شبكة الشموخ الأدبية

شبكة الشموخ الأدبية (http://www.alshmo5.com/vb/index.php)
-   منتدى القصص والروايات (http://www.alshmo5.com/vb/f14.html)
-   -   سهرت لأجلها (http://www.alshmo5.com/vb/t42603.html)

سعيد السعيد 04-01-2016 10:02 PM

سهرت لأجلها
 
سهرت لأجلها
بقلم: سعيد مقدم (أبو شروق) - الأهواز

وأنت صائم والوقت هجير وبدأ يدنو إلى الأصيل والعطش يحرق قلبك، كم من الماء تتمنى أن تعبئ إلى جوفك؟
وأنت مهاجر إلى ديار الغربة، وطال بك الهجر سنين كثيرة، كم تشتاق إلى رؤية أمك، أبيك، ذويك؟
تصور فرحة يتيم محروم من الأب والأم يعيش عند خالته الفقيرة، يتبرع له غني بملابس العيد وسلة من الألعاب.
هكذا كانت فرحتي عندما أحضر لي أحد زملائي في المدرسة كتابا عربيا قال إنه لخاله وقد اشتراه من الكويت.
أردت أن أخطفه منه قبل أن يناولني إياه فأجذب حروفه مع أنفاسي، ثم ألتهم ما تبقى منها لتمتصها عروقي من ديباجته وحتى نهايته.
كنت مشتاقا إلى كتاب خُطت أحرفه بلغة الضاد، ومتعطشا حيث أردت بعد أن استلمته من صديقي أن أعبئ سطوره في الحال إلى جوفي لتبلل عروقي التي جففها ظمأ امتد إلى سنين.
ظمأ إلى لغة أحببتها دون أن أعثر على كتاب مطبوع بحروفها مهما التمست هنا وهناك.
كان الكتاب جديدا جميلا رائعا اسمه (أم كلثوم ، بعض خواطرها ومختارات من أغانيها).
سلمه لي بالسر وكأنه يدس في يدي ممنوعا من المحذورات.
همس بأذني وهو يتلفت حوله خوف أن يراه أحد الطلاب فيشي به إلى المدير:
تحضره غدا صباحا، وأياك أن تغيب بحجة أو بأخرى، لن أقبل منك الأعذار.
ثم أوصاني به حتى عجز لسانه: تصفحه بعناية تامة، لا تشرب الماء وأنت تقرأه، ابعد الأطفال عنه ...
فكرت بالهرب من المدرسة كي أوفر الوقت لهذا الكتاب الذي ضممته إلى صدري، وبين الآونة والأخرى أشم عبق حروفه المنضدة بين دفتيه.
ولكني انتظرت وعلى أحر من الجمر حتى رن الجرس. فركضت نحوالبيت حاملا معي حقيبتي وممسكها بقوة.
عندما وصلت إلى البيت كان أذان الظهر قد رفع، صليت، ثم أكلت على عجلة لقيمات، ثم أحضرت دفترًا وبدأت أنقل الكتاب؛ وشرعت من غلافه:
(أم كلثوم، بعض خواطرها ومختارات من أغانيها،
إعداد ثابت الحلبي المحتسب)
ثم انتقلت إلى الصفحة الأولى والثانية والثالثة، ولم أمر على حرف إلا كتبته بدقة وبخط حسن.
واستمريت أكتب حتى أغسق الليل... صليت وتعشيت مسرعا، ثم لم ألبث أن مضيت أخط - دون أن أسكن ساعة- حتى بلج الصبح؛ وعندها كنت قد بلغت كلمة (النهاية).
(فيا ظالمني) مررت تلك الليلة على (الأطلال) و (حياتي عذاب) و(دليلي احتار) وهذه (قصة حبي) لحبيبتي لغة الضاد.
اللغة التي أحببتها منذ صغري ولا ينفك حبها يسري في عروقي حتى سكن قلبي وتسلط.
وهكذا أصبح عندي كتاب مخطوط بلغتي العربية، وقد قرأته أكثر من عشر مرات حتى كدت أن أحفظ جمله وأشعاره.
لا أدري هل استطعت أن أعرب عن حرماني من الكتب العربية آنذاك، أم ينبغي أن أشرح بركان اشتياقي أكثر؟


عبدالعزيز الفدغوش 05-11-2016 06:12 PM

رد: سهرت لأجلها
 
الرائع سعيد مقدم أبو شروق

حياك الله وبياك في شبكة الشموخ

وبوركت جهودك المميزة ونطمع

منك بالمزيد ودمت بعز وسعادة

سعيد السعيد 05-12-2016 06:52 AM

رد: سهرت لأجلها
 
الأخ العزيز عبدالعزيز الفدغوش
أشكرك جزيل الشكر وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم.
شكرا ثانية.

سارا 08-10-2016 01:19 AM

رد: سهرت لأجلها
 
قصة نادرة أعتقد في ذاك الزمن وبعمرك ياسعيد

الهمة العالية التي توجد بداخلك إعمارها وصل وارتفع

شكراً لك .

سعيد السعيد 08-10-2016 05:38 AM

رد: سهرت لأجلها
 
الأستاذة سارا
أشكر مرورك سيدتي...
شعب الأهواز يحاول أن يحتفظ بهويته العربية رغم المحاولات الكثيرة التي تحاك ضده لتبعده عن عروبته.


الساعة الآن 08:22 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
ظ„ظٹظ†ظƒط§طھ - ط¯ط¹ظ… : SEO by vBSEO 3.5.1 Trans by
Coordination Forum √ 1.0 By: мộнαηηαď © 2011

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009