83- حكى أن بعض الشعراء هنأ الحسن بن سهيل بصهر المأمون مع من هنأه، فأثاب الناس كلهم وحرمه، فكتب إليه: إن أنت تماديت على حرماني عملت فيك بيتاً لا يعلم أحد مدحتك فيه أم هجوتك؟ فاستحضره وسأله عن قوله، فاعترف، فقال: لا أعطيك أو تفعل، فقال مجزوء الخفيف:
بارك الله للحسن ... ولبوران في الختن
يا إمام الهدى ظفر ... ت ولكن ببنت من؟
فلم يعلم أراد بقوله: " ببنت من " في الرفعة أو في الضعة، فاستحسن الحسن منه ذلك، وناشده، أسمعت هذا المعنى أم ابتكرته؟ فقال: لا والله، إلا نقلته من شعر شاعر مطبوع كان بعث به، ففصل قباء عند خياط أعور اسمه زيد، قال له الخياط على طريق العبث به: سآتيك به لا يدري أٌباء هو أم دواج فقال الشاعر: لئن فعلت لأعملن فيك بيتاً لا يعلم أحد ممن سمعه أدعوت لك فيه أم دعوت عليك؟ ففعل الخياط، فقال الشاعر مجزوء الرمل:
جاء من زيد قباء ... ليت عينيه سواء
فما علم أحد هل أراد أن الصحيحة تساوي السقيمة أو العكس، قال: فاستحسن الحسن صدقه، أضعاف استحسانه حذقه، وأضعف جائزته.
أنظر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن لابن أبي الإصبع ص 596-597 وخزانة الأدب وغاية الأرب للحموي ( 1 / 178-179) .