شبكة الشموخ الأدبية

شبكة الشموخ الأدبية (http://www.alshmo5.com/vb/index.php)
-   منتدى القصص والروايات (http://www.alshmo5.com/vb/f14.html)
-   -   حكايتي ..! (http://www.alshmo5.com/vb/t46050.html)

سيد يوسف مرسي 09-28-2017 11:01 PM

حكايتي ..!
 
حكايتي
كنت أشجو ما كان مقرراً في الكتب المدرسية من أشعار وقصائد ، مغرم شغوف بالشعر لم أكتب شعراً في حينها أحفظ المقرر من قصائد وأشجوا فعندي حب الأداء ،
في بعض ما يلقي على مسامعي من أساتذتي من أبيات فترسخ في رأسي ، وأترنم بها ؛أو بعض ما أقرأ من أشعار في كتب السيرة والروايات التي أحبذ قراءتها وأشغف بها لكن خطت يدي في ذات يوم من الأيام شيئاً ، حسبته شعراً
أو قصيد بنيته في لحظة لم أنساها ، حينها كنت طالب في الصف الأول الثانوي ،
كانت الدراسة قد بدأت وانتظمت وبدأ الشتاء يقبل ببرده فأردت أن أشتري شيئاً من صوف يقيني برده القارص حين أخرج في الصباح مبكراً أثناء توجهي للدراسة ،قررت الشراء
وذهبت أتجول بين محلات بيع الملابس الجاهزة ، وتوقفت عند إحداها ، ونظرت للمعروض من الملابس الصوفية في واجهة المحل الزجاجية وأنا أقلب بصري وأتفقد الأسعار المكتوبة علي الملابس لعلني أجد ما يناسبني في السعر والذوق الذي أرتضيه
حينها وجدت فتاه تقاربني في العمر أو تزيد قليلاً تقف على الباب وكأنها تراقبني وتدعوني للدخول وهي ترحب بي وتطلق بشاشتها على الوجه وترسم ابتسامة نضرة على الشفاه كانت الفتاة متوسطة الطول لا تضع علي رأسها غطاءاً ، تترك شعرها منسابا على كتفها مقسوما بين الظهر والصدر ، خمرية اللون ملفوفة القوام مترابطة لا بأس بملامحها وتقاطيع وجهها
أحسست أن الفتاه تدفع بي للدخول للشراء، أو شيء ما يدفع بي ، وهي تبتسم وترحب . ما كادت أضع قدمي باب المحل حتى تفرقت مفاصلي وتناثرت عن بعضها وانتابتني رعشة في الجسد وأحسست أن العرق تصبب مني واللسان في فمي التجم وتلعثم وجدتها تسألني ولا أستطيع الرد أنظر إليها ولا أجيب ماذا تريد ؟ طلبك موجود ، أشرت بيدي علي ما راق لي ، كان المحل خاوياً من الزبائن ما من غيري فيه وجدت قلبي مثل الحمامة التي انطلقت في الفضاء وراحت تضرب بجناحيها فرحة مسرورة أحضرت لي معقداُ ودعتني للجلوس وارتقت سلماً خشبياً به عدة درجات وأتت بكم من (البل وفرات )
الصوفية متعددة الألوان ،وبدأت تفرد ما أتت به أمامي وهي تمدح فيما عرضت وتعرض ،وابتسامتها لم تفارقها ولا بشاشة الوجه رحت أتحسس بيدي ملمس الأقمشة المعروضة وأقارن بين هذا وذاك من حيث اللون والمقاس ، والحقيقة أنني غبت عنها وذهبت هناك ، والحديث لم ينقطع بيني وبينها فقد خرج الحديث عن الشراء والبيع فسألتها عن اسمها قالت: عواطف قلت من أين ؟ قالت : وهي تبتسم ، من حارة النحاسين ،قلت هل تعملين بالمحل بأجر؟ ، أم بنت صاحب المحل ؟ قالت أنا بنت صاحبة المحل ، تبسمت لها وقلت لها أحسن ناس ، وهي بدورها سألتني نفس الأسئلة ، لكني لم أخبرها بكل شيء في داخلي فقد أخفيت عنها جل أمري . الحق إنها المرة الأولي في حياتي التي أتحدث فيها مع أنثي وهي المرة الأولي التي أحس فيها بشعور غير الشعور ، فكانت كلما نظرت إليها كانت تسبل أجفان عينيها فتسرق الأجفان وعي وتغيب مني جوارحي وتزداد دقات قلبي وأستبدل وجها غير وجهي أحسست بشعور لم أحس به من قبل ما هذا الذي يحدث لي ،
كنت أظهر التماسك والترابط أمامها وأنا أشعر بالدوار يلفني وكأنها لم تؤثر في مثقال ذرة فجعلت أدفع بصري بعيداً عنها كأني أنظر للمعروض من الملابس في المحل حتى أعطي انطباعاً لديها بأنني لم أتأثر بها وأنني رجل صلب جلد
طال الأمر بيننا وأمتد وأحسست أن الوقت حان للانصراف وخشيت أن يعود والدها ويراني في تلك الصورة ، فأعطيت موافقتي على بعض ما أتت به وأنا أظهر خجلاً منها وأدب حتى لا تدرك أنها فعلت بي شيئا في جوارحي ؛لقد وضعت ما اشتريت في كيس وناولتني إياه وهي تطلق ابتسامتها في وجهي وتدعوني للعودة إلى الشراء مرة أخرى ،عند خروجي أحسست أن في قدمي قيد من حديد لا يكاد ينفك كي أنطلق عنها ،وكان عليّ أن أخرج فألزمت مفاصلي وأوصالي الترابط والتماسك عنوة ووضعت قدمي خارج المحل متشوق للعودة إليها مرة أخري راغباً في التواصل معها ،
@@@@@


رجعت حيث أسكن حجرتي الطلابية التي أستأجرها في وقت الدراسة حيث أن المدرسة في تقع في المحافظة التي تبعد عنا خمسة وعشرون كيلو متراً ،ولا يوجد بقريتنا مدرسة ثانوية ولا بالقرى التي تجاورنا ،حين وصلت ، وصلت جسداً بلا عقل لا وجدان فيه ألقيت ما في يدي على الفراش لم ألق على زملائي الذين يقطنون معي السلام أو التحية . جلست غارقاٌ في بحري هائماً في سكري لم أسمعهم وهم يسألون ولم أراهم حين يضحكون . بكم اشتريت ؟ ومن أين أتيت بهذا ؟
لقد أخذني ، آخذ ..! غرقت في بحري
ما هذا الذي حدث ؟ أهو الحب الذي يقولون عنه ؟ أم ماذا ؟
الحق لم ليس لي تجارب من قبل كالآخرين ، لم أذق طعم ما ذاقه غيري ، لقد كبلتني الدنيا بالقيود ؛فالتق مت العناء لقماً رجل البيت في وجود أبي ، ورجل البيت في رحيل أبي ، أسعى على سبعة إناث غيري وأمي ؛فذبت في الدنيا ذوبان الماء في اللبن والعود ما زال قاصراً ليناً لم يستقم بعد ...! فقد حملت عبأ الحياة مبكراً على كاهلي ولم يكن عندي وقت لهذا الذي يعرفه غيري من أقراني من الشباب كانت جوارحي عمياءً صماء لا تتكلم ولا ترى ،تغط في أميتها الذاتية ،فلقد منعتني الحياة عن الكثير وأقامت في وجهي السدود فلا أسامر أحداً من الشباب أو سماع شيئاً مما يقال ويحكي عن الذي يسمى عند الناس الحب والغرام أو أمنح فرصة واحدة أتقابل فيها مع فتاه وأتحدث معها فلا عجب ..! بالأمية المحمودة فلا وقت عندي لذلك ، فلو أني سمعت شاباً يتكلم عن الحب والعواطف لاعتلتني الدهشة والعجب ، كأن الذي يحكى أمامي أسطورة من خيال تفوق إدراكي المحدود ؛
أليس بك رجولة ؟ .توفي أبي عليه رحمة الله وأسكنه فسيح جناته وبعده بعدة أشهر مرضت أمي مرضاً شديداً كاد يؤدي بحياتها وبعد جهد وعناء على أطباء المخ والأعصاب والباطن
دب الشفاء ودبت العافية في جسدها ؛ فكانت أول ما نطقت به وطلبته مني ( الزواج )....!
أتزوج...! رفضت في بداية الأمر وعارضت الفكرة لكن وجدت أمي مصرة على طلبها ورغبتها وملحة بقسوة وبعضاً من الأقارب وكثير من الأهل والجيران رأوا في زواجي الخير والصواب بحجة أن أخوتي سوف يفارقون البيت عاجلاً أو أجلاً كل واحدة ستذهب لبيت زوجها وسوف أحتاج لمن تقوم على رعايتي ورعاية البيت ورعاية أمي ، والسبب الرئيسي والمهم هو أن تري أمي لي خلفاً وذرية قبل أن يوافيها القدر وتموت ولدا ...! ,يحمل اسمي ؛
كانت معارضتي شديدة في بداية الأمر سرعان ما خفت حدتها ولانت أمام طموح أمي ورغبتها في زواجي ؛ فخطبت إليّ بنت أختها التي كانت تكبرني بسبعة أعوام وكأنها كانت تعد هي وأختها وتدبر في الخفاء أمراً لا أعلمه إلا بعد انقضاء الطلب وتنفيذ الأمر ،وبفضل هذا أصبحت التلميذ المتزوج من بين زملائي وأنا ما زلت في الصف الأول الثانوي وزملائي لا يعلمون عني شيئاً إلا إذا قال وخبر عني بعض من يعرفني من أهل قريتي وأقربائي لذلك لم أدخل مرحلة المراهقة ولم تكن لي تجارب مثل باقي الشباب أمثالي ،كنت أنا الأمي عن الهوى والعشق فلما جاءني ما جاءني كنت الأعمى وكنت البصير ؛
لقد جلست في مركبي وأبحرت في تيهي أجدف كأنني غارق أطلب النجاة أنظر إلي البر بعين الكرب لا أعرف له نهاية أمسكت قلمي حينها من تحت وسادتي وكراسي الذي يجاورني ؛وأسندت ظهري للجدار الذي يلازم فراشي وتركت ما حولي وغرقت في مسيري والقلم يكتب أول حروف في الشعر وفي الغرام وهو يسبح في بحر الهوى وهو يصيح كما تصيح جوارحي ووجداني مغرم بعواطفي هائم في تجلياتي عاشقاً
أكتب حشود وجداني بقرطاسي ....!

بقلمي @سيد يوسف مرسي

عبدالعزيز الفدغوش 03-26-2018 09:41 PM

رد: حكايتي ..!
 
الله يعطيك الصحة والعافية

وبوركت كل الجهود الوافية

ريهام مخلص 12-02-2018 06:21 PM

رد: حكايتي ..!
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


الساعة الآن 06:27 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
ظ„ظٹظ†ظƒط§طھ - ط¯ط¹ظ… : SEO by vBSEO 3.5.1 Trans by
Coordination Forum √ 1.0 By: мộнαηηαď © 2011

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009