( 10) مدار الأفكار
حاذف وتصادف
يقول الشاعر العربي:
بقدر الكدّ تكتسب المعالي= ومن طلب العلا سهر الليالي
ومن طلب العلا من غير كدّ ٍ =أضاع العمر في طلب المحال
إن التجنيد يعني قيد الأشخاص وتسجيلهم في الخدمة العسكرية الإجبارية، وهو عكس الخدمة
الاختيارية، وقد عرف نظام التجنيد قديما في جيوش اليونان وروما ومصر، ومما يذكر أن الحجاج بن
يوسف الثقفي هو أول من فرض التجنيد الإجباري، وقد صدر في فرنسا أول قانون وطني لتنظيم التجنيد
وذلك عام 1790 م في أعقاب الثورة الفرنسية، مما ساعد نابليون بونابرت على بناء قواته الكبيرة،
وأخذت بروسيا التجنيد الإجباري عام 1808 م في أثناء السلم وتبعتها غالبية الدول الأوروبية،
فبريطانيا طبقته في الحرب العالمية الأولى 1914/1918 أما الولايات المتحدة الأميركية
فاستخدمته على نطاق كبير أثناء الحرب الأهلية 1861/1865 ثم عادت إليه في الحربين
العالميتين الأولى والثانية وكذلك أقرته بعض الدول الأوروبية في مطلع ستينيات القرن الماضي.
وفي إحدى الدول العربية التي تطبق نظام التجنيد الإجباري وتلترم من خلاله تطبيق مبدأ التساوي
بالتدريب والترهيب والتعذيب بين فئات الشعب بعيدا عن مكانتهم العلمية والأدبية والإجتماعية إذ تضم
دورات للتأهيل والتدريب الطبيب والمهندس والأديب، إلى جانب الفلاح والنجار والراعي وغيرهم من
عديمي المهن، وأثناء تخرج إحدى الدورات التدريبية حضر مسؤول مركز التدريب ليشرف على توزيع
المتدربين إلى مقار أعمالهم الجديدة وفق تخصصاتهم العلمية والمهنية، وعند فرز كل مجموعة على
حدة يجد أن أحد القرويين ينضم إليها بالرغم من أن ملامحه لا توحي بأنه من أصحاب
الإختصاص،وتكرر الموقف من القروي في كل التخصصات، إلا أنه يعاد للمركز مجددا عند التطبيق
العملي للتخصص الذي يدعيه، مما زاد من غضب مسؤول المركز فتعجب من أمره وسأله عن سر ذلك
فأجابه بعفويته المعهودة قائلا:
«حاذف حتى تصادف» أي أنه يعيد ويزيد ويكرر الإنضمام بين ذوي المهن والإختصاص على أمل أن
الصدفة تخدمه وتلعب دورها في تحقيق مراده ليكون من أصحاب المراتب والمراكز، لأن كثرة الرمي
والحذف في عرف أهل القرية تحقق إصابة الهدف، وأن جاءت مصادفة، وقد تذكرت قول القروي الحالم
والمفرط في التفاؤل عند النظر إلى واقع كثير من المرشحين ممن إعتادوا الترشيح رغم كثرة
الإخفاقات وبعدهم عن العوامل التي تؤهلهم للفوز وتمثيل الأمة في المجلس، إذ أن البعض يقع تحت
تأثير مغريات المنصب ويجهل أو يتجاهل ما لديه من قدرات، ولا يعي حجم المسؤولية، ولا يدرك ثقل
الأمانة التي تحفها الأخطار الفوازع البشرية وكما يقول الدكتور محمد البصيري: إن المسؤولية أمانة
في عنق كل من يحملها، وأنه سيسأل عنها أمام الله يوم القيامة، وأن الوصول إلى البرلمان يعني تحمل
مسؤولية هذا البلد وسيكون النائب حينها في مكان يسمح له باتخاذ أخطر القرارات وأبلغها تأثيرا، التي
سوف يصل مدى تأثيرها إلى كل بيت، وكما يقول الحق سبحانه وتعالى: «إنا عرضنا الأمانة على
السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا»
(الأحزاب).
فالكويت هي أغلى وأعظم هبات الله لنا، وهي أمانة يجب أن تحمل في القلوب والعقول والعيون، وأن
تكون مصلحتها وشعبها الهم الأول والأخير للجميع.
حب الوطن من فوق توصيف الأشعار=وأبلغ من التصوير وأسمى التعابيـر
حب ٍ سكن بقلـوب وأرواح الأحـرار=ولولا الوفاء للدار ما ينـزع الطيـر
عبد العزيز الفدغوش
الثلاثاء, 13 - مايو - 2008