( 116 ) مدار الأفكار
توبيخ الشيخ
يقول الشاعر العربي :
إن الحجاب الذي نبغيه مكرمة = لكل حواء ما عابت ولم تعب
نريد منها احتشاما عفة أدبـا= وهم يريدون منها قلة الأدب
إن الحجاب عفة وعبادة ,وطهارة وسعادة , وتاج للوقار, وحاجب عن النار وفتن الأنظار,ويعني كما جاء
في قواميس اللغة المنع أو الستر عن الأنظار, وشرعا هو حجب زينة ومفاتن المرأة عن أنظار الرجال ,
قال تعالى : ( وإذا سألتموهن فاسألوهن من وراء حجاب ) ( الأحزاب : 53 ) ومكمن زينة المرأة الملفت
لنظر الرجال هو (الوجه المظهر لزينتها ), ومعنى احتجبت المرأة أي منعت أنظار الرجال إليها بغطائها
لوجهها وجسدها بالجلباب قال تعالى : ( يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن
من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) ( الأحزاب : 59 ) وجاء في
الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال: ( يا رسول الله لو أمرتَ أمهات المؤمنين بالحجاب).
فأنزل الله آية الحجاب, وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرأة
عورة)و عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم
ينظر الله إليه يوم القيامة) فقالت أم سلمة رضي الله عنها: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: ( يرخين
شبراً ) فقالت: إذن تنكشف أقدامهن. قال: ( فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه ) وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله
عنها قَالَتْ : ( كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا
سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا وعَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاه), وقد فرض الله الحجاب على نساء
المسلمين, كما أنه كان معروفاً في شرائع الأمم من قبلنا ، ونرى ذلك في لباس الراهبات المحتشم عند
النصارى ، أما عند العرب في الجاهلية فيعد ستر النساء وصيانتهن من المآثر و مكارم الأخلاق كما
جاء ذلك في مفاخرهم و أشعارهم ، وعن صفة الحجاب الشرعي يقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز
رحمه الله : ( الحجاب الشرعي هو أن تحجب المرأة كل بدنها عن الرجال : الرأس والوجه والصدر والرجل
واليد , لأنها كلها عورة بالنسبة للرجل غير المحرم لقول الله جل وعلا : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ
مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) وقوله : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنّ) المراد بذلك أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم وغيرهن من النساء كذلك في الحكم وبين سبحانه أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء
وأبعد عن الفتنة وقال سبحانه : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ) ,والوجه من أعظم الزينة
والشعر واليد كذلك ويمكن أن تحجب المرأة وجهها بالنقاب وهو الذي تبدو منه العينان أو إحداهما ويكون
الوجه مستور , لأنها تحتاج إلى بروز عينها لمعرفة الطريق ويمكنها أن تحتجب بحجاب غير النقاب
كالخمار لا يمنعها من النظر إلى طريقها لكن تخفي زينتها وتستر رأسها وجميع بدنها وعلى المرأة أن
تجتنب استعمال الطيب عند خروجها للسوق أو المسجد أو محل العمل إن كانت موظفة ؛ لأن ذلك من
أسباب الفتنة بها) .ولأن الحرب و منذ أقدم العصور قائمة بين الخير والشر , وبين الفضيلة والرذيلة فقد
نال الحجاب الإسلامي نصيبه من هذه الحروب والتي جاءت بشعارات باطلة مثل تحرير المرأة والمساواة
بالرجل ومحاربة الرجعية , وقد تبنى تلك الشعارات الزائفة كثير من دعاة الباطل وسعاة الفتنة وأرباب
التغريب ولم يكن الأمر مستغربا منهم ولكن الغريب والمستهجن هو ما أقدم عليه شيخ الأزهر محمد سيد
طنطاوي أثناء تفقده لأحد المعاهد الأزهرية في مدينة نصر حيث فوجئ أثناء زيارته للمعهد بطالبة في
الصف الثاني الإعدادي ترتدي النقاب داخل قاعة الدرس فانفعل وطالبها بخلعه, و قال أمام التلميذات : (إن
النقاب مجرد عادة ولا علاقة له بالدين الإسلامي من قريب أو بعيد), ونسي أنه قال في مؤتمر صحفي عام
2003 م : ( إن مسألة الحجاب للمرأة المسلمة فرض إلهي، وإذا قصرت في أدائه حاسبها الله على ذلك؛
ولذلك لا يستطيع أي مسلم سواء كان حاكمًا أو محكومًا أن يخالف ذلك، هذا إذا كانت المرأة المسلمة تعيش
في دولة إسلامية) ، والأدهى والأمر أن المفتي أصدر بعد ذلك قراراً يقضي بحظر ارتداء النقاب في جميع
المعاهد الأزهريّة رغم أن قانون منع ارتداء الحجاب في أماكن الدراسة يعد تدخلا في مجال الحريات
الفردية، ومنها اللباس الذي يعد تعبيرا عن الانتماء الحضاري والديني والفكري للشخص وميوله
الشخصية, ويقول الدكتور روان ويليامز رئيس أساقفة كانتربري : ( إن التشريع الفرنسي بشأن حظر
الحجاب في المدارس الحكومية يعد استفزازيا ومدمرا جدا) .
يا شيخ ما فعلك بفعل المشايـخ= يا مجازي ٍ من يتبع الحق توبيخ
رأس الفتى مما جرى منك دايخ= والله يعين المبتلى في ضرر شيخ