الدعوة الى الله رسالة كل مسلم في الحياة .. وعلى كاهل كل مسلم – صغيرا كان أم كبيرا – دور اسلامي رسالي ، ينبغي ان ينهض به ، التزاما بمبادئه ، وحملا لرسالته ، ونشرا لدعوته ، وجهادا في سبيله تعالى .
والمسلم يجب ان يعد نفسه لهذه المهمة الكريمة ولهذا الدور العظيم ، فتى يافعا و شابا نافعا و رجلا مقدّرا و كهلا موقرا ...
وعلى مثل ذلك درج آباؤنا الأولون واسلافنا الصالحون رضي الله عنهم وارضاهم اجمعين .
· فكان منهم الصغار الذين حفظوا القرآن عن ظهر قلب ..
· وكان منهم الشبان الذين نبغوا في علوم القرآن والسنة والفقه والكثير من العلوم الا نسانية الأخرى.
· وكان منهم الدعاة الذين فتحوا القلوب وأسروا العقول كسيدنا مصعب بن عمير الذي انتدبه رسول الله صلى الله عليه وسلم داعية الى المدينة ولما يبلغ الثامنة عشر من عمره .
· وكان منه الفتيان الذين قادوا الجيوش وخاضوا المعارك وهم بين يدي سن الحلم ، او ما يعرف اليوم بسن المراهقة ، كسيدنا اسامة بن زيد رضي الله عنهم جميعا .
مجالات الدعوة المناسبة :
أما مجالات الدعوة المناسبة لمن هم في سن الشباب ، فهي كل ما يقتضيه وجوب معرفتهم به من الدين بالضرورة ، وهو بالتالي ما يحتاجه أقرانهم ورفا قهم كذلك ، ووفق اولويات التكليف الشرعي .
· فلا بد ابتداء بالتعريف بأركان الايمان واركان ، معرفة وتدبرا وتطبيقا ، فهي كالاساس الذي لابد منه لاستكمال جوانب الاسلام المختلفة والتي لاتصح مالم تكن العقيدة سليمة .
· ثم لابد بعد ذلك من تناول اركان الاسلام ، من خلال التوقف عند كل ركن منها فقها والتزاما ، مع التركيز والتأسيس ابتداء على الصلاة ، فالصلاة كما يقرر المصطفى صلى الله عليه وسلم ( عمود الدين وعماده ، فمن هدمها هدم الدين ) والصلاة كما يؤكد عليه الصلاة والسلام ( العهد بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )
· يلي ذلك من حيث الأهمية - في هذه المرحلة من العمر- التركيز على الأثرالسلوكي والاخلاقي الذي يجب ان تتركه هذه العبادات في حياتنا ، ففي الصلاة ( ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) وفي الصيام ( من لم يدع قول الزور والعمل به ،فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه) وهكذا في كل الاركان الأخرى .
· ثم ان من اولويات ما يجب التركيز عليه في هذه السن ، حسن العلاقة بالأهل والاقرباء وعموم الناس وبخاصة الابوين ، وذلك للأولوية التي اختصهما الشرع بها حيث قال تعالى ( واذ أخذ الله ميثاق بني اسرائيل : لاتعبدون الا الله ، وبالوالدين احسانا ، وذي القربى واليتامى والمساكين ، وقولوا للناس حسنا ، وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، ثم توليتم الا قليلا منكم وانتم معرضون ) البقرة 183
· وفي هذه المرحلة يمكن للشاب ان يمارس الدعوة في مدرسته وبين زملائه ، وبين اشباهه من اشقائه وشقيقاته واقربائه وجيرانه ، وهكذا تتوسع الدائرة يوما بعد يوم ، بقدر ما تنمو امكاناته وتجربته ، ويتكاثر معارفه ، من غير استعجال لخطوة قبل أوانها ، كي لا يعاقب بحرمانها ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول : ( رحم الله امرأ عرف حده ووقف عنده )
صيانة النغس في هذه المرحلة :
في هذا الزمن الذي كثرت فيه المغريات وتـنوعت وتـشعبت ، وتكاثر فيه الداعون على ابواب جهنم ، والذي بات فيه اهل الايمان غرباء عن واقعهم ، والذي اصبح القابضون فيه على دينهم كالقابضين على الجمر ، والذي غدت فيه الفتن كقطع الليل المظلم تجعل الحليم حيرانا ، يطالعنا قول الله تعالى بالخطاب القرآني المضيء ، محددا الطريق ، قائلا ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، ولا تعد عيناك عنهم ، تريد زينة الحياة الدنيا ، ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه ، وكان امره فرطا)
انها صحبة الاخيار ومعايشة الابرار .. انه تأسيس تلقائي لمجتمع صغير محصن ، وبيئة نظيفة طاهرة غير ملوثة ، يتذاكر اهلها الخير ويعيشونه ، معتصمين بحبل الله تعالى ، مسترشدين بمن سبقهم الى هذه الواحة ممن هدى الله ، فبهداهم اقتده ( اولم يروا انا جعلنا حرما آمنا ، ويتخطف الناس من حولهم ، افبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ، وم اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب بالحق لما جاءه ، اليس في جهنم مثوى للكافرين ، والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين ) صدق الله العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه اجمعين .