كان في أنتظار يمتزج بخوف ولهفة
كان يترقب وينظر الى الباب وكأنه ينتظر قدوم احد
وهو كذلك
وفجأة وهو ينتظر اذا بالباب يفتح
وتخرج منه تلك الممرضة وتقول له
مبتسمة
مبروك انها انثى
لم يتمالك نفسه فحمد الله وشكره وقال لها بنشوة الفرح
هل لي ان اراها
قالت نعم لكن بعد فترة وجيزة
مرت تلك الفترة الوجيزة دهرا عليه
سمح له برؤيتها واذا هو ينظر الى تلك الملاك
لم يعرف كيف يصفها لانها ابهرته بجمالها
فقال جملة واحدة لا غيرها
انت والله " الشهد"
واسماها شهد
وطلت عليه اخر العنقود وكانت فعلا اسما على مسمى
" شهد"
جمالا خلابا يفوق الوصف
ومرت الايام والاشهر وشهد تكبر بين يديه
يداعبها ويلاعبها
حتى بلغت ربيعها الاول
وهنا بدأت المأساة
واذا يلاحظ ان في عينيها حور
حزن الاب حزنا شديدا
فكيف بذلك الجمال والكمال ينقص هكذا
نعم لا كامل الا وجهه سبحانه
عاش تعيسا كثيرا من ايامه
ماذا عساه يعمل
هل يتدخل في خلق الله ام يرضى ويقبل
ويحمد الله مثله مثل كل مؤمن
ان اصابته سراء شكر فكان خيرا له
وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له
استشار كثيرا من الاطباء
وكلهم نصحوة بعمل العملية
ووصفوها بالبسيطة
ترد العين لوضعها الطبيعي
الاطباء مع العمليه والاصحاب والاهل ضد العملية
مد وجزر
شد وارخاء
واخيرا قال له دكتور صديق ومقرب
يا اخي هي عمليه بسيطة يعملها اي طبيب متخرج لتوه
اسلم امره لله وقبل بالعملية
وياليته لم يقبل
بعد العمليه بساعتين تورمت العين وانتفخت وبدأت الصغيرة تبكي من شدة الالم
فأخذها على وجه السرعة للطوارئ
فما ان اجتمع عليها الاطباء وازالوا الضماد الا ويرون العجب العجاب
العين يخرج منها صديدا ويجري منها مجرى النهر
وهو واقف لا حراك ولا يفقه قولا ولا تصرفا
فقد حتى خاصية التفكير بل قل حتى الحركة
ماذا حدث ياترى؟
باختصار العين دخلتها جراثيم شرهة بسبب الادوات الغير معقمة تعقيم كامل
واكلت من العين ما اكلت
اجتمع الاطباء في حيرة من امرهم
لأول مرة في تاريخ الطب عندهم يحدث هذا
وقرروا نقل البنت على وجه السرعة الى لندن للعلاج وعمل رقعة للعين
وحتى لا تفقد العين
وبدأت مأساة اخرى
لم يجدوا طبيبا يقبل بأجراء العملية لطفلة في سنتها الاولى
حتى تقدم دكتور اخيرا وقبل باجراء العملية
وهناك في لندن وبعد التشخيص بدأت ماساة ثالثة
اين يجدوا رقعة تناسب هذه الطفلة
نعم يوجد رقع متبرع بها ولكن لأناس مييتين وهم كبار في السن
وهي لا تناسب الطفلة
واخيرا وبعد انتظار مرير وجدوا رقعة مناسبة في كندا
احضروها وتمت ثلاث عمليات للبنت
وفي كل عملية تصر البنت وتبكي ولا تريد الا اباها يحملها بيده الى داخل غرفة العمليات
وفي كل عمليه يتم تخدير البنت وتنام من المخدر وهي بين يدي ابيها وفي حضنه
ودمعته كل مرة تسقط على كتف البنت
واخيرا رجعوا لوطنهم والبنت نوعا ما في حالة طيبة
وهم مسافرون على جسر الملك فهد
والاب يداعب ابنته الا ويرى شيئا صغيرا سقط في يده
فإذا هو جزء من تلك الرقعة
فمان كان منه الا الرجوع للوطن والسفر مرة ثانية للندن
وفعلا سافروا وتمت هناك مايقارب اربع عمليات
وفي كل مرة البنت تخدر بين يديه ودمعته تسقط على كتفها
فقدت جزء من قوة بصرها بسبب تلك العمليات
ولكن الاب دائما يقول الحمد لله على كل حال
والان البنت في ربيعها الثاني عشر
وفي حال والحمد لله طيب
وبأسم ذلك الاب الصبور اهدي لابنته شهد هذه القصيدة نيابة عن ابيها
واهديها ايضا لكل من اسمها شهد وانا متأكد انها ايضا شهد
بسم الله أبدأ
:::
:::
شهد ياأحلى ثمار القلب..شهد ياأخر العنقود
شهد يابنت أبوها الغالية لحني و موالي
شهد ياغنوة الاغصان لا هبت عليها النود
شهد يافرحة الارض بهطول المزن همالي
طباعك شكلك وكلك أدلة ما طلبنا شهود
على انك شبيهة والدك ياأصغر عيالي
فلا تشكين من هم الزمن مادامني موجود
أنا لك يابعد عمري وأنا برخـص لك الغالي
اذا غبتِ عن عيوني تحاصرني الهموم حشود
ولايرتاح بالي لين اشوفك دايم قبالي
ابي شوفتك مرتاحه وهذا غاية المقصود
عسى عيني فدى عينك فداك الحال والمالي
ألايا بسمة الحاضر و يالمستقبل المشهود
وألا يا فرحة ٍ عـمَّـت سماي بكل الاحوالي
أنا لمن تغـنيت بشهد ما ناشني منقود
أردد بالثلاث الحروف من زينات الامثالي
بدايتها بحرف الشين يا نسمة شذى و ورود
تلطـّـف دنيتي من حر شمسك يالخلا الخالي
وحرف الها هواك بكل ليله في حشاي يزود
يغــذي كل عرق ٍ نابض ٍ بإسم الغــلا الغالي
وحرف الدال يا زين الدلع يا درّ يا منضود
على جيد العفاف يحق له يآضي و يختالي
شهد يا فرحة الدنيا..شهد يا آخر العنقود
يا فلذة كبدي وعمري وغاية كل آمالي
بقلم عادل بوبدر