صفحة جديدة 1

فلسطين


فلسطين المحتلة:

مصطلح سياسي وعربي (وإسلامي) إلى حد كبير، وكذلك لدى الكثير من الدول خاصة دول العالم الثالث. والقوى والهيئات والأحزاب السياسية في العالم، التي ناصرت العرب في نزاعهم مع إسرائيل حول «قضية فلسطين» خاصة منذ بداية خمسينات هذا القرن حتى أواخر هذا القرن (القرن العشرين).

طغى استعمال هذا المصطلح في الخطاب السياسي الفلسطيني والعربي الرسمي والشعبي، منذ نكبة فلسطين 1948 وضياعها واغتصابها على يد الحركة الصهيونية اليهودية العالمية.

الموقع:
 

تقع فلسطين غربي قارة آسيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط الذي يحدها من الغرب. ويبلغ طول ساحلها عليه 224 كم. ويحدها من الشمال الشرقي سوريا، ويبلغ طول الحدود بينهما 70 كم. وأما من الشمال فيحدها لبنان وسوريا، ويبلغ طول حدودها مع لبنان حوالي 79 كم، ومن الشرق يحدها الأردن حيث يبلغ طول حدودها معه حولي 360 كلم. وتطل فلسطين على الرأس الشمالي لخليج العقبة عبر ساحل طوله 10,5 كم. ويبلغ طول الحدود الجنوبية الغربية مع مصر نحو 240 كلم. وتبلغ مساحة فلسطين كاملة 27009كم2، وهي مستطيلة الشكل.

أما مساحة «السلطة الفلسطينية» حالياً بعد اتفاق أوسلو 13 أيلول 1993 فهي كالتالي: تبلغ مساحة الضفة الغربية، من دون الجزء المتعلق بالبحر الميت 5646كم2. ومساحة قطاع غزة 360كم2. أي أن المساحة الإجمالية لهما هي: 6006كم2، أي نحو 24% من مجموع مساحة فلسطين بالاجمال. وهي المساحة المطلوبة من إسرائيل الانسحاب منها بموجب اتفاقية أوسلو وما بعدها.

نبذة تاريخية:


الفلسطينيون:

يعود أصلهم إلى سواحل بحر إيجه في آسيا الصغرى وإلى جزيرة كريت، هاجروا إلى فلسطين أواخر القرن الثالث عشر ق.م. وقد سميت هذه السواحل التي أقاموا عليها بـ«فلسطين» نسبة لهم.

ويذكر المؤرخون أنهم شيدوا خمسة مدن مهمة هي: غزة وعسقلان وغاث وعقرون وأشدود. وقد هاجمهم العبرانيون كثيراً، واستمر السجال فيما بينهم.

ولم يمض القرن الحادي عشر ق.م. حتى كان الفلسطينيون قد اندمجوا بشكل كامل في الحضارة الكنعانية. وقد دل على ذلك عدة أدلة أثرية وتاريخية.

بعد ذلك، تعرضت فلسطين إلى غزوة من قبل اليهود مارسوا خلالها ضروباً من القسوة والوحشية والإبادة، إلا أنهم لم يستطيعوا طرد السكان الأصليين.

حاول يوشع بن نون احتلال مدينة يبوس (القدس) فقاومه اليبوسيون بقوة، وظلت القدس ممنوعة على اليهود بنحو مائتي عام، وأخيراً نحو عام 997 ق.م. تمكن النبي داود من الاستيلاء على القدس، وبعد وفاته عليه السلام تولى ابنه سليمان عليه السلام حكمها ومن بعده ولده رحيمام سنة 975 ق.م.

وقد انقسمت البلاد إلى دولتين: مملكة يهودا وعاصمتها أورشليم، ومملكة إسرائيل وعاصمتها السامرة، واشتدت الحرب بين المملكتين مما شجع الآشوريين على مهاجمتهم وإخضاعهم واحتلال القدس، وانقرضت مملكة يهودا سنة 586 ق.م. وبهذا انتهت أسرة داوود المالكة في أورشليم وكذلك انقرضت مملكة إسرائيل وفي سنة 332 ق.م. استولى الاسكندر المقدوني على أورشليم، فانقسم اليهود إلى قسمين: منهم من اقتدى باليونانيين وحضارتهم، ومنهم من بقي متعصباً، وقام بتمرد ضد الاضطهاد اليوناني.

وفي عام 135 ق.م. تمكن الامبراطور الروماني هدريان من إخماد ثورة اليهود ودمر أورشليم، وقتل أعداد كبيرة من اليهود ومنعهم من دخول القدس.

وفي أواخر القرن الأول ق.م. ولد السيد المسيح في بيت لحم وعاش في فلسطين حيث انتشرت تعاليمه رغم ما لقيت دعوته ورسالة من عداء ومقاومة من جانب اليهود والرومان. حتى كان مطلع القرن الرابع الميلادي حيث تنصر الامبراطور قسطنطين فشيد عدة كنائس أشهرها كنيسة القيامة في القدس، وكنيسة المهد في بيت لحم.

العهد الإسلامي:
 

 اتجهت الجيوش الإسلامية لفتح بلاد الشام ومحاربة الروم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وكان على رأس الجيش الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح. فتولى القيادة خلال معركة اليرموك الفاصلة القائد المحنك خالد بن الوليد الذي استطاع الحاق هزيمة منكرة بالجيش البيزنطي، وتوغل الجيش الإسلامي في مختلف المناطق. وسار أبو عبيدة باتجاه بيت المقدس وحاصرها، فأجابوا إلى الصلح ولكنهم اشترطوا أن لا يسلموا المدينة إلا لأمير المؤمنين، فأرسل أبو عبيدة إلى أمير المؤمنين يخبره بالأمر. فخرج الخليفة عمر من المدينة باتجاه بيت المقدس. وترك الإمام علي بن أبي طالب على المدينة، فدخل بيت المقدس ثم دخل المسجد الأقصى وصلى فيه مع المسلمين، ثم سار إلى الصخرة وجعل المسجد في قبلة بيت المقدس، ورجع إلى المدينة المنورة.

وبقيت القدس عربية إسلامية تعاقب عليها الحكام العرب والمسلمون من الخلفاء الراشدين إلى الأمويين والعباسيين إلى بني طولون والأخشيديين فالفاطميين والسلاجقة والمماليك والعثمانيين منذ فتحها الخليفة عمر بن الخطاب سنة 15 هـ/636 م حتى سنة 1367 هـ/1948م. باستثناء فترة الحروب الصليبية، حيث تمكن الناصر صلاح الدين الأيوبي من تحريرها من يد الصليبيين بعد معركة حطين (1099 ـ 1187 م). وقد شهدت فلسطين في العهد الإسلامي انتعاشاً واسعاً، فشيدت المعاهد الإسلامية العلمية، وبرز العديد من العلماء والمفكرين والقادة.

فلسطين والاستعمار:

 شكلت فلسطين عبر التاريخ هدفاً مهماً لجميع الدول الهادفة إلى التوسع سواء في التاريخ القديم أو الحديث.

وفي أعقاب احتلال بريطانيا للهند في القرن السابع عشر استعاد الغرب اهتمامه بالمنطقة، كما كان لحملة نابليون على مصر وفلسطين أثر في إبراز الأطماع البريطانية في السيطرة على المنطقة.

وعد بلفور (2 تشرين الثاني 1917):

هو الوعد البريطاني الرسمي الشهير الذي أعلنت فيه بريطانيا تعاطفها مع الأماني اليهودية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وذلك على شكل رسالة بعث بها اللورد بلفور ـ وزير الخارجية البريطاني آنذاك ـ إلى اللورد روتشيلد، المليونير اليهودي المعروف.

الانتداب البريطاني:

بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى، كانت فلسطين من الأراضي التي وقعت بأيدي البريطانيين، وأصبحت فلسطين بالتالي تحت الانتداب البريطاني (1922 ـ 1948 م) بموجب صك منحه الحلفاء وعصبة الأمم لبريطانيا عام 1922 ضد رغبة سكان فلسطين المعبر عنها أمام لجنة كينغ ـ كراين. وقد أدخلت في صك الانتداب مادة تتضمن التزاماً من قبل الدولة المنتدبة بإقامة «وطن قومي لليهود في فلسطين» وتنفيذ وعد «بلفور». وكان لبريطانيا عام 1922 ضد رغبة سكان فلسطين المعبر عنها أمام لجنة كينغ ـ كراين. وقد أدخلت في صك الانتداب مادة تتضمن التزاماً من قبل الدولة المنتدبة بإقامة «وطن قومي لليهود في فلسطين» وتنفيذ وعد «بلفور». وكان المندوب السامي الذي عينته الحكومة البريطانية على فلسطين هو هربرت صموئيل اليهودي الأصل الانكليزي الجنسية الذي أخذ على عاتقه أن يضع إمكانات الدولة المنتدبة لمساعدة اليهود على تنفيذ وعد بلفور، وذلك بتقديم المعونات لهم من تشجيع للهجرة، وتسهيل لعمليات شراء الأراضي وتسجيلها، وإعطائهم مساحات واسعة من أملاك الدولة، والتضييق على الفلاح الفلسطيني بكل الوسائل لإجباره على بيع أراضيه لليهود.

كما جعلت بريطانيا اللغة العبرية إحدى اللغات الرسمية في فلسطين، وسمحت بإقامة مدارسهم الخاصة، وبإنشاء المستعمرات والمنظمات الصهيونية، ومنها الوكالة اليهودية التي كانت بمثابة دولة ضمن دولة، وقد نتج عن ذلك ازدياد كبير في عدد اليهود مما أشعر العرب بالأخطار التي كانت تحيق بهم مما أدى إلى قيام عدة ثورات وانتفاضات. في الوقت الذي كانت فيه معظم الحكومات العربية خاضعة للنفوذ الأجنبي.

ردة الفعل الفلسطينية:

لقد أحس الشعب الفلسطيني أن المهاجرين اليهود الجدد ليسوا إلا محتلين ينوون الاستيلاء على البلاد وطرد أهلها منها، وزاد في هذه القناعة شروع هؤلاء المهاجرين في شراء العديد من الأراضي الفلسطينية، إقامة المستعمرات عليها بدأت المقاومة بانتفاضات عفوية في مختلف المناطق وخاصة إثر وصول هجرة جديدة. وأهم وأكبر هذه الانتفاضات انتفاضة نيسان 1920 في القدس التي عبر فيها عرب فلسطين عن معارضتهم لسياسة بريطانيا ووعد بلفور والصهيونية.

ثورة البراق 1929:

وقعت أحداث هذه الثورة في صيف 1929 وذلك عندما اعتدى جماعة من اليهود على [حائط المبكى لدى اليهود] حائط البراق والجدار الغربي للمسجد الأقصى وقاموا برفع العلم الصهيوني فلم يسكت المسلمون على هذا الاعتداء وقعت أحداث هذه الثورة في صيف 1929 وذلك عندما اعتدى جماعة من اليهود على [حائط المبكى لدى اليهود] حائط البراق والجدار الغربي للمسجد الأقصى وقاموا برفع العلم الصهيوني فلم يسكت المسلمون على هذا الاعتداء وصفد، وقد أدت هذه الحوادث إلى وقوع أكثر من 133 يهودياً. وعدد كبير من الجرحى. كما سقط العديد من الشهداء العرب نتيجة هذه الصدامات.

وبسب تفاقم الوضع في فلسطين اضطرت بريطانيا من أجل تهدئة نفوس العرب إلى إصدار الكتاب الأبيض في تشرين الأول 1930م. الذي نص على أن بريطانيا ستراعي في تحديد الهجرة اليهودية قابلية البلاد للاستيعاب كما ستراقب عملية انتقال الأراضي من العرب إلى اليهود، وتشكل مجلساً تشريعياً في البلاد، إلا أن بريطانيا تراجعت عن كتابها الأبيض بضغط من اليهود فأصدرت بياناً تركت فيه باب الهجرة مفتوحاً، أطلق العرب عليه «الكتاب الأسود».

الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ـ 1939 م):
 

هذه الثورة عبارة عن سلسلة من الأعمال المسلحة وإضرابات عامة ومظاهرات شعبية واصطدامات محلية، ونضال سياسي شديد، ومقاومة جدية وفعلية لباعة الأراضي الفلسطينية وسماسرتها لليهود، وقد أخذت هذه الثورة طابعاً شعبياً وقومياً مشتركاً. اشترك فيها الشعب الفلسطيني بكل فئاته وتوحد الصف الداخلي تحت قيادة واحدة هي «اللجنة العربية العليا» وانتظم فيها المتطوعون العرب من جميع الدول العربية أشعلها المجاهد عز الدين القسام وأكملها أيضاً الضابط فوزي الفاوقجي الذي قاد جموع المتطوعين العرب. وعملت هذه الثورة على اغتيال باعة وسماسرة وجواسيس. وقد اشتعلت هذه الثورة اثر اكتشاف العرب شحنات كبيرة من الأسلحة في براميل الاسمنت الآتية لليهود من أوروبا، فأخذ الثوار العرب يهاجمون الثكنات والمنشآت البريطانية والمستعمرات اليهودية، وكبدوا قوات الانتداب البريطاني واليهود خسائر كبيرة.

ولم تهدأ الثورة على الرغم من استقدام بريطانيا قوات إضافية من الخارج واستخدامها للدبابات والطائرات في قصف مواقع الثوار، إلا أن توسط بريطانيا لدى الزعماء والملوك العرب (الملك عبد العزيز بن سعود والملك غازي (العراق) والأمير عبد الله (الأردن) في تشرين الأول 1936 أدى إلى توقف أعمال العنف وتعهد بريطانيا بإيجاد حل عادل.

أوقف الثوار عملياتهم بناءً على نداءات الملوك والزعماء العرب ووعد بريطانيا التي أوفدت لجنة تحقيق برئاسة «اللورد بيل» للتحقيق في أسباب الأضطرابات وكيفية تنفيذ صك الانتداب وبعد عدة لقاءات عقدتها اللجنة مع عدد من اليهود والعرب اقترحت هذه الأخيرة بضرورة الإضراب إقامة دولة يهودية وأخرى عربية تتحد مع شرقي الأردن كما طالبت باحتفاظ بريطانيا بالأماكن المقدسة.

ما إن وصلت أخبار التقسيم إلى الشعب الفلسطيني حتى تجددت الاضطرابات من جديد واتخذت طابعاً أكثر عنفاً وأبعد عمقاً من ثورة 1936 على الرغم من أن القيادة الأساسية لهذه الثورة كانت من أبناء الريف، ذلك أن الحاج أمين الحسيني اضطر إلى مغادرة فلسطين باتجاه العراق، وكذلك خرج معه العديد من القادة الوطنيين.

استخدمت بريطانيا في سبيل إيقاف هذه الثورة مختلف الأساليب البشعة كالقصف بالطائرات الحربية، وترويع السكان وفرض الغرامات النقدية عليهم وتهديم بيوتهم، ثم استقدمت قوات عسكرية إضافية وعينت الجنرال هانيغ قائداً للقوات العسكرية. وقد تمكن هذا الضابط في مطلع عام 1939 من إلحاق خسائر كبيرة بالثوار ومحاصرتهم في الريف، إلا أنها لجأت ومن جديد لمناصريها من الحكام العرب (خاصة وأنها كانت مسيطرة عملياً على الأردن والعراق ومصر، ويساندها الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان. والصهيونية في فلسطين ونفوذها في العالم). لعقد مؤتمر في لندن حول المشكلة الفلسطينية.

وفي 7 شباط 1939 افتتح رئيس الوزراء البريطاني نفيل تشمبرلين المؤتمر بحضور الوفد البريطاني برئاسة مالكوم ماكدونالد والوفود العربية وكان الوفد الفلسطيني برئاسة جمال الحسيني أما الوفد الإسرائيلي فقد اختلف موقفهم مع موقف البريطانيين فانسحبوا من المؤتمر، واستمر العرب في مفاوضاتهم، وتوصلوا بالنهاية إلى بيان ختامي ينص على عدم شرعية وعد بلفور إضافة إلى تنظيم العديد من الأمور الأخرى كالهجرة اليهودية وبيع الأراضي ولكن الحكومة البريطانية تذرعت بالخلافات المحدودة نسبياً هادفة إلى إنهاء أعمال المؤتمر. والانفراد تالياً برسم سياستها الخاصة بالوضع في فلسطين وفقاً لمصالحها المرتبطة مع الصهيونية العالمية.

تطور القضية الفلسطينية بعد الحرب العالمية الثانية:

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، برزت الولايات المتحدة كقوة عسكرية عظمى في العالم خاصة بعد أن انهكت الحرب مختلف دول أوروبا بالأخص إنكلترا وفرنسا، فكثفت الحركة الصهيونية نشاطها في الولايات المتحدة. وقد أثمرت هذه النشاطات عندما طلب الرئيس الأمريكي ترومان في 31 آب 1945 من رئيس الوزراء البريطاني السماح بإدخال 100 ألف يهودي إلى فلسطين. وكانت بريطانيا تطمع بزيادة المساعدات إليها من الولايات المتحدة، فلم تكن تريد رفض طلبها، ولكن للتخفيف قليلاً عن العرب طلبت إرسال لجنة انكليزية أمريكية مشتركة للتحقيق في مشاكل مراقبة على هجرة اليهود إلى فلسطين.

وبالفعل، بدأت هذه اللجنة أعمالها في 4 كانون الثاني 1946 في واشنطن ثم انتقلت إلى لندن ثم شكلت عدة لجان للإطلاع على أحوال اليهود في أوروبا كذلك انتقلت اللجنة في 28 شباط 1946 إلى القاهرة حيث التقت بأمين عام جامعة الدول العربية عبد الله عزام، ثم زارت كلاً من فلسطين ولبنان وسوريا والعراق والسعودية وشرقي الأردن للاستماع إلى القادة العرب.

وبعد كل هذه اللقاءات جاء تقرير هذه اللجنة متعاطفاً مع اليهود ويسمح بإدخال 100 ألف يهودي إلى فلسطين، كما طالب التقرير بإلغاء القوانين الصادرة عن سلطات الانتداب عام 1940 والتي تمنع انتقال ملكية الأراضي من العرب إلى اليهود.

ردة الفعل العربي:

كان رد الفعل العربي على تقرير لجنة التحقيق الانكلو أمريكية عنيفاً. فأعلن الإضراب العام في فلسطين (3 أيار 1946) وعمت التظاهرات والإضرابات سورية ولبنان والأردن والعراق. واقترح أمين عام جامعة الدول العربية لقاء قمة عربية وكانت أول قمة لزعماء العرب عقدت في أنشاص قرب القاهرة يومي 27 و28 أيار 1946 وأصدروا البيان التالي:

 رفض تقرير اللجنة الانكلوـ أمريكية المشتركة.
ـ التمسك باستقلال فلسطين وصيانة عروبتها.

ثم دعي مجلس الجامعة العربية لعقد دورة استثنائية وتقرر عقدها في بلودان في 8 حزيران 1946 على مستوى رؤساء الحكومات وزراء الخارجية والدفاع لإسباغ مظهر القوة على هذا المؤتمر. وكان من أهم الشخصيات التي حضرت الاجتماع، حمدي الباجة جي (العراق) سعد الله الجابري وفارس الخوري ولطفي الحفار وجميل مردم بك (سورية). صائب سلام وحبيب أبو شهلا (لبنان) وجمال الحسيني (فلسطين). وقد شدد المجتمعون على رفض مقررات اللجنة الانكلو ـ أمريكية.

فدعت الحكومة البريطانية إلى مؤتمر يعقد في لندن من جديد لبحث المشكلة الفلسطينية. إلا أن وجهة نظر الدول العربية المساندة لفلسطين لم تلتقِ أبداً مع وجهة النظر الصهيونية وهذا ما دعا إلى عرض القضية على الأمم المتحدة التي قررت تأليف لجنة خاصة من الأمم المتحدة بشأن فلسطين. وقد توصلت هذه اللجنة بعد أخذ ورد طويلين تقسيم دولة فلسطين إلى دولة عربية ودولة يهودية ومنطقة دولية تشمل الأماكن المقدسة والقدس، على أن تمنح الدولتان العربية واليهودية استقلالهما بعد فترة انتقالية مدتها عامين توضعان فيها تحت وصاية الأمم المتحدة.

عرض مشروع التقسيم الذي أوصت به اللجنة على هيئة الأمم المتحدة وفاز رغم معارضة العرب له في 29 تشرين الثاني عام 1947م.

وفي وقت كانت الجمعية العمومية تتجه لإقرار التقسيم، كانت جامعة الدول العربية تعقد اجتماعاً لها في صور (لبنان) في 16 أيلول 1947 قررت فيه تقديم كل إمكانيات الدعم لأهل فلسطين. ثم قررت في اجتماع آخر عقد في عالية (لبنان) 15 تشرين الأول 1947 تقديم ما لا يقل عن عشرة آلاف بندقية مع ذخائرها لأهالي فلسطين.

وتأليف لجنة عسكرية لإعداد الدفاع عن عروبة فلسطين ووحدتها. وبعد إقرار التقسيم دعت الجامعة العربية بعد اجتماع رؤساء الوزراء العرب فيها في القاهرة في 8 كانون الأول 1947 إلى عدم الاعتراف بقرار الأمم المتحدة ورفض تقسيم فلسطين واتخاذ كافة التدابير اللازمة لاحباط مشروع التقسيم وخوض المعركة لأجل ذلك. كما أعلنوا المقاطعة الاقتصادية لليهود، وأسسوا مكاتب عربية للدعاية في أوروبا وأمريكا الشرح القضية الفلسطينية.

استعد اليهود استعداداً كبيراً انتظاراً للحظة جلاء الانكليز عن فلسطين، مستفيدين من العتاد والأسلحة التي تركوها لهم، وشكلوا عصابات إرهابية استولت على المواقع المهمة. وبدؤوا بمهاجمة القرى العربية مرتكبين أفظع المجازر مثل مذبحة ديرياسين ومذبحة بيت الخوري، لإرهاب العرب وإجبارهم على الخروج من ديارهم.

وأما العرب فقد تطوع شبابهم من جميع الدول العربية للدفاع عن فلسطين وشكلوا «جيش الانقاذ» للمشاركة في الحرب.

حرب فلسطين «النكبة 1948»:

أعلن دايفيد بن غوريون عند خروج البريطانيين في 15 أيار 1948 م قيام دولة إسرائيل. وشكل حكومة مؤقتة لها. وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاعتراف فيها بعد 11 دقيقة من اعلانها. وتلاها الاتحاد السوفياتي، ثم توالت بقية الاعترافات من باقي الدول المؤيدة للصهيونية.

وإزاء هذا الوضع تكررت الاعتداءات الصهيونية على القرى العربية عقب انسحاب القوات البريطانية لم يعد أمام الدول العربية إلا التصدي والتدخل العسكري.

وفي 15 أيار 1948 دخلت القوات المصرية (5 آلاف جندي) والاردنية (4550 جندي) والعراقية (2500 جندي) والسورية (1876 جندي) ولبنانية (1000 جندي) وكانت هذه القوات تحت قيادة الملك عبد الله الذي أصر علىتسلم القيادة. وكانت درجة استعداد القوات العربية ضعيفة، وكذلك التنسيق والتعاون بينها. ورغم كل ذلك، فقد حققت الجيوش العربية نصراً سريعاً، وتمكنت هذه الجيوش من الوصول إلى ضواحي تل أبيب، كما دخلوا القدس.وجاءت الهدنة الأولى (11 حزيران 1948) لتتغير الأوضاع بعد ذلك.

الهدنة الأولى 11 حزيران 1948 م:

استنجدت القيادة الإسرائيلية بالولايات المتحدة وبريطانيا، ففرضتا على العرب الهدنة في 11 حزيران فاستغل الصهاينة فترة الهدنة وحصلوا على أسلحة متطورة كالطائرات والدبابات والمدرعات الثقيلة، بينما كان العرب ينتظرون انتهاء مبادرة الكونت برنادوت الذي سقط قبيل انتهاء الهدنة بالرصاص الإسرائيلي.

وفي صبيحة 8 تموز 1948 عادت المعارك من جديد، وحميت خاصة في القدس وتمكن الإسرائيليون من توسيع سيطرتهم على بعض الجبهات، في حين فشلوا في بعضها الآخر. وعاد مجلس الأمن للمرة الثانية وأصدر القرار الثاني بالهدنة في 15 تموز وقد بُدىء بتطبيقها في 18 تموز بعد أن تمكنت إسرائيل خلال عشرة أيام من احتلال مساحات أخرى من الأرض ومن تحسين مواقعها.

ومع عودة القتال على نطاق واسع ونجاح القوات الصهيونية من بلوغ خط التقسيم تراجعت الجيوش العربية عن مواقعها وسلم الجيش الأردني اللد والرملة دون قتال واضطر الجيش المصري إلى الانسحاب بسبب فساد الأسلحة، وجمد الجيش العراقي مكانه بحجة عدم وصول أوامر التحرك إليه.

وهكذا توقفت الحرب بعد أن أخذت إسرائيل الجليل والنقب ووصلوا إلى خليج العقبة ولم يبق من فلسطين إلا قطاع غزة الذي وضع تحت الادارة المصرية، والضفة الغربية التي ألحقت بالأردن، والقدس التي قسمت بين الأردن وإسرائيل. وأجبرت الدول العربية على توقيع معاهدات هدنة منفردة مع إسرائيل.

ضم الضفة الغربية إلى شرقي الأردن 1948 ـ 1967 م:

عمل الأردن على ضم الضفة الغربية لأراضيه، فأقيمت المؤتمرات التي كان يحضرها وفود شعبية فلسطينية تفوض الملك عبد الله مهمة تحرير فلسطين، كما عمل الأردن على حبس بعض المناضلين الفسطينيين الذين كانوا يتزعمون العمل الوطني الفلسطيني أمثال: جمال الحسيني، وأهم هذه المؤتمرات مؤتمر عمان في تشرين الأول 1948 ومؤتمر أريحا كانون الأول 1948 ومؤتمر رام الله ونابلس وقد عملت الحكومة الأردنية في نهاية هذه المؤتمرات على اتخاذ إجراءات ترمي إلى توحيد الضفتين كإضافة وزارة جديدة إلى حكومة أبو الهدى وهي وزارة اللاجئين وعين فلسطينياً وزيراً لها. كما منح الفلسطينيون جوازات سفر أردنية وحل البرلمان، وأقيمت انتخابات جديدة عام 1950 للبرلمان الموحد.

أما في قطاع غزة فقد اختلف الوضع، فالسلطات المصرية قامت بإدارة القطاع إدارة مدنية بمسؤولين عسكريين في أكثر الأحيان، وأعادت الدوائر الحكومية التي كانت قائمة في عهد الانتداب وعينت المجلس الإسلامي الأعلى للمنطقة. وفي عام 1954 أعلن الرئيس محمد نجيب عن تعيين حاكم عام لقطاع غزة.

وفي 5 أذار 1962 أعلن الرئيس عبد الناصر النظام الدستوري لقطاع غزة، ومن أهم بنوده: «إن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض فلسطين، وإن شعبها جزء من الأمة العربية...».

وبعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية، فإن الإدارة المصرية وضعت جميع الامكانيات المصرية في خدمتها حتى أصبح القطاع في فترة وجيزة قاعدة شعبية عريضة للمنظمة بوجود «جيش التحرير الفلسطيني».

وقد ظل الوضع على ما هو عليه حتى نكسة حزيران 1967 واحتلال إسرائيل للقطاع.

المقاومة الفلسطينية (1955 ـ .... م):

لقد كان لبداية العمل الفدائي الفلسطيني جذور تمتد إلى عام 1948، إذ ساد الاعتقاد بأن كل تأخير في مكافحة الصهاينة يخدم كيانهم، ويسهم في تثبيت وجودهم الاستيطاني وبعد نكبة 48، كانت هذه الأعمال الفدائية تتجلى في عبور المواطنين الفلسطينيين الذين طردوا من منازلهم إلى المناطق المحتلة لقتل من احتل البيت، أو لاسترجاع ماشيتهم... ثم بدأت هذه الأعمال تنظم أكثر فأكثر، فعينت القيادة المصرية المقدم مصطفى حافظ مسؤولاً وموجهاً لنشاطات الفدائيين في غزة. فنظم صفوف الفدائيين، حتى بلغوا حوالي ألف وخمسمائة فدائي، وقد كانت العمليات الفدائية تصل إلى عمق 65 كلم داخل الأراضي المحتلة، وعلى مساحة قدرها 300 كلم2.

وقد اعترفت إسرائيل بوقوع 180 عملية هجوم خلال 3 أشهر ممتدة من 5 كانون الأول 1955 حتى مطلع أذار 1956م.

وعندما بدأ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 كان أول ما عملته القوات الإسرائيلية بعد دخولها قطاع غزة العمليات الانتقامية التي ذهب ضحيتها عدد من الفدائيين الفلسطينيين.

حرب 1967. النكسة:

قامت في هذه الحرب القوات الإسرائيلية بالهجوم صبيحة يوم الخامس من حزيران 1967 على القوات العربية المصرية والسورية والأردنية، التي كان غائباً عنها وحده التنسيق والقيادة السياسية والعسكرية الواحدة.

وقد جاءت هذه الحرب بعد تنامي القوة العسكرية العربية، لا سيما في مصر وسوريا إضافة إلى تنامي المد القومي العربي الذي قاده جمال عبد الناصر، وظهرت نتائجه في ثورة 14 تموز 1958 في العراق، وفي انتصار الثورة الجزائرية 1962، وفي نشوء منظمة التحرير الفلسطينية 1964 وتعاظم قوة الثورة الفلسطينية.

يذكر أن المنظمة قد قامت في مرحلة ما قبل الحرب بـحوالي 113 عملية هجومية ضد القوات الإسرائيلية.

أضف إلى كل ذلك، مطامع اليهود الاستعمارية في الأراضي العربية المنزوعة السلاح وكذلك مطامعهم في منابع المياه العربية، إن في روافد نهرالأردن، أو في ينابيع هضبة الجولان السورية.

وقد حققت إسرائيل أهدافها العسكرية من الحرب، وكان من أبرز ما حققته السيطرة على مساحات كبيرة من الأرض العربية، تزيد كثيراً على ما سبق لها واحتلته في حرب 48، إذ كانت مساحة «دولة إسرائيل المعلنة» في أيار 1948 تقدر بـ20700كم2. فضمت إليها سيناء 61198كم2، قطاع غزة 363كم2، الضفة الغرببية 5878كم2، والجولان 1150كم2. وبذلك أصبح مجموع الأراضي 89,359كم2.

هذه الحرب، أعادت القضية الفلسطينية بقوة إلى الأمم المتحدة التي أصدرت بياناً رقم 242 في 22 تشرين الثاني 1967 تضمن التأكيد على:

ـ انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير.
ـ تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.

وقد رفضت إسرائيل قرارات منظمة الأمم المتحدة، وبذلك بدأت رحلة جديدة تميزت باتساع إطارالثورة الفلسطينية، وتزايد ساحات المعارك للمقاومة الفلسطينية.

منظمة التحرير الفلسطينية:

جاءت ولادة هذه المنظمة في المؤتمر الفلسطيني الأول الذي انعقد في القدس في 28 أيار 1964، وشهدته عدة وفود عربية، وافتتحه الملك حسين بن طلال، وأهم قرارات هذا المؤتمر إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية. وتم انتخاب السيد أحمد الشقيري رئيساً للجنة التنفيذية.

وقد عملت هذه المنظمة على افتتاح مكاتب لها في العواصم العربية وبعض بلدان أوروبا وأفريقيا وآسيا والولايات المتحدة، وتأسيس مكتب دائم لها في الأمم المتحدة.

وقد واجهت المنظمة في دورتيها الثانية والثالثة صعوبات كبيرة خاصة من ناحية الأردن الذي اعترض على مبدأ التسليح والتجنيد والجباية، فتم نقل مركز اللجنة المركزية من عمان إلى القاهرة. وبعد نكسة 1967، نشط العمل الفدائي، والتفت حوله جماهير فلسطين والدول العربية وسار شعور بضرورة إعادة النظر في بناء المنظمة، فقدم الشقيري استقالته واختير يحيى حمودة ليكون رئيساً بالوكالة.

وفي اجتماع الدورة الرابعة للمجلس الوطني 1968 صححت عدة مفاهيم في الميثاق وحددت الأهداف الرئيسية والتي تتمثل بعدم الاعتراف بوجود إسرائيل، ورفض مقررات الأمم المتحدة القاضية بتقسيم فلسطين وآخرها رقم 242.

وفي الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد عام 1969 في القاهرة (وقد تألف هذا المجلس من: حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) طلائع حرب التحرير الشعبية (الصاعقة وبعض الشخصيات المهمة واعتذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. انتُخبت اللجنة التنفيذية الجديدة التي بدورها انتخبت ياسر عرفات «أبو عمار» رئيساً لها. بعد هذه الدورة، عاشت الساحة الفلسطينية أحداثاً مهمة أهمها:

 صدامات لبنانية فلسطينية تم بعدها توقيع «اتفاقية القاهرة» في 2 تشرين الثاني 1969 التي نظمت العلاقة بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير، وكانت أول اتفاقية تعقد بين حكومة عربية والمنظمة.

ـ انضمام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة جورج حبش، والجبهة الشعبية القيادة العامة. إلى عضوية المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، وأصبحت المنظمة تضم فصائل المقاومة الأساسية.

ـ معارك دامية بين الفلسطينيين (المنظمة) والجيش الأردني (أيلول الأسود 1970)، توقفت مع عقد مؤتمر قمة عربي استثنائي في القاهرة (26 ـ 27 أيلول 1970) توصل لتوقيع اتقاقيتي القاهرة وعمان لتنظيم العلاقة بين الطرفين.

إلا أن النزاع تجدد خلال الدورة التاسعة للمجلس الوطني في تموز 1971 وانتهى بخروج المقاومة الفلسطينية من الأردن إلى لبنان.

حرب 1973 والجانب الفلسطيني:

ازدادت أعمال المقاومة الفلسطينية المسلحة، التي كانت ترد عليها إسرائيل بغارات جوية على قواعد الفدائيين في سوريا والأردن.

وكانت عمليات المقاومة كبيرة ونوعية استطاعت في بعضها تحرير بعض المرتفعات في فلسطين المحتلة. وفي الأيام الأولى لاندلاع الحرب في 6 تشرين الأول، كانت القوات الفلسطينية تشارك على الجبهتين السورية والمصرية، إضافة إلى عمليات فدائية خارجية كانت قامت بها المقاومة قبيل بدء الحرب كان أهمها عملية ميونيخ في ألمانيا في 5 أيلول 1972، وقد أسفرت هذه العملية عن مقتل عدد من الرياضيين الإسرائيليين إلى جانب خمسة من الفدائيين.

جميع هذه العمليات والتحركات، كانت تعيد القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، وتُظهر إسرائيل والصهيونية بأنها شكل من أشكال العنصرية، مما أعطى منظمة التحرير صفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ثم جاءت الدعوة التي وجهتها الأمم المتحدة إلى منظمة التحرير للاشتراك في الدورة 29 بمثابة نصراً للمنظمة التي أصبحت أول حركة تحرير وطنية تشارك في أعمال الأمم المتحدة. وكانت هذه الدعوة نتيجة عدة أسباب أهمها:

ـ قرار القمة العربية السابقة في الرباط 1972 بمبايعة منظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.

ـ قرارات حركة عدم الانحياز «ومنظمة المؤتمر الإسلامي» بالاعتراف بمنظمة التحرير ومنحها العضوية الكاملة فيهما.

ـ ازدياد الدول التي اعترفت بالمنظمة بشكل رسمي.

ـ نتائج حرب 6 تشرين الأول 1973.

وفي 13 تشرين الثاني 1974 ألقى ياسر عرفات من على منبر الجمعية العامة في نيويورك خطاباً وجهه إلى وفود دول العالم المشتركة في الدورة 29 للجمعية التي كان يرأسها عبد العزيز بوتفليقة وزير خارجية الجزائر آنذاك (وأصبح رئيساً عقب انتخابات نيسان 1999 في الجزائر) واستقبل عرفات في الأمم المتحدة وفق المراسم التي يستقبل بها رؤساء وملوك الدول.

التخاذل العربي والدولي إزاء القضية:
 

 استمرت إسرائيل بعد حرب 1973 في سياستها الاستيطانية والتوسعية على حساب العرب، فكانت تقوم على مصادرة الأراضي العربية من أصحابها وتبني عليها المستوطنات لتستوعب اليهود القادمين من شتى أنحاء العالم. إلا أن الشعب الفلسطيني لم يهدأ ولم يستكين في الداخل، فقام بانتفاضة 30 أذار 1976 والتي تمثلت بإضراب شامل ومظاهرات شعبية في كافة القرى والمدن الفلسطينية احتجاجاً على التصرفات الإسرائيلية ضدهم. وقد سمي هذا اليوم بـ«يوم الأرض» الذي أصبح ذكرى سنوية دائمة حتى الوقت الحاضر. لكن في أعقاب هذه الانتفاضة بدأت سلسلة التخاذل العربي بدءاً بمؤتمر جنيف الدولي بمشاركة أمريكية وسوفياتية وبحضور إسرائيل ومصر والأردن وغياب سوريا ولبنان، ومنظمة التحرير التي لم تدع أصلاً، فكان ذلك كافياً لفشل هذا المؤتمر وكانت الاتصالات السرية تنشط بشكل مكثف وخاصة بين أميركا وإسرائيل ومصر والذي كان يتجه نحو تسويات ثنائية جزئية ضعيفة بين إسرائيل والدول العربية وكان أولها مع مصر، حيث توصلا إلى توقيع اتفاقية كامب دايفيد في 26 أذار 1979 بين أنور السادات ومناحيم بيغين وبرعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. الأمرالذي أدى إلى زيادة الخلافات العربية والتي قطفت إسرائيل ثمارها خاصة على الساحة اللبنانية والفلسطينية، فقامت باجتياح بيروت في حزيران 1982 وأخرجت المقاومة الفلسطينية منها باتجاه تونس والجزائر. وزاد من هذا التراجع والإحباط انشغال العالم بحرب كبيرة بين دولة عربية كبيرة بقوتها العسكرية وموقعها الصامد (العراق) وبين دولة إسلامية مشهود لها بالتزامها بالقضية الفلسطينية (إيران)، وقد جاء تقاتل هذين البلدين بمثابة ضربة موجعة جداً للقضية الفلسطينية. أضف إلى ذلك وبعد خمس سنوات بداية تحييد قوة عالمية صديقة وداعمة للقضية الفلسطينية والقضايا العربية ألا وهو الاتحاد السوفياتي.

ثورة الحجارة الانتفاضة (1987 ـ 1994 م):

في إطار هذه الظروف العربية غير الداعمة، والدولية المتناحرة، وحتى الداخلية الفلسطينية (خلافات متعددة بين الفصائل الفلسطينية) اندلعت انتفاضة أطفال الحجارة في الأراضي المحتلة وذلك في كانون الأول 1987م. ويمكننا أن نذكر هنا بعض أهم العوامل التي أدت إلى الانتفاضة:

1 ـ الإحباط الشديد لدى فلسطينيين الداخل عندما رأوا التخلي عن قضيتهم من قبل المجتمع العربي والمجتمع الدولي.

2 ـ ممارسات الاحتلال الإسرائيلي إزاء سكان الضفة على وجه الخصوص (تمييز، حرمان، مضايقات، ملاحقات....).

3 ـ ازدياد عدد المستعمرات والمستوطنات اليهودية في الصفة، ومصادرة الأراضي العربية.

4 ـ الوضع المزري لأهالي وسكان المخيمات في قطاع غزة الذين تضاعف عددهم في نفس المكان الذي كانوا عليه من قبل.

جميع هذه العوامل والأسباب مجتمعة أدت إلى اندلاع الانتفاضة من غزة ومن مخيم جباليا بالتحديد في 9 كانون الأول 1987 حيث دهست شاحنة إسرائيلية مجموعة من الشبان الفلسطينيين، ومنذ ذلك الوقت انفجرت غزة بالمظاهرات وحالات الغضب ضد الجنود الإسرائيليين وسرعان ما عم الغضب مختلف المناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، واكتملت الانتفاضة عندما أعلن فلسطينيو عام 48 مشاركة إخوانهم الفلسطينيين بانتفاضتهم فأعلنوا الإضراب العام والشامل في 21 كانون الأول 1987 ورفعت شعارات واحدة موحدة على كل الأراضي الفلسطينية المحتلة ونظمت المسيرات والمظاهرات في مختلف المناطق.

وقد كان تعامل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع هذه الانتفاضة بمنتهى القسوة والوحشية، ولم يسلم منهم لا الصغار ولا الكبار، وقد شاهد العالم بعض مظاهر الوحشية لدي اليهود، عندما نقلت شبكة CNN الأمريكية لقطات لرجال في الجيش الإسرائيلي وهم يجتمعون حول طفلين فلسطينيين ويكسرون أيديهم وأرجلهم بواسطة الحجارة الكبيرة.

وفي خضم الانتفاضة. وقعت حادثة الاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى في مدينة القدس في 8 تشرين الأول 1990 والتي أدت إلى سقوط 22 قتيلاً ومئات الجرحى من المصلين وبقيت أثار المجزرة على حيطان المسجد شاهدة على وحشية اليهود.

وقد أدان العالم هذه المجزرة، كذلك قرر مجلس الأمن الدولي إرسال بعثة دولية إلى فلسطين إلا أن إسرائيل رفضت هذا القرار جملة وتفصيلاً بكل وقاحة، وضربت به عرض الحائط، ولم يحرك المجتمع الدولي ساكناً، ورفضت السماح لأي بعثة دولية بدخول الأراضي الفلسطينية.

وقد استمرت وتيرة الانتفاضة الفلسطينية على ما هي عليه من الشدة، وقد ظهر طرف آخر جديد في حركة الانتفاضة إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية ألا وهي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي كان لها دور كبير أيضاً في عمليات الانتفاضة إلى جانب القيام بعمليات فدائية ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي. وقد رفضت حركة «حماس» إعلان الدولة المستقلة الصادر عن المجلس الوطني في دورته الطارئة في الجزائر في 15 تشرين الثاني 1988، الأمرالذي أدى إلى وقوع بعض الصدامات بين الفريقين حاول الإسرائيليون إذكاء نارها، إلا أن الطرفان توصلا إلى حل يوحد عملهما ويوقف هذه الصدامات.

مؤتمر مدريد وبدء مفاوضات السلام 30 تشرين الأول 1991:

قبل العمل على مؤتمر مدريد، كان هناك العديد من المبادرات لوضع حد للنزاع الحاصل في المنطقة، ولحل سلمي للقضية الفلسطينية، وكان سبق ذلك أيضاً بدء الحوار بين الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمة التحرير الفلسطينية في 16 كانون الأول 1988 في تونس وبعد عدة زيارات قام بها وزير الخارجية الأمريكية جايمس بايكر إلى دول المنطقة (مصر، سوريا، الأردن، لبنان، إسرائيل) استطاع اقناع الجميع بضرورة التفاوض المباشر لايجاد حل سلمي للنزاع العربي الإسرائيلي.

وفعلاً عقد المؤتمر في مدريد في 30 تشرين الأول وأول تشرين الثاني 1991 وبحضور جميع المدعوين وبرعاية مشتركة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. وتمثل الحضور في: رئيس الوزراء الاسباني فيليب غونزاليس، والرئيس الأمريكي جورج بوش، والرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف (آخر رئيس للاتحاد السوفياتي). وممثل المجموعة الأوروبية وزير الخارجية الهولندي هانس فان دن بروك، ووزير الخارجية المصري عمرو موسى، ورئيس الحكومة الإسرائيلية اسحق شامير، ووزير الخارجية الأردني رئيس الوفد الأردني الفلسطيني المشترك كامل أبو جابر، ورئيس الوفد الفلسطيني حيدر عبد الشافي ووزير الخارجية اللبناني فارس بويز، ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع. كما حضر في هذا المؤتمر وفد عن مجلس التعاون الخليجي، ووفد عن دول الاتحاد المغاربي. وبعد افتتاح المؤتمر كانت الكلمات لرؤساء الوفود، وبعد ذلك جرت ثماني جولات من المباحثات الثنائية، وكانتالبداية في مدريد، ثم انتقلت الوفود المتفاوضة إلى واشنطن حيث استكملت باقي الجولات.

وفي 16 كانون الأول 1992 أبعدت إسرائيل إلى جنوب لبنان 400 فلسطيني رافضة إرجاعهم إلى فلسطين، وقد رفض لبنان استقبال المبعدين، فبقي هؤلاء المبعدين بين البلدين مقيمين في خيم قدمتها لهم قوات الطوارىء. وكانت عملية الإبعاد هذه سبباً في توقف عملية المفاوضات في واشنطن لمدة أربعة أشهر.

وفي 6 أيار 1993 عاد الفلسطينيون لإجراء الجولة التاسعة من المفاوضات في واشنطن ثم عقدت الجولة العاشرة في 3 تموز 1993. وانتهت بتسليم وثيقة فلسطينية إلى وزير الخارجية الأمريكية توضح الحل الأقرب لبداية فك النزاع.

اتفاقية أوسلو ـ غزة ـ أريحا أولاً 13 أيلول 1993:
 

برعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، عقد في واشنطن حفل توقيع اتفاقية أوسلو بين اسحق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية معلنين بذلك فتح صفحة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط عندما تُصافح الرجلان أمام وكالات الأنباء العالمية.

ويمكن إيجاز أهم النقاط التي تم الاتفاق عليها بما يلي:
ـ وجود سلطة حكم ذاتي للفلسطينيين في منطقتي غزة وأريحا.
ـ تبدأ إسرائيل بسحب قواتها من قطاع غزة وأريحا في 13 كانون الأول 1993

ـ انتخابات مباشرة لتشكيل مجلس فلسطيني يحكم غزة وأريحا لمدة خمس سنوات وستنسحب القوات الإسرائيلية من كل المناطق المأهولة في الضفة الغربية خلال عامين.

ـ إثر مرور ثلاث سنوات على انتخاب المجلس الذي تطول فترته خمس سنوات ستبدأ مفاوضات لتحديد الوضع النهائي للضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة.

قامت في وجه هذا الاتفاق عاصفة من الاجتماعات والاعتراضات في صفوف الفلسطينيين الذي رأوا أن الاتفاق ترك موضوعات كثيرة بلا حل؟ مثل: القدس واللاجئين وحق العودة، والمستوطنات، والترتيبات الأمنية، والحدود، والعلاقات والتعاون مع الجيران والأهم في كل ذلك قيام الدولة الفلسطينية وحق اللاجئين بالعودة إلى بلدهم فلسطين.

وبالمقابل، فإن فلسطينيون آخرون، ومع اعترافهم بنواقص الإعلان إلا أنهم وجدوا فيه إنجازات يحققها الفلسطينيون للمرة الأولى. (كاعتراف حكومة إسرائيل بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وبمطالبه العادلة).

وفي 9 أيار 1994 وقع ياسر عرفات ووزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز اتفاقاً ضُّم إلى اتفاق غزة -أريحا وتناول تحديد مساحة منطقة أريحا وبعض الترتيبات الإدارية والأمنية. كما تناول قطاع غزة من حيث المستوطنات والمنشآت العسكرية الإسرائيلية على طول حدود القطاع.

مجزرة الخليل 25 شباط 1994:

في الساعة الخامسة وعشر دقائق فجراً من يوم الجمعة الواقع في 25 شباط 1994، اقتحم باروخ غولد شتاين (طبيب يهودي أمريكي) قاعة المصلين المسلمين في الحرم الابراهيمي حيث كان نحو 800 مسلم يؤدون صلاة الفجر جماعة، وبدأ بإطلاق النار عليهم من سلاحه الناري، وقد حاول حارس المسجد الاستنجاد بالجنود الإسرائيليين إلا إنه لم يجد أحداً. وعندما كان غولد شتاين يحاول تغيير مخزن الذخيرة الخامس في بندقيته، ألقى عليه أحد المصلين قارورة الإطفاء، فيسقط على الأرض، فينهال عليه من لم يصب برصاصة من جمهور المصلين ويضربونه حتى الموت.

وفي النتيجة كان الحصيلة 53 قتيلاً مسلماً.

وعند انتشار الخبر، عمت مدينة الخليل بلبلة وفوضى عارمة، فخرجت المظاهرات وأقفلت الطرقات بالإطارات المشتعلة، واصطدم المتظاهرون بالجيش الإسرائيلي. وقد لقيت هذه المجزرة استنكاراً عالمياً.

وبعد هذه المذبحة واستجابة إلى حاجة الفلسطينيين الملحة للأمن، جرى توقيع اتفاق حول مدينة الخليل في 31 أذار 1994 بالقاهرة وذلك بإدخال قوات دولية إلى المدينة لتساهم في إرساء الاستقرار والأمن.

اتفاق القاهرة وتنفيذ الحكم الذاتي في غزة وأريحا (4 أيار 1994):

وقع هذا الاتفاق ياسر عرفات ورئيس الحكومة الإسرائيلية اسحق رابين بحضور الرئيس المصري حسني مبارك ووزير خارجية الولايات المتحدة وارن كريستوفر، ووزير خارجية روسيا أندريه كوزيريف. وقد نص الاتفاق على كيفية تطبيق اتفاق غزة أريحا. وعلى الصلاحيات المعطاة لسلطة الحكم الذاتي وإلى العديد من الأمور الأخرى التي تنظم العلاقة بين السلطة الفلسطينية، والقوات الإسرائيلية.

وفي 17 أيار 1994 أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة البلاغ رقم 4 أعلن فيه حل الادارة المدنية الإسرائيلية في غزة، ونقل صلاحياتها إلى السلطة الفلسطينية. في حين استمرت الادارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية (وهو انتهاك واضح لإعلان المبادىء).

وفي 29 أيار 1994 تشكلت السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب قرار من منظمة التحرير باعتبار السلطة امتداداً لها. وهذه السلطة هي سلطة مرحلة انتقالية لا تمارس مهامها إلا بعد إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية.

وفي الأول من تموز 1994 دخل ياسر عرفات مع عدد كبير من جماعته الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد غياب طويل، وقد استقبل استقبالاً جماهيرياً حاشداً.

تشكلت أول سلطة فلسطينية في الداخل برئاسة ياسر عرفات.وفي 22 كانون الأول 1995 عين محمود عباس (أبو مازن) رئيساً للجنة المختصة للتحضير والإشراف على الانتخابات المزمع إجراؤها في 20 كانون الثاني 1996. وقد حظي موضوع الانتخابات باهتمامات واسعة في أوساط الفلسطينيين في الداخل والخارج. كما أشرف على هذه الانتخابات مراقبون دوليون، وكانت نسبة المشاركين 88,01% وانتخب ياسر عرفات بنسبة كبيرة جداً. وبالرغم من مقاطعة حركة حماس لهذه الانتخابات إلا أن خمسة من أعضاءها قد فازوا وكان من أهم الفائزين أيضاً: أحمد قريع (أبو علاء)، حنان عشراوي، محمود عباس (أبو مازن)، صائب عريقات، غسان الشكعة، حيدر عبد الشافي، رياض الزعنون، نبيل شعث....) ثم منح المجلس التشريعي الفلسطيني الثقة للحكومة التي تألفت برئاسة ياسر عرفات وكانت إسرائيل منذ بدء المفاوضات تطالب بتعديل الميثاق الوطني لمنظمة التحرير وقد تعهد عرفات بإتمام هذا الأمر في عدة مناسبات، إلى أن جاءت الدورة رقم 21 للمجلس الوطني الفلسطيني والتي خصصت لموضوع التعديل في 24 نيسان 1996.

وقد تضمن قرار التعديل فقرتين: وذلك بإلغاء المواد التي تتعارض مع رسائل الاعتراف المتبادل. ويكلف لجنة قانونية لإعادة صياغة الميثاق على هذا الأساس. وقد لقي هذا التعديل معارضة شديدة من الداخل ومن الخارج.

انتفاضة أيلول 1996:
 

 مجزرة جديدة أيضاً، يرتكب الإسرائيليون مجزرة رهيبة بحق المسلمين المصلين في المسجد الأقصى في مدينة القدس ذهب ضحيتها قتلى وجرحى. وقد كانت ردة الفعل على حجم المأساة إذ أقدمت الجماهير الفلسطينية في مختلف المناطق المحتلة إلى التظاهر ومواجهة الجنود الإسرائيليين. إضافة إلى قيام حركة حماس بعمليات انتحارية كانت رداً على المجزرة، وانتقاماً لمقتل أحد أبطالها المهندس يحيى عياش.

وكانت الحكومة الإسرائيلية آنذاك برئاسة الليكودي المتعصب بنيامين نتنياهو الذي اتبع سياسة عنصرية متشددة واستيطانية توسعية على حساب مفاوضات الوضع النهائي التي توقفت.

وقد عملت الحكومة الإسرائيلية على إرهاق الفلسطينيين وسلطتهم وذلك عبر حصار شديد على جميع أراضي سلطة الحكم الذاتي، إضافة إلى القرى والمدن الفلسطينية التابعة للاحتلال بحجة ايقاف عملية التفجير. وقد أدى هذا الحصار إلى آثار سلبية اقتصادية كبيرة على الفلسطينيين (الفلاحين والعمال). إلا أن هذا الحصار أظهر حقيقة مهمة كانت غائبة وهي السيطرة المطلقة للإسرائيليين على الفلسطينيين الضعفاء في مختلف المجالات، وخاصة الاقتصادية، إلا أن الأمر لم يبق على ما هو عليه.

إذ في 25 أيلول 1996 انتفض الفلسطينيون من جديد (وكأنها انتفاضة جديدة) واستطاعوا بأعمالهم البطولية الجريئة، إخراج القوى الفلسطينية بما فيها سلطة الحكم الذاتي من مأزق كبير، كانت إسرائيل تسعى لإيقاعهم به. فأذعنت إسرائيل للضغط الشعبي الهائل ورفعت حصارها عن الشعب الفلسطيني.

إلا أن سياسة نتنياهو الاستيطانية بقيت على ما هي عليه، الأمر الذي أدى إلى تأزم العلاقات مع الجانب الفلسطيني، وقد عمل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ما بوسعه حتى يجمع الطرفين على إعادة المفاوضات المتوقفة عقب العملية الاستشهادية في القدس في 30 تموز 1997 وفد توصل إلى ذلك في 6 تشرين أول 1997، إلا أن الخلافات كانت جذرية خاصة حول الانسحابات الإسرائيلية التي كانت تماطل بها حكومة نتنياهو وبعد عدة وساطات أمريكية، استطاعت الدبلوماسية الأمريكية أن تجمع عرفات بنتنياهو في واي ريفر/واشنطن/ بحضور ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال في 23 تشرين الأول 1998 وهو يتضمن الخطوات الهادفة إلى تسهيل تنفيذ الاتفاق الانتقالي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة والاتفاقات المتصلة به.

إلا أن هذا العام لم ينته إلا وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أوقفت هذا الاتفاق وجمدت تنفيذه تماماً.

أزمة إعلان الدولة الفلسطينية في 4 أيار 1999:
 

 في خضم العلاقات المحمومة بين الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني، كان أبو عمار يفتتح مطار غزة الدولي الذي اعتبر رمزاً جديداً للسيادة الفلسطينية وباكورة التحضيرات لإعلان دولة فلسطين وعاصمتها القدس وذلك في 4 أيار 1999م.

وقد صرح عرفات في أكثر من لقاء دولي عن نيته بإعلان قيام دولة فلسطين المستقلة في 4 أيار 1999. مع معارضة الإسرائيليين والأمريكيين لهذا الإعلان وخاصة بالوقت الحالي حيث يتذرع الأمريكيون بأن الوقت غير مناسب.

وفي 14 كانون الأول 1998 زار كلينتون مدينة غزة الفلسطينية، وحضر مصادقة أعضاء السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير على إلغاء بنود الميثاق الوطني التي تدعو إلى تدمير إسرائيل وعدم الاعتراف بوجودها. وكانت هذه القمة بمثابة دعم أمريكي للفلسطينيين. ومع كل ذلك فإن الإسرائيليين لم يقابلوا تلك المبادرة بحسن النية بل كعادتهم (وخاصة نتنياهو) رفض الانسحاب من أي شبر جديد. الأمر الذي زاد في إضعاف شعبيته في إسرائيل، فدعا الكنيست الإسرائيلي إلى حل نفسه في 21 كانون الأول 1998 تحضيراً لانتخابات مبكرة.

المفاوضات في عهد حكومة باراك:
 

 يسبب الضغوطات الأمريكية على الفلسطينيين، ونظراً لموعد قرب الانتخابات الإسرائيلية في 15/أيار/ فقد أجل ياسر عرفات موعد إعلان قيام دولة فلسطين حتى لا يكون ذلك داعماً لنتنياهو في الانتخابات الى وقت آخر.

وبالفعل فقد مني الليكود بهزيمة أمام منافسة حزب العمل. وفاز ايهود باراك الذي كان قد صرح أثناء حملته الانتخابية عن تصميمه على المضي قدماً في عملية السلام مع الفلسطينيين. والعرب بشكل عام. وعلى نيته كذلك بالانسحاب المبكر من جنوب لبنان. بدأت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الجديدة لتطبيق اتفاق «واي بلانتيشن» وقد واجهت المتفاوضين عدة صعوبات.

وبعد ماراثون طويل من المفاوضات، وقع المفاوضون الفلسطينيون واليهود في 2 أيلول (سبتمبر) 1999 اتفاق «واي2» في احتفال أقيم في منتجع شرم الشيخ بمصر بحضور وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت وايهود باراك وياسر عرفات وعمرو موسى وزير الخارجية المصرية إلى جانب ملك الأردن عبد الله الثاني.

خطة خارطة الطريق:

في عام 2003 م سلمت اللجنة الرباعية-المكونة من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوروبا والأمم المتحدة والمكلفة بالإشراف على عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين-خطة الطريق الأمريكية-التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة بحلول عام 2005 م-إلى كل من إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية وفي أيار من نفس العام وبعد أيام من تسلمها لخطة خارطة الطريق أعلن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عن قبولهما بها.

في شهر أيار عام 2003 تم استحداث منصب جديد في القيادة الفلسطينية من خلال منصب رئيس الوزراء الذي أوكلت له بعض الصلاحيات التي كانت من اختصاص الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وقد عين محمود عباس (أبو مازن)في هذا المنصب.لكن أبو مازن لم يبق طويلاً في هذا المنصب إذ استقال بعد 90 يوماً فقط من توليه منصب رئاسة الوزراء ليحل محله أحمد قريع.

وفي 22 من شهر آذار العام 2004استشهد الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس واثنان من مرافقيه على إثر هجوم صاروخي استهدف الشيخ ياسين بينما كان عائدا من أداة صلاة الفجر في مسجد المجمّع الإسلامي القريب من منزله مدينة في غزة .

 

 

سكريبت الوطن العربي - شبكة الشموخ الأدبية

عداد الزوار

 

 

 

أرشفة شبكة الشموخ الأدبية للإتصال والإستفسار
HTML htmlMAP

RSS2

0096566288577 الكويت
 sitemap.php XML

MAP

00966556779065 السعودية
tags RSS

sitemap

0096524579965 فاكس - الكويت
الاتصال بنا - الأرشيف - الأعلى - privacy-policy / سياسة الخصوصية - About

[email protected]

البريد الإلكتروني
اقسام شبكة الشموخ الادبية

شموخ العام - منتدى الإسلام - منتدى العام - منتدى الإعلام والأعلام - منتدى الترحيب والمناسبات - شموخ الأدب - منتدى الشعر الشعبي - منتدى المواهب الواعدة - منتدى المحاورة والألغاز - منتدى التراث والمنقول - منتدى المقالات والنقد - منتدى الشعر الفصيح - منتدى الخواطر والنثر - منتدى القصص والروايات - شموخ المجتمع - منتدى الأسرة - منتدى الطب والعلوم - منتدى الفن - منتدى الرياضة - منتدى التسلية والترفية - شموخ التقنية - منتدى البرامج والإتصالات - منتدى التصميم والجرافيكس - منتدى الدعاية والإعلان

كلمات البحث

الشعر الشعبي الشموخ الثقافة التراث الأدب النقد الشعر الفصيح المحاورة الالغاز قصائد صوتية قصائد كتابية دواوين شعرية اخبار الشعراء قصائد صوتية القصة الرواية الشاعرة قصص البادية مقالات مهرجانات صحافة شعراء الخليج شعر غزل مسجات أبيات شعرية المواقع الادبية لقاء الشاعر الخواطر النثر شاعر المليون القنوات الشعرية المجلات الشعرية مهرجان الجنادرية هلا فبراير youtube الشعر وكالة انباء الشعر أنباء الشعراء شعراء ليبراليين الشعر الجاهلي العباسي المعنى سمان الهرج قصيدة الشاعرة دواوين الشاعرات صور الشعراء البادية التراث القبائل

جميع المشاركات تعبّر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر الإدارة
جميع الحقوق محفوظة لـ :
شبكة الشموخ الأدبية