27 - واو الثمانية:
قال تعالى: ((سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة (و) ثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا)) من سورة الكهف: 18 / الآية 22
وقع الخلاف بين النحويين في إعراب حرف الـ (واو) الواقع بين قوسين في النص الكريم ما بين أن يكون حرف عطف، أو استئناف وما بين تسميتها واو الثمانية .
قال المرادي في ( الجنى الداني في حروف المعاني ص 167 - 168 ) : " السادس: واو الثمانية: ذهب قوم إلى إثبات هذه الواو، منهم ابن خالويه، والحريري، وجماعة من ضعفة النحويين. قالوا: من خصائص كلام العرب إلحاق الواو في الثامن من العدد، فيقولون: واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية، إشعاراً بأن السبعة عندهم عدد كامل. واستدلوا بقوله تعالى " التائبون، العابدون، الحامدون، السائحون، الراكعون، الساجدون، الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر "، وبقوله تعالى " وثامنهم كلبهم "، وبقوله تعالى " ثيبات وأبكاراً، وبقوله تعالى " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها ". قالوا: ألحقت الواو، لأن أبواب الجنة ثمانية، ولما ذكر جهنم قال فتحت بلا واو، لأن أبوابها سبعة.
وذهب المحققون إلى أن الواو في ذلك إما عاطفة، وإما واو الحال. ولم يثبتوا واو الثمانية. وأنكر الفارسي واو الثمانية، لما ذكرها ابن خالويه في باب المناظرة " .
قال ابن هشام في ( مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ص 474 ) : " وَالتَّاسِع وَاو الثَّمَانِية ذكرهَا جمَاعَة من الأدباء كالحريري وَمن النَّحْوِيين الضُّعَفَاء كَابْن خالويه وَمن الْمُفَسّرين كَالثَّعْلَبِيِّ وَزَعَمُوا أَن الْعَرَب إِذا عدوا قَالُوا سِتَّة سَبْعَة وَثَمَانِية إِيذَانًا بِأَن السَّبْعَة عدد تَامّ وَأَن مَا بعْدهَا عدد مُسْتَأْنف وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بآيَات .... " .
وقال السيوطي في همع الهوامع ( 3 / 191 ) : " وَأثبت الحريري وَابْن خالويه وَاو الثَّمَانِية وَقَالا لِأَن الْعَرَب إِذْ عدوا قَالُوا سِتَّة سَبْعَة ثَمَانِيَة إِيذَانًا بِأَن السَّبْعَة عدد تَامّ وَمَا بعده عدد مُسْتَأْنف وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى {سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَّابِعُهُم كَلبُهُم} إِلَى قَوْله {وَثَامِنُهُم} [الْكَهْف: 22] وَقَوله فِي آيَة الْجنَّة {وَفُتِحَت أَبَوابُهَا} [الزمر: 73] لِأَن أَبْوَابهَا ثَمَانِيَة بِخِلَاف آيَة جَهَنَّم لِأَن أَبْوَابهَا سَبْعَة وَقَوله {وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ} [التَّوْبَة: 112] فَإِنَّهُ الْوَصْف الثَّامِن وَقَوله {وَأَبكَاراً} [التَّحْرِيم: 5] وَلم يذكر هَذِه الْوَاو أحد من أَئِمَّة الْعَرَبيَّة ... " .
وقد أنكر الإمام المحدث صلاح الدين العلائي في كتابه : الفصول المفيدة فى الواو المزيدة ( ص 142 وما بعدها ) هذه الواو فقال : " وَذكر جمَاعَة أَن الْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى {الآمرون بِالْمَعْرُوفِ والناهون عَن الْمُنكر} وَقَوله {ثيبات وأبكارا} وَاو الثَّمَانِية لِأَن السَّبْعَة عدد كَامِل فَيُؤتى بعْدهَا بِالْوَاو إشعارا بذلك وحملوا عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ سَبْعَة وثامنهم كلبهم} وَهُوَ قَول لَا دَلِيل لَهُ وَلَا أصل لَهُ .. " .
وقد أنكر هذه الواو النحوي خالد الأزهري فى كتابه : ( موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب ص 146) فقال : " وَقَوْلهمْ إِن مِنْهَا أَي من وَاو الثَّمَانِية قَوْله تَعَالَى {وثامنهم كلبهم} وَهَذَا القَوْل لَا يرضاه نحوي لِأَنَّهُ لَا يتَعَلَّق بِهِ حكم إعرابي وَلَا سر معنوي " .