابورالطويل الواقف أمام بوابة التغيير .
ورغم اهتراء وشيخوخة النظام المصري وتفشي الفساد بجميع مفاصلة إلا انه كان يمثل حالة أفضل من كثير من الأنظمة الشقيقة له وكما يتشابه الأشقاء في الملامح فان هذه الأنظمة الشقيقة تتشابه أيضا في كثير من الصفات لعل أبرزها تجاهلها للشباب الذي قيض الله لها أن تكون نهايتها على يديه .
وها أنا مجددا أعود للكتابة تحت نفس العنوان إيمانا مني بان عجلة التغيير قد دارت ولا يمكن إيقافها وان الدور سيصل لصاحب نصيبه لا محالة لقد اعتبرت الأنظمة العربية جيل الشباب جيل عديم المسئولية وغير جدير بتحملها لذلك فقد أخرجته من جميع حساباتها بل إن كثير من رموز هذه الأنظمة كان يعيرالشباب ويصفهم بجيل الانترنت والمحمول وقد استعملت هذه الجملة كنوع من السخرية والاستهزاء .
لقد اعتمدت هذه الأنظمة على سياسة الهاء الشباب واعتقدت إن توجهه للانترنت الذي شجعته عليه بشده سيجعله يسبح و يحلق في عالم الخيال والأحلام و ينسيه واقعه وبالتالي ينسلخ عن قضايا ومشاكل مجتمعه فتأمن شره وقد ركنت لهذه الفكرة وصدقتها.
لذلك فحين انطلقت نداءات الشباب لبعضهم عبر الفيس بوك و تويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي وحددت تجمع شعبي لها بميدان التحرير يوم 25 ينايراستلهاما منها للنموذج التونسي خرج علينا كثير من دهاقنة النظام بالتصريحاتالساخرة من هؤلاء الشباب ومن دعواتهم واعتبروها " لعب عيال " و"كلام فارغ "ومما يدعوا للعجب تبني المعارضة التقليدية المدجنة لطرح دهاقنة النظام حيث صرح كثير من أقطاب المعارضة عبر كثير من القنوات والوسائل الإعلامية بأنهم لنيشاركوا في هذه التجمعات التي يدعوا لها "ولآد الانترنت " حد وصفهم وخرج علينا بعض المنظرين العواجيز بأوصاف عفي عليها الزمن كوصف المراهقة السياسية الطائشة الذي استعمله بعض المفوهين من خطبائهم . لقد أثبتت المعارضة التقليدية بمواقفها المسبقة من ثورة الشباب أنها تمثل الوجه الأخر للعملة التي يحتل النظام واجهتها الأولى لذلك فقد كانت مفاجئتهم عظيمة وصلت لمستوى الصدمة بما أحدثه الشباب من حراك في المجتمع المصري لم يستطيعواالإتيان بجزء منه طوال تاريخهم النضالي (المجيد) .
إن التفاف الجماهير الغفيرة حول الشباب وتبنيها ودعمها ومساندتها لمطالبهم حفزالمعارضة التقليدية للالتحاق بركب هذه الثورة الشبابية ومحاولة امتطائها . لقد حصر الساسة التقليديون أنفسهم في بروجهم العاجية وانحصر نشاطهم علىالمناسبات بالندوات واللقاءات الإعلامية المبهرجة أمام عدسات الفضائياتالمختلفة وابتعدوا عن حركة الشباب وهمومه مثلهم مثل النظام الذي ينتقدونتصرفاته ولكنهم يقلدونها إن أي تحرك جريء وغير تقليدي يقع خارج تصورهم وفهمهمالذي بالغ من قوة وقدرات النظام واستهان بقدرات أي معارضة له و بالتالي فقدواإيمانهم بتحرك الشعب الذي عدوه غير مؤهل للقيام بأي تغيير. لقد حازت ثورة شباب مصر اهتمام شعوب العالم قاطبة وجميع وسائله الإعلامية حيثألهبت ثورة الياسمين التونسية والهبة الشعبية المصرية آمال وطموحات الشعوبالعربية وشبابها وجعلتهم يحلمون بالتغيير والغد الأفضل الآتي لا ريب فيه بعد أن اياستهم المعارضة وكتابها ومفكريها الذين يجتمعون الليالي الطويلة في الغرفوالقاعات الفخيمه لتدارس وتنميق المصطلحات والكلمات والأحرف وعلامات الترقيمالمناسبة التي يجب أن يحتويها بيانهم السياسي حول قضية ما حتى لا يسيء فهمه منقبل النظام . لقد انسابت مياه غزيرة أسفل القنطرة بعد 25 يناير وأصبح علامة فارقة وحاولت كثيرامن أنظمة المنطقة استرضاء شعوبها و الشباب منهم خاصة من خلال الوعود والإصلاحاتالمختلفة ولكن بعضهم لم يعي ذلك و ما زال يراوح في مكانه فقد كانت صدمتي كبيرهحين اطلعت على كتابات كثيرة لمثقفين من عديد من دول العرب حيث وجدت المقالاتالنارية التي تطالب برحيل النظام وبعضها يرفض مجرد الرحيل ويطالب بالمحاكمةوعندما اطلعت على تفاصيل هذه الكتابات وجدتها تهاجم وبضراوة النظام التونسي ثمانتقلت بأشد من ذلك لتهاجم النظام المصري ولم أجدها تتطرق إلى انتقاد أنظمةبلدانها إلا فيما ندر وعلى استحياء فما زال الكثير من الكتاب رغم روعة مايكتبون عن التغيير والثورة خارج حدودهم الإقليمية لكنهم عندما يكتبون عنأوضاعهم الداخلية يضعون نصب أعينهم المصير الذي آل إليه حسن ذلك الإنسانالبسيط الذي جسد حكايته ببراعة الشاعر العراقي الكبير احمد مطر حين صدق حسن كلام الرئيس المؤتمن ومن يومها اختفى حسن وما زال صديقه يسال أين صاحبي حسن .
لقد تغير الواقع من حولنا ومضى ذلك الزمن فيجب أن نغير أنفسنا من الداخل ونتغلبعلى عقد الخوف الكامنة في دواخل وعينا الباطن التي بذلت أنظمتنا العتيقة كلجهدها لتغرزها فينا عدى ذلك فلن يجدينا أي تغيير .
انطلقت التظاهرات المصرية تعم الشوارع والميادين بعد أن يأس الشباب من رؤية أيبارقة آمل تلوح في الأفق وعوضا عن ذلك انتشر الفساد المالي والمحسوبياتوالرشاوى واستفحل تزوير إرادة الشعب من خلال فساد وتزوير الانتخابات كما عم الفقر والبطالة فئات واسعة من الشباب مما افقدهم الآمل في الغد وأصابهمبالإحباط فلا احد يستطيع أن يدفع الناس للخروج والتظاهر ضد السلطة رغم معرفتهمالمسبقة بما سيواجهونه من قمع وتنكيل قوات الأمن التي لم يعهدوا لها تعامل غيرهما لم يكن قد طفح الكيل بهم فلا توجد قوة تستطيع أن تواجه الشعب إذا غضب . وقديما قيل :عجبا لمن لم يجد قوت يومه لا يخرج شاهرا على الناس سيفه . لكننا ألان نقول :عجبا لمن لم يجد قوت يومه لا يخرج إلى ميدان التحرير رافعاصوته برحيل ومحاسبة من ضيع حقوقه