12 - حكي أن الحجاج أمر صاحب حراسته أن يطوف بالليل فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه ، فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان يتمايلون وعليهم أثر الشراب، فأحاط بهم وقال لهم: من أنتم حتى خالفتم الأمير؟ فقال الأول:
أنا ابن من دانت الرقاب له ... ما بين مخزومها وهاشمها
تأتي إليه الرقاب صاغرة ... يأخذ من مالها ومن دمها
فأمسك عن قتله، وقال: لعله من أقارب أمير المؤمنين، وقال الثاني:
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره ... وإن نزلت يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره ... فمنهم قيامٌ حولها وقعود
فأمسك عن قتله وقال: لعله من أشراف العرب، وقال الثالث:
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه ... وقومها بالسيف حتى استقامت
ركاباه لا تنفك رجلاه منهما ... إذا الخيل في يوم الكريهة ولت
فأمسك عن قتله وقال: لعله من شجعان العرب. فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج فأحضرهم وكشف عن حالهم، فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن فوال، والثالث ابن حائك. فتعجب الحجاج من فصاحتهم وقال لجلسائه: علموا أولادكم الأدب، فوالله لولا الفصاحة لضربت أعناقهم، ثم أطلقهم وأنشد:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً ... يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول: ها أنا ذا ... ليس الفتى من يقول: كان أبي
نوادر الخلفاء - المشهور بإعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس للإتليدي ( 52 -53 ) .