( 229 ) مدار الأفكار
سيف الظلم
يقول الشاعر العربي :
أما والله إن الظلم شؤم =ولا زال المسيء هو الظلوم
إلى الديّان يوم الدين نمضي= وعند الله تجتمع الخصوم
إن الظلم يطلق على مجاوزة الحد والتصرف في ملك الغير بغير وجه حق,ويعرّفه أئمة اللغة بأنه وضع
الشيء في غير موضعه,ومن فضل الله سبحانه وتعالى وهو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين أنه حرم الظلم
على نفسه وجعله محرماً بين عباده، قال تعالى : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت
من لدنه أجرا عظيما )( النساء :40) ، وقال سبحانه : (وما ربك بظلام للعبيد ) (فصلت : 46) ،وفي الحديث
القدسي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم
على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا) ,وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات
يوم القيامة،واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم،حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم )
,ويقول الإمام جعفر الصادق : ( الظالم نادم وإن مدحه الناس ,والمظلوم سالم وإن ذمه الناس , والقانع غني
وإن جاع , والحريص فقير وإن ملك ) ,ويقول الحارث بن أسد : ( بئس الزاد إلى المعاد ظلم العباد ) ,
,ويقول أحد الشعراء: (والظلم من شيم النفوس فإن تجد* ذا عفة فلعله لا يظلم),ويقول شاعر آخر: ( لا تظلمن
إذا ما كنت مقتدراً* فالظلم آخره يأتيك بالندم, نامت عيونك والمظلوم منتبه* يدعو عليك وعين الله لم تنم) ,
ويقول شاعر ثالث : (وما من يد إلا يد الله فوقها*ولا ظالم إلا سيبلى بظالم ),ويقول مارتن لوثر كينج :
(المصبية ليست في ظلم الأشرار بل في صمت الأخيار ) ,وفي الأمثال العربية قيل : ( ما من ظالم إلا سيبلى
بظالم ) , و(من ظلم نفسه فهو لغيره أظلم ) ,وللظلم ثلاثة أنواع هي : (ظلم الإنسان لربه، وذلك بكفره بالله
تعالى، قال تعالى: ( وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ )(البقرة:254]) ,ويكون بالشرك في عبادته وذلك بصرف بعض
عبادته لغيره سبحانه وتعالى، قال عز وجل: (إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) (لقمان:13) , وظلم الإنسان نفسه،
وذلك بإتباع الشهوات وإهمال الواجبات، وتلويث نفسه بآثار أنواع الذنوب والجرائم والسيئات، قال جل
شأنه: (وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (النحل:33),وظلم الإنسان لغيره من عباد الله ومخلوقاته،
وذلك بأكل أموال الناس بالباطل، وظلمهم بالضرب والشتم والتعدي والاستطالة على الضعفاء،والظلم يقع غالباً
بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار, فالظلم من أقبح المعاصي وأشدها خطرا على الأفراد والجماعات ,فمن
خلاله تحدث الاضطرابات,و تزيد الخلافات وتنتشر الخصومات, ويتكدر صفو المجتمعات , قال تعالى : (أَلاَ
لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) ( هود:18) ، وقال أيضا: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ
لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) ( إبراهيم : 42 ) ,ودعوة المظلوم مستجابة لا ترد حتى وإن كان كافراً، فقد قال
رسول الله علية الصلاة والسلام : (اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً؛ فإنه ليس دونها حجاب) ,ويقول أحد
التابعين : ( إذا مررت بأرض قد خربت، وبأهلها قد تفرقوا وبأُنْسٍ قد تشعَّب، وببهاء قد تبدد، وبمال قد
فني، وبصحة قد ذهبت، فاعلم أنها نتيجة الظلم) , وتحرص كثير من الدول على إيجاد ديوان للمظالم ضمن
مؤسساتها باعتباره من سمات الدولة الحديثة ومن خلاله تتعزز مباديء الحيادية وتتحقق العدالة ورد المظالم,
ويقول النائب الدكتور وليد الطبطبائي الذي يعد دراسة بشأن إنشاء ديوان للمظالم في الكويت : (إن ديوان
المظالم يعتبر رقابة إدارية في مقابل الرقابة المالية لديوان المحاسبة على وزارات ومؤسسات الدولة ) .
يا مقتدر للظلم في بعض الأيام = اعلم ترى مولاك لك مقتدر دوم
لو زاد في دنياك من فيض الأنعام = لا بد للظالم يجي يوم معلوم
يمهل ولا يهمل مع الوقت ظلّام = وينصف بعدله كل داعي ومظلوم