37- دخل أعرابي على الحجاج فسمعه يقول: لا تكمل النعمة على المرء حتى ينكح أربع نسوة يجتمعن عنده، فانصرف الأعرابي فباع متاع بيته، وتزوج أربع نسوة، فلم توافقه منهن واحدة، خرجت واحدة حمقاء رعناء، والثانية متبرجة، والثالثة فارك أو قال فروك، والرابعة مذكرة، فدخل على الحجاج فقال: أصلح الله الأمير، سمعت منك كلاماً أردت أن تتم لي به قرة عين؛ فبعت جميع ما أملك، حتى تزوجت أربع نسوةٍ، فلم توافقني منهن واحدة، وقد قلت فيهن شعراً، فاسمع مني، قال: قُل. فقال:
تزوجتُ أبغي قُرّةَ العينِ أربَعا ... فياليتَ أنّى لم أكن أتزوَّجُ
ويا ليتنى أَعْمَى أصمُّ ولم أكُنْ ... تزوجتُ بل ياليت أنى مُخَدَّجُ
فواحدةٌ ما تعرفُ الله ربَّها ... ولا ما التُّقَى تدري وَلا ما التَّحرُّجُ
وثانيةٌ ما إن تقرَّ ببيتها ... مذكّرة مشهورة تتبرَّجُ
وثالثة حمقاءُ رَعْنَا سخيفةٌ ... فكل الذي تأتي من الأمر أعوجُ
ورابعةٌ مفروكةٌ ذاتُ شِرَّةٍ ... فليستْ بها نفسي مَدَى الدهر تُبْهَجُ
فهنَّ طلاقٌ كلُّهُن بوائنُ ... ثلاثاً ثلاثاً فاشْهَدُوا لا تلجلجوا
فضحك الحجاج حتى كاد يسقط من سريره، ثم قال له: كم مهورهنّ؟ قال: أربعة آلاف درهم. فأمر له بثمانية آلاف درهم. ( بهجة المجالس وأنس المجالس لابن عبد البر ص 180- 181) .